زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أولاف شولتز بعد إعلان فوز حزبه (رويترز)
زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني أولاف شولتز بعد إعلان فوز حزبه (رويترز)
الإثنين 27 سبتمبر 2021 / 15:34

فوز الاشتراكيين في الانتخابات الألمانية ينقد اليسار من الانهيار

كرس فوز الاشتراكيين الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية الألمانية نهضة حزب اعتبر إلى وقت قصير في طور الزوال، غير أنه نجح في إخماد خلافاته الداخلية، واغتنام تعثر المحافظين في أواخر عهد المستشارة أنجيلا ميركل.

وتشير النتائج الرسمية اليوم الإثنين إلى فوز الحزب الاشتراكي الديموقراطي بفارق ضئيل في الانتخابات بـ25.7% من الأصوات، مقابل 24.1% ليمين الوسط بزعامة ميركل.

أقدم حزب

وتمكن أقدم الأحزاب الألمانية في "اليوم الانتخابي الكبير" من الاحتفاظ ببلدية العاصمة برلين والحصول على حوالى 40% من الأصوات في انتخابات محلية في ميكلمبورغ في شرق البلاد.

وعنونت مجلة دير شبيغل، تعليقاً "الحزب الاشتراكي الديموقراطي يحتفل بنهضته".

وبعد انضمامه إلى ثلاث حكومات "شريكاً صغيراً" للمحافظين، يعتزم الحزب هذه المرة استعادة المستشارية.

وعرف الحزب مرحلة من التراجع حتى تدنت نسبة التأييد له قبل عام إلى أقل من 15% في استطلاعات الرأي، وتوقع البعض أن يصبح هامشياً تماماً في الحياة السياسية الألمانية.

في حكم المنتهي
وقالت سودا ديفيد فيلب الخبيرة السياسية في مركز "جيرمان مارشال فاند" للدراسات في برلين: "كان العديد من الخبراء يعتبرونه في حكم المنتهي إلى حد ما، وعلى استعداد للانتقال إلى المعارضة لتضميد جراحه".

والحقيقة أن الحزب الذي تأسس في 1863 أعطى على مدى عقدين صورة حركة فقدت بوصلتها.

والسبب الأول في ذلك يكمن في إرث "حزب العمال" الذي فرض عليه سياسة ليبرالية، قادها المستشار غيرهارد شرودر في مطلع القرن، وتضمنت إصلاح سوق العمل الذي لم يحظ بتأييد شعبي، حد من البطالة لكنه أضعف استقرار الوظائف.

ومع تصاعد الخلافات الداخلية بين الجناحين اليساري والوسطي، وفقدان هويته على مر التحالفات مع المحافظين، بدا الحزب في طريقه إلى الزوال.

وتفاقمت أزمته مع هزيمته الكبرى في الانتخابات التشريعية في 2017، إذ لم يحصل إلا على 20% من الأصوات، ثم النكسة في الانتخابات الأوروبية في 2019.

ومع انعدام أي خيارات أخرى للحكم، وافق الحزب قبل ثلاثة أعوام ونصف، على تجديد مشاركته في ائتلاف أنجيلا ميركل، غير أن هذه التجربة أضعفته وخرج منها منقسما بشدة.

وتخلص الحزب في فترة قياسية من رئيسين، قبل أن يعين في 2019 على رأسه شخصين مغمورين من الجناح اليساري، سعياً لقطع الطريق تحديداً على طموحات الوسطي أولاف شولتس.

العودة إلى اليسار
لكن الأوضاع انقلبت لاحقاً، فعمدت الحركة إلى التوجه يساراً بحثاً عن خلاصها كما فعل من قبل العماليون في بريطانيا، والاشتراكيون في فرنسا، واختار "الرفاق" في نهاية المطاف وزير المال ونائب المستشارة أولاف شولتس الذي اكتسب في الأثناء هالة الإداري المتين.

وأثبت التاريخ أن الانتخابات في ألمانيا تذهب إلى الوسط، فكسب الحزب رهانه، فيما مني اليسار الراديكالي الألماني بهزيمة ساحقة الأحد.

وتعطي نتيجة الانتخابات الألمانية دفعا إضافيا للتيار الاشتراكي الديموقراطي الأوروبي، وسط الأزمة التي يعيشها، ويتموضع الحزب الاشتراكي الديموقراطي لتولي الحكم في ألمانيا، بعدما وصل إلى السلطة في السويد، والدنمارك، وفنلندا، وربما النرويج قريباً.

وإذا تولي أولاف شولتس مهام المستشار رغم افتقاره إلى الكاريزما، فسينضم إلى نادي المستشارين الاشتراكيين الديموقراطيين بعد الحرب العالمية الثانية، وهم فيلي برانت 1969-1974 واضع سياسة الانفتاح على الشرق، وهلموت شميت 1974-1982 وغيرهارد شرودر 1998-2005.

لكن هل يحافظ الحزب على وحدته؟

قد يستاء الجناح اليساري من التسويات التي سيضطر شولتس حتماً إلى عقدها مع ليبراليي الحزب الديموقراطي الحر، لتشكيل حكومة ذات غالبية، ينضم إليها الخضر أيضاً.

وعلى سبيل المثال، يعارض الليبراليون الذين يصنفون إلى يمين ميركل، أي زيادة في الضرائب، وأي ضرائب على ذوي الدخل المرتفع، في حين دعا الاشتراكيون الديموقراطيون في حملتهم الانتخابية إلى فرض ضريبة على الثروة.