متظاهرون في السودان (أرشيف)
متظاهرون في السودان (أرشيف)
الأربعاء 20 أكتوبر 2021 / 19:56

فيس بوك تغلق حسابات مزيفة في السودان مع تنامي التحشيد

قالت شركة فيس بوك إنها أغلقت شبكتين كبيرتين تستهدفان مستخدمين لمنصتها في السودان في الأشهر القليلة الماضية، بينما يخوض قادة مدنيون وعسكريون نزاعاً حول مستقبل ترتيبات مؤقتة لتقاسم السلطة.

وتتصاعد المعركة من أجل كسب الرأي العام، معظمها على شبكة الإنترنت، في وقت يرزح فيه السودان تحت وطأة أزمة اقتصادية وانتقال هش نحو الديمقراطية بعد 30 عاماً من حكم الرئيس عمر البشير، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية  في 2019.

وأقام مئات المتظاهرين اعتصاماً هذا الأسبوع عند القصر الرئاسي مطالبين الجيش بحل الحكومة فيما قد يصل فعلياً إلى حد الانقلاب.

وفي وقت سابق هذا الشهر، قالت شركة فيس بوك إنها أغلقت شبكة تضم ما يقرب من 1000 حساب وصفحة، لها 1.1 مليون متابع.

كانت الشبكة تؤيد المنشورات الإعلامية الرسمية لقوات الدعم السريع وغيرها من المحتوى المرتبط بالقوة التي يقودها القائد العسكري القوي محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم، والذي يرى بعض السودانيين أن له طموحات سياسية.

ولم يرد ممثلون عن قوات الدعم السريع ودقلو على طلبات للتعليق. ولم يكن لدى الحكومة أي تعقيب. وينفي دقلو، المعروف باسم حميدتي، الطموح لأي سلطة لنفسه، وقال في الماضي إنه ملتزم بالانتقال الديمقراطي إلى الحكم المدني.

وقال ديفيد أغرانوفيتش مدير مواجهة التهديدات في فيس بوك لرويترز إن تحقيقاً داخلياً للشركة أسفر عن رصد الشبكة.

وقالت فيس بوك أيضاً إنها أزالت شبكة ثانية في يونيو (حزيران) بعد معلومات من شركة فالنت بروجيكتس، شركة أبحاث مستقلة كلفتها وزارة الإعلام السودانية، بالنظر في نشاط مرتبط بموالين للبشير.

وأشارت فيس بوك إلى أن الشبكة كانت تضم أكثر من 100 حساب وصفحة ولها أكثر من 1.8 مليون متابع.

ولم يبلغ سابقاً عن جهود الحكومة السودانية لمحاربة من تصفهم بالموالين للنظام السابق الذين يعملون على تقويض المرحلة الانتقالية.

وقالت الوزارة في بيان لرويترز، إن "بقايا نظام البشير يعملون بصورة ممنهجة على تشويه صورة الحكومة" في إشارة إلى منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لشبكة حددتها فالنت.

ووفق فيس بوك وبعض الباحثين المستقلين كانت منشورات الشبكتين تحاكي وسائل الإعلام الإخبارية لكنهما قدمتا تغطية مشوهة للأحداث السياسية.

ويعتمد السودانيون الذين بوسعهم الدخول على شبكة الإنترنت، وهم نحو 30% من السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة، بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار.

ووصلت الشراكة العسكرية المدنية التي حلت في 2019 محل البشير المسجون، إلى مرحلة حرجة في الأسابيع الماضية، في أعقاب ما وصفته السلطات بمحاولة انقلاب فاشلة.

واتهم مسؤولون مدنيون الموالين للبشير والجيش بإثارة الاضطرابات، بما في ذلك في شرق البلاد حيث يمنع محتجون قبليون حركة الشحن في بورتسودان، ما أدى إلى تفاقم نقص السلع والبضائع الناجم عن أزمة اقتصادية متجذرة.

وينفي قادة عسكريون هذه الاتهامات ويقولون إنهم ملتزمون بالانتقال إلى الديمقراطية.

تحريض
تقول فيس بوك إنها تستخدم إشارات فنية على منصتها لاستهداف مجموعات لتضليل المستخدمين عن هويتها، ويقول باحثون مثل فالنت بروجكتس إنهم يعتمدون على تحليل المحتوى مشيرين على سبيل المثال إلى مشاركة حسابات مختلفة لمنشور واحد في وقت واحد.

وقالت فالنت بروجكتس إن الشبكة التي حددتها كانت أكبر بثلاث مرات من تقييم فيس بوك، وجذبت ما يربو على 6 ملايين متابع وكانت مستمرة في النمو.

وذكر ممثلون عن فالنت بروجكتس أن الشبكة كانت ناشطة حتى هذا الأسبوع وتحرض على تحرك عسكري مع تجمع المحتجين في وسط الخرطوم، وفي الشهر الماضي بعد المحاولة الانقلابية.

وقال آمل خان مؤسس ومدير فالنت بروجكتس: "يبدو أنهم كانوا يحاولون إعطاء انطباع عن مساندة شعبية لمثل هذه الخطوة".

وعند سؤاله عن اختلاف التقييمات قال أغرانوفيتش المسؤول في فيس بوك إن الشركة واثقة من أنها أغلقت الشبكة بالكامل وأن الحسابات الأخرى التي حددتها فالنت ليست على صلة بها.

وتقول بعض منشورات الشبكة إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ليس مسلماً وأن موظفيه يحصلون على رواتبهم بالدولار، وهي تهمة نفوها.

ويروج مشاركون في الشبكة لعودة البشير المسجون بتهمة الفساد، وتهم أخرى والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بسبب فظائع في صراع دارفور. ونفى البشير جميع التهم الموجهة إليه.

وقال زهير الشمالي رئيس الأبحاث في فالنت بروجكتس إن الشبكة ضخمت الدعوات إلى العصيان المدني في الشرق.

وأكدت الشركة البحثية أن الشبكة شجعت على الاحتجاجات قبل 30 يونيو (حزيران)، ذكرى الانقلاب الذي استولى فيه البشير على السلطة في 1989.

وقال خان، مستشهداً بحركة تدعى "أختونا" وتعني ابتعدوا عن الطريق باللهجة المحلية: "اعتقد الناس في السودان أنه ستكون هناك مظاهرة حاشدة لأنهم رأوا الكثير من النشاط" على الإنترنت، لكن في النهاية شارك حوالي 3500 شخص فيها. 

واتصلت رويترز بثلاثة مسؤولين عن إدارة صفحات تركتها فيس بوك دون أن تغلقها ونفوا أن يكونوا جزءاً من شبكة.

وقال أحدهم وطلب حجب إسمه: "الأجسام الحاكمة الآن تصنف كل منتقد لسياستها القمعية وسوء إدارتها الاقتصادية والسياسية على علاقة" بالنظام السابق.

وقالت وزارة الإعلام إنها لم تتخذ أي إجراءات قانونية ضد الصفحات أو المسؤولين عنها. وقالت: "الحكومة السودانية ملتزمة بحماية حرية التعبير".

ووفق باحثين في مرصد ستانفورد للإنترنت ومختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي في المجلس الأطلسي، أعلنت فيس بوك سابقاً عمليتين في ديسمبر (كانون الأول) 2020 ومايو (أيار) 2021 لحذف حسابات تدعم دقلو وقوات الدعم السريع.

وقالت فيس بوك إنها وجدت في الشبكتين روابط مع وكالة أبحاث الإنترنت الروسية، وهي مجموعة منحلة رسمياً متهمة بالتدخل في الانتخابات الأمريكية في 2016.

ورفضت آنا بوغاتشيفا، التي اتهمتها الولايات المتحدة بتنفيذ عمليات وكالة أبحاث الإنترنت الروسية للتدخل في الانتخابات والعمليات السياسية، الإجابة على أسئلة حول الوكالة عند الاتصال بها عبر الهاتف.

ويقول أغرانوفيتش إنه ليس هناك ما يشير إلى صلات خارجية للشبكة المستهدفة المرتبطة بقوات الدعم السريع، ويبدو أنها جزء من اتجاه متزايد لعمليات تأثير محلية.