الإثنين 18 أكتوبر 2021 / 12:26

لماذا تعطي دول عربية سوريا هامش تحرك أكبر؟

أوضح الكاتب السياسي في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية مايكل يونغ الأسباب التي دفعت بعض الدول العربية إلى إعطاء سوريا المزيد من المساحة للحركة. منذ أقل من أسبوعين، أجرى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان زيارة إلى لبنان، قال البعض إنها تهدف للاستفادة من أزمة البلاد الاقتصادية لتعزز إيران قبضتها عليها. وقال عبداللهيان إن إيران مستعدة لمساعدة اللبنانيين في إعادة بناء مرفأ بيروت الذي دُمرت أجزاء كبيرة منه بانفجار 2020 إضافة إلى بناء معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية.

يعيد المصريون والأردنيون دراسة منافع الضغط الخارجي، بما يؤكد أنه نادراً ما يطلق التغييرات المطلوبة

رغم التعهدات بالمساعدة الاقتصادية، كانت الزيارة سياسية بشكل بارز، بإمكان إيران ووكيلها اللبناني حزب الله رؤية أنه خلال السنوات القليلة الماضية، سعى لاعبون إقليميون ودوليون للعب دور في الشؤون اللبنانية، مثل مصر، والأردن، وقطر، وحتى سوريا، ودول أوروبية مثل فرنسا، إضافة إلى الولايات المتحدة.

تريد إيران احتواء هذه الجهود للحفاظ على تفوقها، وفي هذا الإطار، تبنت دول عربية، خاصةً مصر والأردن موقفاً براغماتياً عبّر عن زيادة مصالحهما في لبنان وسوريا، وبناء النفوذ ضد إيران التي تهيمن عليهما.

حسابات إقليمية
ووفق يونغ، يبدو أن هذا المنطق يقف خلف القرار المصري والأردني في استخدام خط الغاز الطبيعي الذي يعبر الأردن، وسوريا، ولبنان، لنقل الغاز المصري إلى بيروت، لتوليد الطاقة. بينما وضعت القاهرة وعمان هذه الخطوة وسيلة لمساعدة قطاع طاقة منهار، يبدو الترتيب مرتبطاً أكثر بالجغرافيا السياسية والحسابات الإقليمية.

وحتى يصل الغاز إلى لبنان، سيكون عليه عبور سوريا الخاضعة للعقوبات بموجب قانون قيصر. حين سافر الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن في يوليو (تموز)، بدا كأنه أقنع إدارة بايدن بإعفاء الأردن ولبنان ليمضي المشروع قدماً. وبالفعل، أعلنت السفيرة الأمريكية في بيروت دوروثي شيا، الخطة في أغسطس (آب) الماضي.

يعتقد الأمريكيون، وعدد متزايد من الدول العربية، أنه لو تفكك لبنان فإن إيران وحزب الله سيستفيدان وحدهما من هذه النتيجة، ولذلك عدلت هذه الأطراف رؤيتها، لتفادي مثل هذا السيناريو.

ما هو استعدادها؟
دول عربية عدة ليست مستعدة لإعادة تأهيل نظام الأسد، حسب الكاتب، وهي مستعدة لإعطائه المزيد من هامش التحرك قياساً بالسابق بناء على افتراض أن ما تكسبه سوريا سيخفض هامش مناورة الإيرانيين ويجبر طهران على أخذ مصالح العرب الواسعة في الاعتبار.

كان هذا التفكير خلف تقارب الأردن السريع مع سوريا في الأسابيع الماضية، والذي بلغ ذلك ذروته في مكالمة هاتفية بين الملك عبدالله والرئيس الأسد في 3 أكتوبر(تشرين الأول) الجاري، بعد إعادة فتح معبر جابر بين البلدين في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي مقابلة مع الإعلامي فريد زكريا من شبكة سي أن أن في يوليو (تموز)، أعلن الملك أن تغييراً في السياسة، قادم.

كافة سياسية
خلفت سياسة عزل هاتين الدولتين العربيتين اللتين تتفوق فيهما إيران، فوائد محدودة، لكنها سمحت لإيران بتعزيز سلطتها فيهما، ففي لبنان على سبيل المثال، يمثل المجتمع الشيعي حوالي 30% من السكان، ويجسد السنّة النسبة نفسها. ومع ذلك، هيمن حزب الله بسبب عزل الدول العربية لبنان وسنّته معتقدة أن لبنان قضية خاسرة. إنها كلفة سياسية لا يمكن تحملها بحسب الكاتب.

لا جديد
يعيد المصريون والأردنيون دراسة منافع الضغط الخارجي، بما يؤكد أنه نادراً ما يطلق التغييرات المطلوبة. في الوقت نفسه، يستفيدون من أن الولايات المتحدة لم تعد ترى في الشرق الأوسط الأولوية التي كان عليها في السابق، ولذلك يريدون السماح للاعبين الإقليميين بتأسيس توازن للقوى وفق شروطهم.

من المؤكد أن زيارة عبداللهيان مرتبطة بفهم الإيرانيين أن الطموحات الإقليمية ستجبرهم على الدفاع عن مكاسبهم في العالم العربي، لبنان، وسوريا، وأيضاً العراق، وحتى اليمن. يشهد الشرق الأوسط عودة إلى السياسات حيث أصبح ميداناً مفتوحاً يتنافس فيه اللاعبون الإقليميون والدوليون.

قد يبدو هذا أمراً جديداً في الأعوام الثلاثين الماضية التي بدأت، منذ نهاية الحرب الباردة، لكنه أيضاً متأصل جداً في تاريخ المنطقة.

ويصبح الأمر صحيحاً بالتحديد حين يتعلق بالمشرق الذي لطالما شكل ساحة معارك لإمبراطوريات المنطقة والقوى البارزة. وبالتالي، ليس مفاجئاً أن تملأ ديناميات اليوم الفراغ الذي تخلفه إمبراطورية أمريكية في انسحابها المتعمد.