القيادي في ميليشيا لواء الصمود الإخوانية في ليبيا صلاح بادي (أرشيف)
القيادي في ميليشيا لواء الصمود الإخوانية في ليبيا صلاح بادي (أرشيف)
الخميس 23 سبتمبر 2021 / 10:43

على خطى طالبان...أحزاب الإسلام السياسي تستيقظ من جديد

عبدالمنعم ابراهيم - أخبار الخليج

لنتوقف‭ ‬أمام‭ ‬ثلاثة‭ ‬أخبار‭ ‬حدثت‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬دول‭ ‬عربية، ‬الأول‭ ‬حدث‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬حين‭ ‬أعلنت‭ ‬الحكومة‭ ‬السودانية‭ ‬إحباط محاولة‭ ‬انقلابية، ‬متهمة‭ ‬ضباطا‭ ‬من‭ ‬فلول‭ ‬النظام‭ ‬البائد‭ ‬بتنفيذها،‭ ‬وقال‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السوادنية‭ ‬عبدالله‭ ‬حمدوك‭ ‬‮‬إن‭ ‬المحاولة‭ ‬كانت‭ ‬تستهدف‭ ‬الثورة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬من‭ ‬إنجازات‬‭.‬

الخبر‭ ‬الثاني‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬ليبيا، ‬حيث‭ ‬صوت‭ ‬البرلمان‭ ‬الليبي‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬على‭ ‬حجب‭ ‬الثقة‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬التي‭ ‬يرأسها‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الدبيبة،‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقررة‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬يوم. ‬ومنذ‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬تغرق‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬والفوضى‭ ‬والصراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭.‬

الخبر‭ ‬الثالث‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬تظاهر‭ ‬مئات،‭ ‬بينهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬‮‬حزب‭ ‬النهضة‮‬‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬ضد‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭، ‬كما‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬التظاهرة‭ ‬أنصار‭ ‬‮‬ائتلاف‭ ‬الكرامة‮‬،‭ ‬وهو‭ ‬حزب‭ ‬محافظ‭ ‬متشدد‭ ‬حليف‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭.‬

العامل‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬السودان،‭ ‬وليبيا،‭ ‬وتونس‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬نفوذ‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬وحكم ‬الإسلام‭ ‬السياسي ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬وحين‭ ‬شعر‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬التيارات‭ ‬الإسلاموية ‬بخسائر‭ ‬فادحة‭ ‬سياسياً‭ ‬وشعبياً‭ ‬تحركت‭ ‬لإعادة‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬عسكري‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬المليشيات‭ ‬الإخوانية‭ ‬المسلحة‭ ‬القبول‭ ‬بالانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬ليبيا، ‬التشريعية‭ ‬والرئاسية‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬ديسمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬التونسية‭ ‬الإخوانية‭ ‬القرارات‭ ‬الإصلاحية‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬لتحريك‭ ‬المظاهرات‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬وإجراءاته‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬صلاحيات‭ ‬ونفوذ‭ ‬‮‬الإخوان‮‬‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬ 

السودان،‭ ‬وليبيا،‭ ‬وتونس ثلاث‭ ‬دول‭ ‬يشهد‭ ‬فيها‭ ‬‮‬الإسلام‭ ‬السياسي‮ ‬مخاضاً‭ ‬عسيراً،‭ ‬ويحاول‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬أو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬السلطة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسرها، ‬وسبحان‭ ‬الله‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬تتنازل‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مثل‭ ‬لبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬والعراق،‭ ‬واليمن‭ ‬وتريد‭ ‬ابتلاع‭ ‬اقتصادات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ينازع‭ ‬‮‬الإسلام‭ ‬السياسي‬‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬‮‬الإخوان‭ ‬المسلمين‮‬‭ ‬للصراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بقاء‭ ‬نفوذه‭ ‬السياسي‭ ‬والعقائدي‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وليبيا،‭ ‬وتونس،‭ ‬وسوف‭ ‬تشهد‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ،‬للأسف‭،‬ تصعيداً‭ ‬سياسيا‭ً ‬واضطراباً‭ ‬أمنياً‭ ‬وقلاقل‭ ‬اجتماعية‭ ‬مفتعلة‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭.. ‬لماذا؟‭.. ‬لأن‭ ‬‮‬الإخوان‭ ‬المسلمين‮‬‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يخسروا‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وليبيا،‭ ‬وتونس،‭ ‬مثلما‭ ‬خسرها‭ ‬فرعهم‭ ‬الإخواني‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أطاحت‭ ‬به‭ ‬ثورة‭ ‬شعبية‭ ‬سندها‭ ‬الجيش‭ ‬المصري‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

ويبقى‭ ‬السؤال، ‬لماذا‭ ‬تحرك‭ ‬‮‬الإسلام‭ ‬السياسي‮‬‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬لاسترجاع‭ ‬نفوذه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وليبيا‭، ‬وتونس؟‭ ‬ولماذا‭ ‬الآن‭ ‬بالذات؟

يعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الزخم‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬عودة‭ ‬‮‬حركة‭ ‬طالبان‮‬‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬خسارتهم‭ ‬الحكم‭ ‬هناك‭ ‬وهذا‭ ‬التحول‭ ‬السياسي‭ ‬الراديكالي‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬خلق‭ ‬شعوراً‭ ‬إيجابياً‭ ‬مفرحاً‭ ‬لأحزاب‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬بأن‭ ‬تبسط‭ ‬نفوذها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬مستلهمة‭ ‬‮‬النصر‭ ‬الطالباني‮ ‬‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬كحافز‭ ‬ومحرك‭ ‬سيكولوجي‭ ‬وسياسي‭ ‬وعقائدي‭ ‬للتحرك‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ومحاولة‭ ‬انتزاع‭ ‬السلطة‭ ‬والحكم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬‮‬المرشد‮‬‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭!‬

سبب‭ ‬آخر‭ ‬أيضاً‭ ‬يدخل‭ ‬ضمن‭ ‬حوافز‭ ‬عودة‭ ‬‮‬الإسلام‭ ‬السياسي‮‬‭ ‬للتحرك‭ ‬والنهوض‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬السودان‭، ‬وليبيا،‭ ‬وتونس،‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وخليجية‭ ‬أخرى‭ ‬قادمة،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬احتضان‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬للإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬وللإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬تحديداً،‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬لهذه‭ ‬الجماعات‭ ‬الدينية،‭ ‬واستخدامهم‭ ‬قفازات‭ ‬ابتزاز‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وحكوماته، ‬وقد‭ ‬وجد‭ ‬هؤلاء‭ ‬التأثير‭ ‬الإيجابي‭ ‬للحاضنة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حين‭ ‬عقدت‭ ‬واشنطن‭ ‬صفقة‭ ‬تسليم‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬لحركة‭ ‬طالبان‭ ‬المتشددة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬حركات‭ ‬‮‬الإسلام‭ ‬السياسي،‬‭ ‬والإخوان،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأحزاب‭ ‬الطائفية‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬تجد‭ ‬أمامها‭ ‬ضوءاً‭ ‬أخضر‭ ‬أمريكياً‭ ‬ل‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬فعلته طالبان‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والزحف‭ ‬بالقوة‭ ‬والعنف‭ ‬لاستلام‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أيضاً،‭ ‬لإيمانها‭ ‬واقتناعها‭ ‬بأن واشنطن ستبارك‭ ‬خطواتها‭ ‬وتبارك‭ ‬تعميدها‭ ‬في‭ ‬السلطة.