غواصة أوسترالية.(أرشيف)
غواصة أوسترالية.(أرشيف)
الإثنين 20 سبتمبر 2021 / 09:48

لماذا أمّنت واشنطن درّة تاجها العسكرية لأستراليا؟

عرض كبير محللي اقتصادات الدفاع في "المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية" ماركوس هيليير المكاسب والضغوط التي تواجهها أستراليا بعدما اتفقت مع الأمريكيين والبريطانيين على شراء غواصات نووية، متخلية بذلك عن صفقة مشابهة إلى حد ما وقعتها مع فرنسا سنة 2016.

الولايات المتحدة لا تؤمن درة تاجها في التكنولوجيا العسكرية إلى أوستراليا إذا لم تكن تريد استخدامها عندما تطلب المساعدة

 يظهر هيليير كيف تغير الوضع السياسي اليوم بشكل كبير عما كان عليه منذ خمس أو ست سنوات. ففي 2015، حين ذهب الأوستراليون ليبحثوا عن تصميم لأسطول غواصاتهم الجديد، لم يدرسوا قط طلب الحصول على غواصات نووية، وفي جميع الأحوال، لم تكن أي دولة لتقبل بتوفيرها لهم.

مكاسب

اليوم، طلب الأستراليون غواصات ذات دفع نووي وسيحصلون عليها من شركائهم الأمريكيين والبريطانيين. ويشير الكاتب إلى أن هذا التغير مدفوع بسلوكيات دولة لم يسمها أي من القادة الثلاثة في إعلان الخميس. لا يشكك هيليير في أن غواصات الدفع النووي تناسب أنواع العمليات التي تقودها أوستراليا في منطقة الإندو-باسيفيك أكثر بكثير مما هي الحال مع الغواصات التقليدية "أتاك كلاس" التي ألغتها الحكومة الأسترالية. بفضل الطاقة غير المحدودة والتي توفر نطاق عمل وتحمل وسرعة أكبر بكثير، ستتمتع الغواصات النووية بقدرة أعظم على الفتك والنجاة. وستعيد تشكيل حسابات أي عدو محتمل في المنطقة، وهذا هو الردع. من المؤكد أنها ستعطي أستراليا المزيد من الوزن الاستراتيجي وتظهر للولايات المتحدة وآخرين أن أستراليا تتحمل مسؤوليتها ضمن الحلف.

أكلاف
على الجانب السلبي، ستفرض الإمكانات الأعظم كلفة أكبر. فالوزن وكيل جيد لرفع الكلفة في عالم الغواصات حيث ستكون الأخيرة أكبر بكثير. وهذا قبل البدء حتى باحتساب النفقات العامة المتعلقة بتشغيل غواصات ذات دفع نووي بشكل آمن ومسؤول. أشارت الحكومة إلى أنها تريد تغطية هذه الكلفة وإلى أن وزارة الدفاع لن تضطر إلى التخلي عن أي من خطط الاستحواذ الخاصة بها لإيجاد الأموال. وهذه إشارة أخرى إلى مقدار تغير العالم. بحسب هيليير، انتهت الأيام التي أمكن فيها لأستراليا التمتع بسلام وازدهار لا مثيل لهما مقابل بوليصة تأمين تكلف 2% من الناتج القومي للحصول على دعم أمريكي لأمنها. لقد تجاوزت أوستراليا ذلك المعيار القديم للإنفاق الدفاعي.

متى تصل الغواصات؟
من جانب آخر، كتب هيليير، لم تكن أستراليا الخميس أقرب للحصول على غواصات مما كانت عليه الأربعاء. في الواقع، لقد أصبحت أستراليا على مسافة زمنية أبعد بما أن الحكومة تظن أن الخطة الجديدة ستستغرق سنوات أطول للتحقق. في إطار تحديثها للاستراتيجية الدفاعية السنة الماضية، قالت الحكومة إنها لا تستطيع الاعتماد على فترة زمنية تحذيرية حيال النزاعات الإقليمية مدتها فقط 10 أعوام. لكن اليوم، على الأستراليين الانتظار لحوالي 18 عاماً حتى يحصلوا على أول غواصة نووية، وسينتظرون على الأرجح لأكثر من 30 عاماً للحصول على الغواصة الثامنة. ولا يزال الأستراليون يواجهون السؤال الصعب حول كيفية تمكنهم من الحصول على الإمكانات العسكرية بسرعة في عقد من الزمن يزداد خطورة.

لماذا تخلت أستراليا عن عقدها الأول؟
يذكر الكاتب أن 18 عاماً هي فترة طويلة. إنها عبارة عن ستة انتخابات. نجا عقد غواصات "أتاك كلاس" من إحداها. في مواجهة أكلاف متصاعدة وجدول زمني بطيء، لم يكن بإمكان الحكومة الأسترالية أن تواجه ضغط الرأي العام. وأصبحت جلسات استماع اللجان البرلمانية تمارين قاسية في المساومة حول نسبة الصناعة الدفاعية الأسترالية في قطاع الغواصات عوضاً عن مناقشة حماسية بشأن الإمكانات الدفاعية. في نهاية المطاف، وبفعل فقدان مدافعين مقنعين عن المشروع، دخل برنامج أتاك كلاس الوقت البدل عن ضائع منتظراً بديلاً أفضل.
لا يمكن للحكومة تحمل أن يحدث ذلك لبرنامج الغواصات النووية. والأمر نفسه ينطبق على الحكومات المستقبلية بصرف النظر عن قناعاتها السياسية. لم يتبق وقت إضافي كي تستطيع الحكومة التخلي مجدداً عن المشروع الجديد. سيكون عمر غواصات كولينز الحالية حوالي 40 عاماً حين تدخل مرحلة الاستبدال بالمشروع الجديد.

شراكة أبدية

علاوة على ما سبق، لا تستطيع صدقية أستراليا أن تنجو من تغيير آخر في مسار الغواصات. هي خيبت آمال اليابانيين أولاً ثم همشت الفرنسيين لاحقاً. لذلك، هي لا تستطيع رفض العرض التاريخي للحليف الأبرز، بعدما تقدمت بهذا الطلب ولبته الولايات المتحدة. ربما شعر رئيس الوزراء الحالي سكوت موريسون بأنه غير راغب بالدفاع عن برنامج ورثه عن سلفه مالكولم تورنبول، لكن إحدى سخريات القدر هنا أنه يورث خلفاءه برنامجاً أكبر إلى درجة أنه لن يكون لديهم أي خيار سوى تعزيزه. سيكون هنالك عمل صعب جداً. وإضافة إلى الغواصات نفسها، لقد أورث خلفاءه سياسة أوستراليا الخارجية. هذا ما تعنيه "الشراكة الأبدية" بحسب كلمات موريسون.

درة تاجها

إذا كان هنالك أي شك حول ما ستفعله أستراليا في حال اندلع نزاع مسلح بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان أو بحر الصين الجنوبي فإنه قد تبدد الآن. يوضح هيليير أن الولايات المتحدة لا تؤمن درة تاجها في التكنولوجيا العسكرية إلى أوستراليا إذا لم تكن تريد استخدامها عندما تطلب المساعدة.