ثلاجة فارغة.(أرشيف)
ثلاجة فارغة.(أرشيف)
الخميس 21 أكتوبر 2021 / 10:54

أزمة الكهرباء تفاقم حالات التسمم الغذائي في لبنان

سلّط ألفريد ندّاف، صحافي وطالب ماجستير في اللغة العربية وآدابها بالجامعة الأمريكية في بيروت، الضوء على تزايد حالات التسمّم في لبنان منذ الصيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي، رغم أن وزارة الصحة اللبنانية لم تُعلن رسمياً بعد عن الحجم الحقيقي للأرقام.

أكبر أزمة تساهم في ارتفاع معدلات التسمم الغذائي هي الاقتصاد المتعثر

ونقل ندّاف، في تقرير لموقع "المونيتور"، عن محمد أبيض، الأستاذ المساعد في معالجة وتعبئة الأغذية في الجامعة الأمريكية في بيروت، قوله إنّ "المشكلة هي أننا نعلم أن هناك ارتفاعاً حاداً في حالات التسمم الغذائي لأن جميع العوامل المرتبطة بالتسمم الغذائي موجودة. ثمة عجز في الكهرباء يؤثر في التبريد، ما يؤثر في جودة الطعام وسلامته. لكن التقارير لا تشير إلى ذلك".

اللجنة العلمية لسلامة الغذاء
وأوضح ندَّاف أن وزارة الصحة شكّلت اللجنة العلمية لسلامة الغذاء في الأول من سبتمبر (أيلول) للتحقيق في القضايا الطارئة لسلامة الغذاء التي تتزامن مع أزمة الكهرباء.

وقالت رئيسة اللجنة، جويس حداد، التي تشغل أيضاً منصب مدير سلامة الغذاء في وزارة الصحة العامة، إن المشكلة الأكبر هي "عدم وجود نظام لتتبع المعلومات الدقيقة. في عام 2019، جرى الإبلاغ عن 510 حالات تسمّم غذائي. وعلى الرغم من كل الأدلة على الارتفاع الحاد في عدد الحالات، جرى الإبلاغ عن 210 فقط حتى الآن في عام 2021.

ووفقاً لتقرير صدر مؤخرًا عن منظمة "المفكرة القانونية" اللبنانية غير الحكومية، فإن واحداً من كل ثلاثة أشخاص يلجأون للصيدليات لطلب أدوية لعلاج التسمم الغذائي.

أزمات ليست بجديدة
وعلى الرغم من ازدياد حالات التسمّم، فإن قضية التسمم الغذائي ليست جديدة في لبنان. في عام 2015، أطلق وزير الصحة العامة آنذاك وائل أبو فاعور، حملة سلامة الغذاء. أصدرت الحملة مرسومًا بقانون سلامة الغذاء رقم 48 الذي نص على تشكيل هيئة سلامة الغذاء اللبنانية، وهي هيئة معادلة لإدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة. لكن بسبب الخلافات السياسية حول إيجاد الكوتا الطائفية الصحيحة، لم تتشكّل اللجنة مطلقاً.
ونوّه ندّاف إلى أن أزمة الكهرباء قائمة منذ عقود، ولكن مع الانهيار الاقتصادي قبل عامين، كافحت الدولة أكثر لتوفير ما يكفي من الوقود والطاقة للسكان البلاد. وأدت أزمة الوقود إلى تضرّر شركات الأغذية الصغيرة ومحلات السوبرماركت والمطاعم. وأصبح تأمين الطعام اليومي عملية معقّدة، والذين اعتادوا على طلب الوجبات عبر خدمات التوصيل يفكرون الآن مرتين قبل أن يطلبوا الطعام الجاهز خوفاً من التسمم الغذائي.

عجز حكومي كامل عن توفير الكهرباء
اضطر العديد من محلات السوبر ماركت والمطاعم للجوء إلى مورّدين أقلّ جودة نتيجة لارتفاع الأسعار. عُرضت لافتة خارج أحد المتاجر الكبرى تقول: "نلفت عناية عملائنا الكرام، جرى إيقاف تشغيل هذه الثلاجة، ونقل المنتجات إلى ثلاجات أخرى للحفاظ على الوقود الكافي لنتمكن من الاستمرار في خدمتكم لأطول فترة ممكنة".

يمكن أن تدوم المنتجات المجمّدة 48 ساعة قبل أن تُصبح خطرة على الاستهلاك البشري. لكن بالنسبة للتبريد، بما في ذلك منتجات الألبان، فان الطعام يفسد بعد أربع ساعات فقط من انقطاع الكهرباء.

وقال نبيل فهد، رئيس نقابة مالكي السوبر ماركت في لبنان، إن المبيعات في محلات السوبرماركت تراجعت 80% في جميع أنحاء البلاد. ولما كانت كهرباء الدولة تستخدم لتغطية معظم الطاقة في المدينة مع اعتماد الناس على المولّدات، فقد انعكس الوضع تماماً الآن، وتعمل بعض المولدات لأكثر من 12 ساعة في اليوم.

أعراض أكثر حدة
من جهته، قال أنطوان الزغبي، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى أوتيل ديو، إن حالات التسمّم الغذائي ارتفعت بنسبة 20% عن العام الماضي، مضيفاً أنّ أعراض من يعانون من التسمم الغذائي أصبحت الآن أكثر حدة من أي وقت مضى.

بدأ ارتفاع حالات التسمّم الغذائي في ربيع عام 2021، عندما انتهى الإغلاق المفروض بسبب كورونا، واستؤنفت التجمّعات في الأماكن العامة. ولا يقصد كثير من الذين يتعرّضون للتسمم الغذائي المستشفيات، خوفاً من جائحة كورونا، أو ارتفاع فواتير المستشفيات أو نقص الأدوية. وقال أبيض: "يعرف الناس أن لا يوجد الكثير من الأدوية المتاحة، لذا فإن الذهاب إلى المستشفى بدون دواء لن يغير شيئاً، ولذلك يفضّل الناس البقاء في المنزل".

استقالات ورشى
وشدّد ندّاف على أنّ أكبر أزمة تساهم في ارتفاع معدلات التسمم الغذائي هي الاقتصاد المتعثر. فعندما بدأت الأزمة المالية، وفقدت الليرة 80% من قيمتها، تراجعت رواتب المفتّشين. إن الأجر المنخفض يعني أن الكثير من دخل الأفراد سيُنفق على الغاز أو المواصلات. أضف إلى ذلك احتمالات الرشوة التي تزداد في الأوقات العصيبة.

وأَضاف أبيض: "إذا أعطى صاحب مصنع أموالاً إضافية لمفتّش حتى لا يكشف عن المعلومات التي جمعها في حالة حدوث انتهاكات، فقد لا يقومون بعملهم. وقد استقال ثمانية من أصل 50 مفتشاً بوزارة الصحة العامة في الأسابيع الأخيرة".

من جهتها، أكدت حداد: "الأمر لا يتوقّف على المفتشين، ولكن أولئك الذين يشغلون مناصب عليا يستقيلون ايضاً. نحن نعاني من أزمة موارد بشرية ضخمة".