الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 / 11:32

ناشونال إنترست: فرنسا وأمريكا ستتجاوزان أزمة الغواصات

توقع نائب رئيس "مركز ناشونال إنترست" دوف زاخيم أن تتمكن واشنطن وباريس من تخطي الخلاف حول قضية الغواصات الأوسترالية. سرد زاخيم في البداية خلفيات الأزمة وسلسلة من النقاط المثيرة للاهتمام. إن إلغاء أوستراليا شراء 12 غواصة فرنسية تعمل بالدفع التقليدي لصالح غواصات ذات دفع نووي ومدعومة أمريكياً وبريطانياً أشعل عاصفة غضب في باريس

ليس مرجحاً لهذا الجدل أن يلحق ضرراً مستداماً بالعلاقات الأمريكية-الفرنسية. لقد حدث الأمر نفسه حين رفضت فرنسا دعم الاجتياح الأمريكي للعراق مما أدى إلى إغضاب واشنطن

وأعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أن الخبر سيئ جداً في ما يتعلق بالتزام المرء تعهداته. وذهب وزير الخارجية جان-إيف لودريان أبعد من ذلك واصفاً الصفقة الجديدة بـ"الطعنة في الظهر" وهي عبارة استخدمها الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى من أجل لوم المدنيين واليسار واليهود على الهدنة التي أنهت تلك الحرب. كما وصف الاتفاق الجديد الذي تضمن بنداً بنقل التكنولوجيا بأنه نتاج "الازدواجية والازدراء والأكاذيب".

وفي ما بدا أنه فقدان للقدرة على ضبط النفس، أضاف لودريان أن "هذا القرار غير الفجائي والأحادي والوحشي يشبه كثيراً ما اعتاد ترامب على القيام به". وأصدر الوزيران بياناً مشتركاً حمّلا فيه الولايات المتحدة وأوستراليا المسؤولية عما آلت إليه الأمور ذاكرين أن القرار الأمريكي ينقصه التناسق وهو ما تلاحظه فرنسا وتأسف عليه. وللمرة الأولى على الإطلاق، استدعت باريس سفيريها في واشنطن وكانبيرا. ولكنها لم تستدعِ سفيرها في بريطانيا لأن الأخيرة لم تكن سوى طرف "لا لزوم له" في الترتيب الثلاثي بحسب الفرنسيين.

المؤشرات كانت واضحة
يوضح زاخيم أن برنامج الغواصات الفرنسية كان مصدر قلق لفترة غير قصيرة. قارب ثمنه الأساسي 36 مليار دولار لكن كلفته تضاعفت إلى 65 ملياراً فارضة عبئاً مالياً ثقيلاً على وزارة الدفاع الأوسترالية التي تقل موازنتها الدفاعية السنوية عن 30 مليار دولار. علاوة على ذلك، لم تكن أوستراليا ستستلم غواصتها الأولى قبل سنة 2035. وأشار وزير الدفاع الأوسترالي السابق إلى عدم رضا بلاده عن المشروع في 2019. بالتالي لم يكن هنالك من داع كي يتفاجأ الفرنسيون.

وفي زيارته إلى باريس في يونيو (حزيران) 2021، أوضح رئيس الحكومة الأوسترالية سكوت موريسون للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن كانبيرا كانت غير مسرورة إلى حد بعيد عن وتيرة وكلفة البرنامج الفرنسي للغواصات. وأعلن أن بلاده مستعدة لدفع حوالي ملياري دولار أمريكي كموجبات إنهاء لخدمة مجموعة نافال الفرنسية المسؤولة عن إنجاز البرنامج.

أمر غير معقول
بحسب الكاتب، كان على عدم رضا موريسون أن ينبه الفرنسيين إلى أن العقد كان في ورطة عميقة. علاوة على ذلك، إن عدم تمتع المخابرات الفرنسية بالحد الأدنى من المؤشرات إلى أن أوستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة كانت تعد اتفاقاً في ما بينها هو أمر غير معقول وفقاً لزاخيم. تواصل المسؤولون الأوستراليون مع نظرائهم الأمريكيين بعد فترة قصيرة على تولي إدارة بايدن مهامها مشيرين إلى أنهم أرادوا التخلي عن ترتيباتهم مع الفرنسيين.

والقول إن باريس تحتج كثيراً يمكن أن يخضع للجدل. يسعى ماكرون إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية في 2022 واحتمالات ذلك غير مؤكدة. تظهره استطلاعات الرأي الأخيرة متمتعاً بتأييد 24% من الفرنسيين. وتحل زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان خلفه بـ 23%. إن إثارة شكوك ديغولية بـ"الأنغلوساكسون"، خصوصاً أن الدول الثلاث هي جزء من برنامج "الأعين الخمس" الاستخباري (إلى جانب كندا ونيوزيلندا)، هي أفضل طريقة لتعزيز شعبيته. وتمكن هذه القضية ماكرون من حض حلفائه الذين لم يعلموا أيضاً بهذا الاتفاق على وجوب دراسة مقترحه حول "الاستقلالية الاستراتيجية" لأوروبا.

لا ضرر مستداماً

على الرغم من كل ذلك، تابع زاخيم، ليس مرجحاً لهذا الجدل أن يلحق ضرراً مستداماً بالعلاقات الأمريكية-الفرنسية. لقد حدث الأمر نفسه حين رفضت فرنسا دعم الاجتياح الأمريكي للعراق مما أدى إلى إغضاب واشنطن. لم يمنع ذلك الحدث الطرفين من العمل معاً في أفغانستان والمحيط الهندي وأماكن أخرى. ولم يسحب الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك فرنسا من القيادة العسكرية المشتركة لحلف شمال الأطلسي كما فعل شارل ديغول سنة 1966.

كما شفي جرح العراق بسرعة نسبية، سيتم تخطي هذه الأزمة بحسب الكاتب. تدرك فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وأوستراليا أهمية الحاجة لمواجهة صين متجرئة. ويدرك القادة في بيجينغ أن غواصات نووية سريعة ومسلحة بشدة تفرض أعظم تهديد على قواتها البحرية والمتنوعة. لهذا السبب، ليس مفاجئاً أن تهاجم الصين هذا الاتفاق بقسوة تضاهي إن لم تتخط قسوة الانتقاد الفرنسي.