الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 / 12:30

ما أول تحدٍ سيواجهه خليفة ميركل؟

يبدو أن خلف المستشارة أنجيلا ميركل المحتمل، وزير المالية أولاف شولتز، لن يحظى بمتنفس كافٍ ليحتفل بالفوز إذا تمكن من تشكيل حكومة ائتلافية برئاسته.

يتمحور أحد الأسئلة الأساسية حول هوية وزير المالية المقبل وحزبه. ففي حملتهم الانتخابية، دعا الخضر إلى مراجعة قواعد الديون، لتدعم الاستثمار العام في المستقبل بدل عرقلته

وفي هذا السياق، كتب توبياس كايزر، وفيرجينيا كيرست، ومارتينا ميستي في صحيفة "دي فيلت" الألمانية، وترجمه إلى الإنجليزية موقع وورلد كرانش، أن شولتز شارك في اجتماع في أوائل الشهر في سلوفينيا مع نظرائه وزراء المالية في دول الاتحاد الأوروبي، الذين كانوا مهتمين بمعرفة مواقفه من قضية إصلاح قواعد الاستدانة في منطقة اليورو، الموضوع الذي يتوقع أن يكون محور نقاش حاد بين أعضاء الاتحاد الأوروبي في الأشهر المقبلة.

قرار لا مفر منه
سبق لفرنسا التي ستنظم انتخاباتها الرئاسية في السنة المقبلة أن أوضحت موقفها على لسان وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير في اجتماع سلوفينيا، الذي قال: "حين يتعلق الأمر بمعاهدة الاستقرار والنمو، نحن نحتاج إلى قواعد جديدة". وأضاف "نحتاج إلى قواعد أبسط تأخذ في الحسبان الواقع الاقتصادي. هذا ما ستشدد عليه فرنسا خلال الأسابيع المقبلة". الواقع الاقتصادي لدول منطقة اليورو هو معدل دين قومي يبلغ 100% من الناتج المحلي الإجمالي.

إن لوكسمبورغ فقط هي التي تلبي متطلبين أساسيين من معاهدة ماستريخت، أن يكون الدين القومي أقل من 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وألا يتخطى العجز 3% من هذا الناتج.

وعُلق العمل بهذه القواعد بسبب أزمة كورونا إلا أن على القادة الأوروبيين اتخاذ قرار حول كيفية المضي قدماً، وإذا كان يجب إعادة العمل بها في 2023.

خلاف بين الشمال والجنوب
تابع الكتاب أن الدول المحافظة مالياً وفي مقدمتها النمسا، وهولندا، تقف ضد تخفيف القواعد، وهو ما أوضحته بشدة أخيراً في وثيقة مشتركة. لكن دول جنوب أوروبا التي تتعامل مع مستويات مرتفعة من الديون القومية، تعتقد أن الوقت حان لتخفيف هذه القواعد.

وتدعو هذه الحكومات إلى المزيد من الحرية للتعامل مع هذه الديون حتى يستطيع الاقتصاد الاستمرار في التعافي والنمو.

وقالت وزيرة المالية الإسبانية ناديا كالفينيو إن هذه القواعد يجب "تكييفها مع الواقع الجديد" وأن منطقة اليورو في حاجة إلى "قواعد جديدة فاعلة"، ووافقها في ذلك نظيرها البلجيكي. إن ديون إسبانيا، وبلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، والبرتغال، واليونان، وقبرص أعلى من 100% من الناتج القومي.

على المحك

سيراقب المسؤولون الأوروبيون نتائج الانتخابات والمفاوضات لتشكيل الحكومة الائتلافية في ألمانيا. فإلى جانب فرنسا، لا تزال ألمانيا تحدد التوجه العام في الاتحاد الأوروبي، وسيكون موقف برلين معتمداً بشكل كبير على شكل الحكومة.

يتمحور أحد الأسئلة الأساسية حول هوية وزير المالية المقبل وحزبه. ففي حملتهم الانتخابية، دعا الخضر إلى مراجعة قواعد الديون، لتدعم الاستثمار العام في المستقبل بدل عرقلته.

وفي المقابل، يريد الديموقراطيون الأحرار إعادة العمل بقواعد ماستريخت والتقيد بها بشكل أكثر صرامة من ذي قبل. لكن من غير المرجح أن يلقى هذا الطلب قبولاً على مستوى الاتحاد الأوروبي لأن الكثير من الدول ستنتهك تلك القواعد في السنوات المقبلة، لذلك إن الذي سيكون على المحك هو نطاق وحجم تلك الإصلاحات.

بين باريس وروما
يلفت الكتاب النظر إلى أنه ورغم موقفها الواضح من القضية، لم تبادر باريس إلى الهجوم. وبدايةً من يناير(كانون الثاني) المقبل، سترأس فرنسا مجلس الاتحاد الأوروبي في فترة ستتزامن مع الحملات الانتخابية الرئاسية.

ومن المرجح أن تضع المنافِسة الأساسية لماكرون، اليمينية الشعبوية مارين لوبان، مسألة الإصلاحات في واجهة حملتها خاصةً أنها وقفت طويلاً ضد ألمانيا، وطالبت بالمزيد من الحرية.

في هذا الوقت، تتكل روما على المهارات التفاوضية لرئيس وزرائها ماريو دراغي الذي شغل منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي.

وحضور دراغي الخبير المالي الأوروبي المحترم، يمكن أن يشكل خدمة كبيرة لإيطاليا في وقت سترسل ألمانيا بعد مرحلة ميركل سياسيين أقل تمرساً بهذا النوع من القمم المطولة حيث يمكن للنقاشات أن تستمر حتى الليل.

هدف بديل
بصرف النظر عن حدة النقاشات، قد تنجو معاهدة الاستقرار والنمو بما أن قيمتها الرمزية يمكن أن تجعل مراجعتها مستحيلة عملياً. عوض ذلك، يمكن أن يكون الهدف إعادة كتابة قواعد تفسير المعاهدة، بعبارة أخرى كيفية احتساب العجز والدين القومي.

ثمة تغيير محتمل، يتمثل في السماح بخصم الاستدانة في المستقبل دعماً للاستثمار في البيئة، وفرنسا ليست الوحيدة في الدعوة إلى ذلك، وأيد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جنتيلوني هذه الفكرة.

هل تصبح الآمال واقعاً؟
تفترض المفوضية الأوروبية أن النقاش سيطول بعض الوقت. ولكن من المتوقع عودة العمل بهذه القواعد في بداية 2023.

وتستعد المفوضية لاحتمال إعادة تفعيل القواعد دون أي إصلاحات، وتعمل على ضمان مرونة في قوانين الاقتراض حتى ألا تجد دول منطقة اليورو نفسها في تعارض مع تلك القوانين بشكل تلقائي.

ستقدم المفوضية توصياتها للإصلاح والتي سترسم أساس مفاوضات الدول في ديسمبر(كانون الأول). وبحلول هذا الوقت، يُحتمل أن تعرف نتائح المفاوضات على تشكيل الحكومة الائتلافية في ألمانيا، وقد تكون لدى المراقبين فكرة أوضح عن حدة الصراع على قواعد الديون، وإذا كانت آمال الدول الجنوبية ستصبح واقعاً.