سياح خارج مزارات كربلاء الدينية (نيويورك تايمز)
سياح خارج مزارات كربلاء الدينية (نيويورك تايمز)
الأحد 19 سبتمبر 2021 / 11:34

كربلاء.. مرتع للميليشيات الإيرانية

سلط تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على حقيقة أن مدينة كربلاء المقدسة في العراق باتت اليوم مرتعاً للميليشيات المدعومة من إيران التي لا تنفك عن بث الفوضى والخوف بين قاطنيها.

وأشارت الصحفية جين عراف أن المدينة الواقعة في جنوب العراق التي تجتذب مزاراتها ذات القبب الذهبية الحجاج الشيعة من جميع أنحاء العالم، باتت اليوم نقطة اشتعال في الصراع الداخلي في العراق بشأن عشرات الميليشيات القوية المدعومة من إيران. وقد باتت اليوم مرجلاً للجماعات المسلحة المتنافسة والمصالح السياسية بدلاً من أن تُعرف بأنها مكان هادئ للصلاة وللدراسة.

أقوى الميليشيات اليوم هي تقنياً تحت سلطة الحكومة العراقية، إلا أنها قوة عسكرية منفصلة بحد ذاتها، تهاجم أعداءها بما في ذلك الميليشيات المتنافسة والمواقع العسكرية الأمريكية والمتظاهرين المناهضين للحكومة.



المتظاهرون الذين رفعوا الصوت للحصول على فرص عمل ووضع حد للفساد، دعوا أيضاً إلى إنهاء النفوذ الإيراني، الذي يلقون باللوم عليه بتسببه بالكثير من مشاكل العراق. من جهتها، تتخذ إيران موقفاً واضحاً في كربلاء، خشية على ما يبدو أنه إذا فقدت نفوذها هناك، ستتبعها مدن أخرى في قلب العراق الشيعي.

وترى كاتبة التقرير أن الميليشيات، بمساعدة جهاز شرطة غير فعالة وجهود حكومية غير مجدية إلى حد كبير لتقديم قتلة النشطاء إلى العدالة، قد انتصرت. تقريباً كل الميليشيات الرئيسية لها وجود في كربلاء. لقد باتت الحركة الاحتجاجية في تلك المدنية إلى حد بعيدة متسترة وتعمل بالخفاء، لا سيما مع استمرار تعرض عناصرها للتهديدات والاعتقالات التي طالبت حتى قاداتها.

ففي 9 يونيو (حزيران)، أخلت السلطات العراقية، سراح القيادي البارز في ميليشيات الحشد الشعبي، قاسم مصلح الذي يعد مقرباً لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، لـ"عدم كفاية الأدلة" في الاتهامات التي تلاحقه، بعد أن كانت القوات العراقية ألقت القبض على مصلح في أواخر مايو (أيار) الماضي، بتهمة التورط في اغتيال الناشط إيهاب الوزني في مدينة كربلاء، جنوب بغداد.



ويقول الزميل الباحث في مؤسسة "سانتشوري" الفكرية مقرها الولايات المتحدة، سجاد جياد، إن "الفكرة البارزة المتمثلة بكربلاء أنه من المفترض أن تكون المكان الذي قاوم فيه حفيد النبي محمد خلال معركة غير متكافئة لأنه عارض الدولة في ذلك الوقت، ولأنه أراد أن يختار الناس قادتهم، لأنه أراد الحرية". وعليه فإن التاريخ الذي تحمله المدينة يعطي الاحتجاجات في كربلاء صدى خاصاً.

ويتابع جياد أنه في حال تغير الوضع القائم حالياً في المدينة، فمن المؤكد أن الأحداث نفسها ستحدث في مكان آخر، في النجف وفي البصرة وفي مدن أخرى حيث المخاطر كبيرة بنفس القدر. إن كربلاء قد تكون الشرارة لشيء ما".

ولكن بالوقت الحالي، الشرارة الوحيدة تخرج من فوهات بنادق القتلة.

على الورق، من المفترض أن تكون الشرطة المحلية المسؤولة عن الأمن خارج العتبات المقدسة، لكن معظم سكان كربلاء يقرون بأن هذا الجهاز هو العنصر الأضعف في السلسلة الأمنية. وتضم القوات الأمنية مجموعة من الجماعات شبه العسكرية، بما في ذلك كتائب حزب الله، وهي ميليشيا مدعومة من إيران اتُهمت بقتل مقاول عسكري أمريكي، وهناك أيضاً مجموعة شبه عسكرية موالية لمقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الشعبوي.

ويقول جياد إن "هناك توازن غير مستقر للقوى".

وعليه، تستمر عمليات القتل، ما يعني أن وعد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بإنهاء الفساد وتوفير الوظائف يبدو حلماً بعيد المنال.