مظاهرة نسائية في كابول (أرشيف)
مظاهرة نسائية في كابول (أرشيف)
الأحد 26 سبتمبر 2021 / 15:42

محلل سياسي: الكفاح من أجل حقوق النساء الأفغانيات بدأ للتو

حققت المرأة الأفغانية خلال العشرين عاماً الماضية مكاسب عززت وضعها في البلاد، وزادتها قوة وصلابة، لكن يبدو أنها من المحتم سوف تشهد انتكاسة لانجازاتها في ظل حكم طالبان الحالي.

وقال الإعلامي المغربي أحمد الشرعي، عضو مجلس إدارة المجلس الأطلنطي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن "اضطهاد طالبان للنساء الأفغانيات والأقليات العرقية يكشف الوجه الانتقامي لهذه الحركة ذات النزعة الإسلامية المتطرفة ويؤكد الحاجة الملحة لإتخاذ إجراء جماعي ضد طغيانها".

وأضاف الشرعي، وهو أحد المستشاريين الدوليين لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن "اضطهاد النساء الأفغانيات واسع الانتشار وعديم الرحمة؛ إذ أنه يتم على نحو ممنهج وسريع استبعاد النساء من وظائفهن الحكومية وحتى من الوظائف غير السياسية تماماً التي لا تتطلب التعامل مع الجمهور مثل مهندسات تنقية المياه".

ولا تستطيع الطالبات الدراسة بعد سن الـ 12 عامًا، وفقدت المعلمات وظائفهن لأن الرجال فقط هم الذين يمكنهم التدريس للأولاد، وتابع "اتصل بي هاتفياً العديد من طلبة الجامعات من الولايات الأفغانية ليعبروا عن قلقهم إزاء مستقبلهم الغامض".

وبعض الاجحاف من جانب حركة طالبان تافه على نحو يثير الدهشة، ففي بعض الولايات ذات الطقس الحار والجاف، ترغم طالبان النساء الأفغانيات على إرتداء النقاب وكذلك الجوارب لتغطية أقدامهن.

يذكر أنه في فترة حكم طالبان السابقة في تسعينيات القرن الماضي، لم تكن الجوارب مطلوبة بالنسبة للنساء اللاتي ترتدين صنادل، ولكن في الوقت الحالي، ورغم أن الجوارب سرعان ما تصبح متسخة وغير مريحة، تقول طالبان إنها تحمي من الإغراء الجنسي الذي تمثله أصابع القدم المكشوفة.

ويوضح الشرعي أن شعب الهزارة، وهم أقلية عرقية ودينية في أفغانستان، من بين الأهداف الرئيسية لحركة طالبان، والهزارة مميزيون من ناحية البنية الجسدية ويتحدثون لغة مختلفة وغالباً ما يتعرضون للإساءة بصفة خاصة من جانب المتطرفين الأقصر طولاً ويتحدثون لغة البشتون الذين يتولون السلطة الآن.

وذكر الشرعي أنه على مدار عقدين من الزمن، كانت عناصر طالبان تقضي وقتها في المدارس الدينية الباكستانية في المناقشات والجدل والتخطيط، وخلال تلك السنوات الطويلة لم يتعلموا أي اعتدال.

وأكد الشرعي أنه لا يستطيع مقاتلو طالبان وقادتهم الذين لا يعرفون في حياتهم إلا الحرب والأسلحة أن يقبلوا التغيرات الإجتماعة والأقتصادية في المجتمع الأفغاني، وبصفة خاصة الاستقلال المالي للنساء المتعلمات والرخاء الذي حققته بشق الأنفس الجماعات العرقية غير البشتونية.

ويرى الشرعي أن مطالبة طالبان باحترام النساء أو حقوق الأقليات يعني مطالبتهم بالحفاظ على مكاسب النظام الذي أطاحوا به، وهذا الأمر يتعارض مع أيديولوجيتهم ومع استعدادهم للقيام بذلك.

وفي مدينة مزار شريف ـ عاصمة ولاية بلخ التي تتاخم حدود اوزبكستان، كانت هناك عدة عشرات من النساء والرجال متواجدين الأسبوع الماضي في ميدان دارواز جمهوري، الواقع شرق جامع المدينة الأزرق المهيب، وأسفل صورة كبيرة من السراميك للقائد أحمد مسعود، العدو اللدود لطالبان التي أصبح عناصرها القادة الجدد للمدينة، كانت حركة المرور كثيفة وقام بائعو الشوارع بإعداد أكشاكهم.

وبدأت مجموعة تضم 12 امرأة، تتراوح أعمارهن بين العشرين والثلاثين عاماً، ترددن شعارات باسم الحرية للمطالبة بحكومة تضم نساء، وكانت النساء اللاتي كن متوترات تعرفن أنه كان يتعين إبلاغ وزارة الداخلية بالأحتجاجات لكي يتم التصريح بالقيام بها.

وأقامت عناصر طالبان الذين وصلوا بسرعة، طوقاً أمنياً لمنع نساء آخريات من الإنضمام إلى المحتجات، وكذلك منع الشباب الذين جاءوا لدعمهن، وأشار الشرعي إلى أنه ربما تكون هذه المقاومة الشجاعة نتيجة 20 عاماً من الوجود الأمريكي في أفغانستان، الذي ساعد على تحويل النساء الأفغانيات إلى قوة سياسية حقيقية.

وتجسد نساء أفغانيات أكثر عدداً وتمثيلاً اليوم المقاومة الأخير لطالبان، وقال الشرعي "إن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكننا مساعدة تلك النساء اللاتي يتسمن بالشجاعة؟، لقد جمدت إدارة بايدن أموال الحكومة الأفغانية الموجودة في بنوك أمريكية، ويتعين أن يحذو الحلفاء الآخرون في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حذو الولايات المتحدة".

واستطرد الشرعي أنه يتعين أيضاً على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لرفض تقديم أموال لطالبان حتى تعترف بالحقوق المتساوية للمرأة.

ولكن فوق كل ذلك، يتعين تشديد مكافحة تصدير الأفيون، وبدون الهيروين والمخدرات الأخرى غير قانونية التي تقوم العصابات الإجرامية الأفغانية بنقلها إلى إيران لشحنها عبر الدول السوفيتية السابقة إلى روسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، سوف تصبح طالبان في حاجة ماسة للمال.

ومكافحة بلاء المخدرات وإرهاب طالبان هو ما يطلق عليه صانع السياسة بـ"الخطوتين الضروريتين المتلازمتين"، وأخيراً يتعين ممارسة الضغط على باكستان، الحليف الأكثر وثوقاً لطالبان.

ويمكن أن يتم تعليق مبيعات الأسلحة، وأشياء ذات قيمة بالنسبة لإسلام أباد، حتى يتم إرغام طالبان على الاستجابة لما هو مطلوب منها، وبالطبع يتعين على وزارة الخارجية الأمريكية أن تبذل قصارى جهدها للعمل مع طالبان لإخراج الأمريكيين المحاصرين وحلفائهم.

غير أن الشرعي قال إنه يجب ألا يكون هناك حديث عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع مجموعة إرهابية حتى تقوم بتطبيع تعاملها مع النساء والاقليات العرقية، واختتم تقريره بقوله إنه "من المحتمل أن يقوض التعامل مع نظام كابول كدولة طبيعية، بدون تحقيق تلك التغيرات الأسس التي توحد الولايات المتحدة وهي قيمها".