الإثنين 20 سبتمبر 2021 / 11:25

ناشونال إنترنست: فك الارتباط بأفغانستان يحفّز على عودة الإرهاب العالمي

حذّر الزميل الأول لشؤون الأمن القومي في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية جيمس أس روبنز من أن فك الارتباط الأمريكي والغربي بأفغانستان بشكل كلي يُحفّز عودة الإرهاب العالمي.

أظهر المتحدثون باسم طالبان صورة ألطف لعالم يتذكرهم في الغالب على أنهم متطرفون أصوليون متخلفون اضطهدوا النساء ووفّروا ملاذاً آمناً للإرهاب. لكن هل تغيّروا حقاً؟

وكتب روبنز، في تقرير لموقع "ناشونال انترست"، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ترغب بنسيان أمر أفغانستان ونهايتها المأسوية والمهينة لالتزام واشنطن على مدى عشرين عاماً تجاه هذا البلد.

لكنه نقل عن وزير الداخلية الأفغاني السابق مسعود أندرابي قوله إن استمرار المشاركة هو مفتاح لكل من المصالح الأمريكية والأفغانية، بينما يُمكن لفك الارتباط الأمريكي في هذا الوقت الحرج، أن يزرع بذور عودة الإرهاب العالمي.

طالبان والإرهاب
وبينما أعلنت واشنطن رغبتها بالعمل مع طالبان لمحاربة تنظيم "داعش"، أكد أندرابي أن "العلاقة بين طالبان والجماعات الإرهابية الأخرى واحدة، لا فرق بينهما. إنهم الذراع التكتيكي لقدرة طالبان القتالية. وهذا يشمل تنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية العشرين الموجودة في البلاد. المقاتلون الأجانب أصبحوا جزءاً من المشهد الأفغاني".

واعتبر أن هذه العلاقات الوثيقة يُمكن أن تحفز عودة المخاوف الأمنية التي كانت موجودة قبل عشرين عاماً عندما قدمت طالبان ملاذاً آمناً للقاعدة لتطوير شبكة إرهابية عالمية ستضرّ بالمصالح في الداخل الأمريكي أو بمصالحها في المنطقة".
ويقول الكاتب إن فك الارتباط مع أفغانستان كان الخطأ الجسيم الذي ارتكب في التسعينيات في أعقاب الحرب السوفيتية في أفغانستان. لم يتم إيلاء اهتمام كاف للتهديد الجهادي المتنامي في أفغانستان، ما جعل الولايات المتحدة معرضة للإرهاب العابر للحدود الذي أدى إلى هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001.

الحاجة لاستمرار الارتباط
وقال أندرابي: "أولاً، على الولايات المتحدة وحلفائها متابعة المشاركة الاستخباراتية لسنوات، والتي ستكون الآن أكثر صعوبة بسبب انتهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان وحالة عدم الثقة بين الأفغان"، مضيفاً أن "نشاط أجهزة الاستخبارات أمر حيوي في مراقبة التهديد الإرهابي الناشئ. إذا لم يكن هناك ارتباط عميق وجمع معلومات استخباراتية عنهم، وعن معسكراتهم التدريبية ومناطق أخرى، فعندئذ سيشكلون بالتأكيد تهديداً كبيراً على مرّ السنين".

وأضاف: "ثانياً، ينبغي على الحلفاء تطوير العلاقات مع الجماعات والأشخاص الذين يعارضون حركة طالبان، وإشراكهم وتشجيعهم على المقاومة من خلال أصواتهم وأنشطتهم من أفغانستان ومن خارج البلاد".

تدعم الجيوب المعارضة
ورجّح أندرابي تشكيل جيوب معارضة قوية، وذكر على سبيل المثال، إقليم بانشير، الذي كان مركز مقاومة خلال نظام طالبان الأول والاحتلال السوفيتيي.

وعلى الرغم من التقارير التي تتحدث عن نجاح طالبان في بانشير، "لا تزال الجماعات المسلحة نشطة وستكون في النهاية قادرة على محاربة طالبان"، يقول أندرابي الذي حثّ الإدارة الأمريكية على "الاحتفاظ بهذه الجيوب الموجودة هناك، وتشجيعها، ودعمها، لتتمكن من القيام بنشاط حقيقي".

هل يمكن أن يؤدي هذا إلى مشاركة عسكرية أمريكية مستقبلية كما في عام 2001، مع قيام قوات العمليات الخاصة والقوات شبه العسكرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية بتزويد قوات المقاومة الأفغانية بالدعم الجوي والوصول إلى الأصول الأخرى؟

يقول أندرابي: "في مرحلة ما، عندما نشهد أن الخلايا (الإرهابية) تنشط مع احتمال إلحاق الأذى خارج أفغانستان، بالتأكيد يجب أن يكون هذا خياراً مطروحاً على الطاولة".

صورة لطيفة غير حقيقية
أظهر المتحدثون باسم طالبان صورة ألطف لعالم يتذكرهم في الغالب على أنهم متطرفون أصوليون متخلفون اضطهدوا النساء ووفّروا ملاذاً آمناً للإرهاب. لكن هل تغيّروا حقاً؟

"من هي طالبان؟" يسأل أندرابي، مضيفاً "حضر عشرون شخصاً في مفاوضات الدوحة، يتحدثون مع الجمهور، كلمات طيبة. لكن طالبان الحقيقية هي الجماعات التي كانت تقاتل وتقتل الكفار. إنهم تجار مخدرات وإرهابيون وعناصر أخرى. من قال إنهم تغيروا؟ ".

اعتدال نسبي
وفقاً لاندرابي، تتحدّث طالبان فقط عن الاعتدال في المناطق التي تحصل على تغطية إعلامية، ولكن في أماكن أخرى هناك مذابح تحدث ضد الأشخاص الذين يعارضونها“، مشيراً إلى أن "آخر ضحايا وحشية طالبان كان المطرب الشعبي فؤاد أندرابي الذي تم إخراجه من منزله وإطلاق النار على رأسه لارتكابه جريمة صنع الموسيقى".

كانت حكومة طالبان القديمة منبوذة دولياً، وتفتقر إلى الاعتراف الرسمي من جميع البلدان باستثناء عدد قليل منها، ودينت بشدة بسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان. وتُحاول طالبان "الجديدة" تغيير هذا التصور، لكن هل سينجحون؟

أسوأ سيناريو
يُجيب أندرابي: "لا أعتقد ذلك، إلا إذا خرجوا واعتقلوا آلاف الإرهابيين، واعتقلوا قادة الجماعات الإرهابية المختلفة، وأعلنوا أنهم سيُجرون انتخابات ويسمحون للمراقبين الدوليين بالتواجد هناك"، لكنه رغم هذا، كان متشككاً في إمكانية حدوث أي من هذا.

وشرح أن "أسوأ سيناريو هو عدم الاعتراف بهم من قبل أي شخص، وسيركض الإرهابيون وراء الكواليس، وستقوم طالبان ببعض الاجراءات مثل إبقاء النساء داخل منازلهن والقتل هنا وهناك. هذه هي الحالة الأسوأ ، ولكنها مرجّحة جداً".

و لفت إلى أن حرباً أهلية يمكن أن تغيّر طالبان بحيث "يتم استبدال الراديكاليين الذين يشكلون القيادة الأساسية للمجموعة من العناصر المعتدلة في الحركة- إن وجدوا على الإطلاق- كونهم راغبين في تشكيل حكومة مسؤولة وطرد الإرهابيين من أفغانستان.

ويعتقد اندرابي أن الأمر قد يتطلب حرباً مع طالبان حتى تتغيّر، حيث تم استبدال الراديكاليين الذين يشكلون القيادة الأساسية للمجموعة من قبل "طالبان- المعتدلين"، إن وجدوا على الإطلاق، الراغبين في تشكيل حكومة مسؤولة و طرد الإرهابيين من أفغانستان.