الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الجمعة 24 سبتمبر 2021 / 12:57

سبكتايتور: بايدن غير محترف في السياسة الخارجية

يرى الكاتب السياسي بيتر فان بورين أنه بعد ثمانية أشهر من تولي بايدن الرئاسة الأمريكية، بات منطقياً تقييم خطواته في السياسة الخارجية، خاصةً أنه انتخب جزئياً بناء على وعده بتصحيح أخطاء ترامب في هذا الميدان.

وضع بايدن مصير الإجلاء وأرواح الناس بين أيدي طالبان، معتمداً على الحركة كي تلتزم باتفاقاتها وتوفر الأمن وتدقق في أوراق الأمريكيين المتوجهين إلى المطار

في مستهل مقاله بمجلة "سبكتايتور" في نسختها الأمريكية، تساءل فان بورين إذا كانت إنجازات بايدن في السياسة الخارجية مجر فراغ.

ويبدأ بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان فيكتب أنه توفر وقت طويل لبايدن لرسم خطة جديدة وللتفاوض على ما قد نسيه ترامب، لأن بايدن وفريقه كانا على معرفة بالفوضى الأفغانية التي ساهما في نشرها خلال ولاية أوباما.

هبوط حر بلا استعداد

وأضاف فان بورين أن الإدارة الحالية لم تبدأ الإجلاء بهدوء في فبراير (شباط) ولم تتفاوض مسبقاً على حقوق الهبوط في دول ثالثة، رغم إدراكها أنها ستحاج إليها. كانت الأخطاء التي ارتكبت في فيتنام عند إجلاء السكان المحليين الذين عملوا مع الأمريكيين معروفة، ومع ذلك، لم يطلق بايدن معالجة طلبات تأشيرات الهجرة الخاصة، إلا بعد تحديد موعد انطلاق آخر الرحلات.

لقد بدت عمليات الإجلاء مثل هبوط حر، دون تخطيط مسبق  "اهبط ببعض الطائرات واعرف إذا كان ذلك فعالاً".

توج سياسته بالكذب
وضع بايدن مصير الإجلاء وأرواح الناس بين أيدي طالبان، معتمداً على الحركة لتلتزم باتفاقاتها وتوفر الأمن، وتدقق في أوراق الأمريكيين المتوجهين إلى المطار، وبشكل عام، أن تكون طيبة مع الأمريكيين لحفظ ماء الوجه.

وحتى مع افتراض نوايا إيجابية لديها، فإن حركة طالبان تنظيم فضفاض، ينتمي إليه أمراء حرب محليين ومقاتلين متفرعين عن داعش، وهو ما يضمن إمكانية تدهور الأمور، كما حصل مع التفجير الإرهابي الذي قتل 13 أمريكياً والذي أنهى الإجلاء بشكل أساسي.

وفي استكمال للمهمة، كذب بايدن عندما تحدث عن هجوم انتقامي بطائرة دون طيار، ليضمن أن آخر تحرك أمريكي رسمي في أفغانستان كان قتل المدنيين. توج بايدن بذلك أكثر سلوك غير محترف في السياسة الخارجية منذ فترة طويلة.

ما أخطاؤه؟
كتب فان بورين أن بايدن ارتكب سلسلة أخطاء من بينها افتراض أن أعداءه يشاطرونه الأهداف نفسها ومن بينها أيضاً التفاوض بعد خسارة كل أوراق القوة، والفشل في التخطيط للأحداث المرتقبة، ثم لوم ترامب.

وبالنسبة إلى أي ديبلوماسي أجنبي في لندن، أو طوكيو، أو باريس أو بكين، سيكون السؤال "من المسؤول، إن وُجد مسؤول، في واشنطن؟".

ومن خطوات بايدن الأخرى في السياسة الخارجية الاتفاق الأخير مع أستراليا على بيعها غواصات جديدة، وتطرح هذه الخطوة أيضاً سؤالاً مشابهاً حسب الكاتب.

من المسؤول؟
ربما كانت أهم مشكلة تواجهها واشنطن في السياسة الخارجية، هي أن لا أحد يتولى المسؤولية وفقاً لفان بورين. الجواب الموسع هو أن هنالك العديد من المسؤولين، لكن عن أجزاء من الكل.

يحصل المراقبون على سياسة مشاهير، مثل لقاء ترامب بكيم، وجولة جون كيري حول العالم لحل مشكلة التغير المناخي، وسلسلة بلا نهاية من الموفدين الخاصين.

لبايدن 14 موفداً خاصاً، ما يغلف الهيكل الديبلوماسي الحالي بطقبة جديدة من البيروقراطية. يبدو أنه كلما زادت القضية أهمية أصبح الديبلوماسيون العاديون أعجز عن حلها. لكن أكبر لاعب حالياً في الشؤون الخارجية هو الجيش، حسب الكاتب، وأدرك بايدن للتو كيف تسير هذه الأمور.

في العديد من أنحاء العالم، خاصةً في آسيا وأفريقيا، يعد القادة العسكريون مراكز ثقل في الشؤون الأمنية، والديبلوماسية، والإنسانية، والتجارية، والإغاثية.

وعلى عكس السفراء الذين تنحصر ميزانياتهم وتأثيرهم في دولة واحدة، فإن للقادة العسكريين تأثير قاري. وعلى عكس البيت الأبيض الذي يتغير تركيزه باستمرار، فإن للجيش مصلحة وقوة بشرية للبقاء في كل مكان، فالاختصاص الزمني للجنرالات يفوق اختصاص الإدارات.

أزمة الغواصات
تقوم صفقة الغواصات حسب الكاتب على ديبلوماسية العضلات للجيش الأمريكي الذي يسعى إلى خوض حرب مع الصين على أمل تعزيز ميزانيته طيلة عقود، ولذلك فإن اتفاقاً جانبياً مع بريطانيا لنشر أحدث حاملات الطائرات في آسيا كان بالتأكيد جزءاً من الحزمة.

ويدفع هذا التوجه البريطانيين والأستراليين معاً إلى بحر الصين الجنوبي، مع تهميش الشريك الفرنسي الأطلسي، في الوقت نفسه. سحبت فرنسا سفيريها من واشنطن وكانبيرا، وهي التي لم تسحب سفيراً من الولايات المتحدة منذ التحالف بين البلدين في 1778.

وستتولى فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي السنة المقبلة ووعدت بالانتقام. ولذلك يستبعد الكاتب احتمال  تجنيد بايدن الفرنسيين في أي تحالف في المستقبل ضد الصين. لقد انتهت وعود المرشح بايدن بإصلاح التحالفات، بعد ترامب.

عن الملفات الأخرى
أشار الكاتب إلى أن بايدن لم يظهر أي مهارة في السياسة الخارجية في الأشهر الماضية، وسلم تنفيذها في الملف الأفغاني إلى سذّج أو عديمي كفاءة، وتفرّج على جيشه يرسم استراتيجية أمريكا الأوسع ضد الصين، ويضعف حلف شمال الأطلسي.

وفي المجالات الأخرى، لم يفعل بايدن الكثير، فلا مؤشرات على انتباهه لتهديدات نووية أخرى من إيران أوكوريا الشمالية، ولا تواصل بارزاً مع الناتو أو روسيا، ولا مع الصين على الإطلاق، ولا نظرة  حتى إلى إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو إلى أكثر دولة ديموقراطية سكاناً، الهند.

يعجز بايدن حتى ادعاء أنه يؤمن الاستقرار بالبقاء على مساره لأن ذلك يعني علناً أنه يدعم سياسات ترامب.

لا عزاء لبايدن
لقد عانت مجلة "فورين بوليسي" لذكر نجاحات بايدن في السياسة الخارجية، فلجأت إلى كتابة لائحة بإنجازاته مثل "العودة للانضمام إلى منظمات متعددة الأطراف، إعادة تجديد التحالفات، ومنح اللقاحات".

ويضيف فان بورين أن أوباما حصل على جائزة نوبل للسلام مقابل أقل من ذلك، لكن هذا الأمر لن يشكل عزاء كبيراً لبايدن المسكين الغارق في مشاكل يصعب عليه الخروج منها.