وزير الخارجية الأمريكي الراحل كولن باول (أرشيف)
وزير الخارجية الأمريكي الراحل كولن باول (أرشيف)
الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 / 11:16

كولن باول: طارد أسلحة صدام البيولوجية... ورحل بكورونا

24 - بلال أبو كباش

رحل وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول أمس الإثنين، عن 84 عاماً، بعد إصابته بفيروس كورونا، في مسيرة ميزتها الاختلافات والتناقضات في شخصيته، وأدواره السياسية والعسكرية، خاصة بعد دوره الأساسي في دفع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لخوض الحرب على العراق، واتهام بغداد بامتلاك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل.

ولد باول في نيويورك في 1937 لوالدين جاميكيين، هاجرا إلى الولايات المتحدة، وتحديداً إلى حي هارلم الشهير، الذي ترعرع فيه باول.

وتلقى تعليمه في المدارس العامة، وتخرج في كلية "سيتي ووك" في نيويورك، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا.

وأثناء مسيرته الدراسية انضم إلى فيلق تدريب ضباط الاحتياط، وهو برنامج مصمم لاكتشاف وتأهيل القادة العسكريين المستقبليين. وعين في رتبة ملازم ثاني بعد تخرجه في يونيو (حزيران) 1958.

سطع نجم باول لأول مرة في 1987 عندما أصبح مستشاراً للأمن القومي، وعندما تولى جورج بوش الأب منصب الرئيس في 1989، عينه رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، أعلى منصب عسكري في وزارة الدفاع الأمريكية، وعد باول الذي لم يتجاوز يومها 52 عاماً، أصغر ضابط يشغل هذا المنصب على الإطلاق، وأول عسكري من أصول أفريقية، يصل إلى هذه المكانة.

حرب الخليج الأولى
في حرب الخليج الأولى ذاع صيت باول عالمياً، حين أرسى ما أصبح يُعرفا استراتيجياً بـ "عقيدة باول" والتي شدد فيها على أنه عند اللجوء إلى الحل العسكري، يجب فرض أقصى حد من القوة العسكرية الغاشمة، لإخضاع العدو بسرعة من جهة، وتقليل الخسائر الأمريكية إلى أدنى حد ممكن، مع الحرص على الدعم الشعبي الكبير للعمل العسكري، وذلك أنه عارض في البداية استخدام القوة في الخليج، مخالفاً رغبات وزير الدفاع آنذاك ديك تشيني، ولكنه نجح بعدها في قيادة عملية عاصفة الصحراء الشهيرة، لتحرير الكويت، في 1991. 

وزير الخارجية
بعد مسيرته العسكرية الناجحة، تحول باول إلى وزارة الخارجية التي شكلت المحطة الأبرز في حياته السياسية، حين اختياره الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن للمنصب، ليكون أول أسود أمريكي  يقود وزارة الخارجية من 2001 إلى 2005.

وفي بداية مسيرته الدبلوماسية، عُرف باول بحرصه على تفادي التركيز على القوة العسكرية الأمريكية عالمياً، لكن رؤيته للموقف تغيرت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ليتحول إلى مؤيد لقرار الرئيس الأمريكي بوش إعلان الحرب على الإرهاب، وتصدى لحشد الدعم الدولي للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، في أفغانستان أولاً ثم في العراق ثانياً.

حرب العراق
اشتهر باول بعد قرار الحرب على العراق، في فبراير (شباط) 2003، بخطابه في الأمم المتحدة، الذي فيه "أدلة استخباراتية" تثبت أن العراق ضلل المفتشين الدوليين، وأخفى أسلحة دمار شامل، مؤكداً أن الرئيس العراقي السابق "صدام حسين يملك أسلحة بيولوجية، وأنه قادر على إنتاج المزيد منها بسرعة كبيرة".

وبعد تورط الولايات المتحدة في الحرب التي فككت العراق، وتسببت في مقتل مئات الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين، تبين لاحقاً، أن بغداد لم تملك مثل هذه الأسلحة المدمرة، بشهادة المفتشين الدوليين، وبعد عامين من خطاب باول في الأمم المتحدة، قال تقرير حكومي أمريكي، إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت "مخطئة تماماً" في تقييمها لخطر أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل الغزو الأمريكي.

"وصمة عار"
في 2005، غادر باول وزارة الخارجية بعد تقديم استقالته، ووصف خطابه في الأمم المتحدة بـ "وصمة عار" التي ستبقى إلى الأبد في سجله.

وفي 2010 أبدى أسفه على مساهمته في حرب العراق، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، قائلاً "إن المعلومات كانت خاطئة، بالطبع أنا آسف".

وأضاف "لكن سيُنظر لي دائماً أني كنت من قدم القضية أمام المجتمع الدولي". واعترف باول بأثر خطابه الحاسم في تأييد الرأي العام الأمريكي لغزو العراق: "لقد أثرت في الرأي العام.. لا شك في ذلك".