الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الخميس 21 أكتوبر 2021 / 12:27

واشنطن بوست: نذير شؤم قد يوقف تحسّن العلاقة بين أمريكا وروسيا

ذكر الكاتب السياسي في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناثيوس مؤشرات عدة تظهر ذوبان بعض الجليد في العلاقات الأمريكية-الروسية، إلى الآن. من بين هذه المؤشرات، جهد مشترك في الأمم المتحدة لم يحصل على الكثير من الانتباه ويتعلق بالقضية الخلافية حيال الأمن السيبيراني.

إذا تبين أن روسيا تستهدف المسؤولين الأمريكيين بشكل عمدي فثمة أزمة حادة تلوح في الأفق، بصرف النظر عن التعاون الأخير

خلال مقابلة يوم الثلاثاء الماضي، قال مسؤول بارز في وزارة الخارجية إن الصورة العامة للعلاقات الثنائية تبقى مختلطة حيث لا تزال الشكوك والخلافات الحادة مسيطرة على قضايا كثيرة. لكن الإدارة تشعر بأنها تحقق تقدماً بطيئاً في بعض أجزاء الأجندة الأمنية التي وضعها الرئيسان جو بايدن وفلاديمير بوتين خلال قمة جنيف في يونيو (حزيران) الماضي.

التزام مبدئي
تم جمع المبادرة الأمنية السيبيرانية المشتركة في قرار قُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي. تعتمد غالبية اللغة التي صيغ بها القرار النمط الديبلوماسي التقليدي لكنها تُلزم كلتا الدولتين بدعم جهدين سيبيرانيين، الأول مدعوم روسياً، والثاني أمريكياً، علماً أن الجهدين كانا على مسار تصادمي منذ عام.

رعت 55 دولة القرار ومن المرجح أن يتم إقراره بالغالبية قبل نهاية السنة الحالية. في الجوهر، وافقت روسيا والولايات المتحدة على السعي إلى مجموعة مشتركة من "قواعد (خريطة) الطريق" لتفادي هجمات سيبيرانية خبيثة. تختلف الدولتان بشدة على هذه المعايير، وستستمر المنافسة الشديدة في قطاعات من المنظمات التي تشرف على الاتصالات العالمية. لكن في المبدأ، هنالك التزام مشترك حالياً تجاه الأمن السيبيراني.

حماسة روسية... حذر أمريكي
مؤخراً، أشاد كبير المستشارين السيبيرانيين لبوتين أندري كروتسكيخ بالقرار المشترك واصفاً إياه بأنه "لحظة تاريخية" وفقاً لصحيفة كومرسنت الروسية التي رأت في القرار "خرقاً ديبلوماسياً حقيقياً". بينما يقول الأمريكيون إن في هذا الأمر مبالغة بأهمية القرار الذي لم تعلنه وزارة الخارجية بشكل رسمي.

وقال المسؤول البارز في وزارة الخارجية: "ما نقوم به هو وضع قواعد، معايير وأحكام للطريق بشأن الفضاء السيبيراني عبر الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى". منذ عام، كانت واشنطن تدفع باتجاه إقرار أجندتها الأمنية السيبيرانية عبر تقرير وضعه فريق الخبراء الحكوميين التابع للأمم المتحدة، بينما دعمت روسيا توصيات من قبل منتدى منافس يعرف باسم "مجموعة العمل المفتوحة العضوية". يدعم القرار المشترك كلا الفريقين.

روسيا ضد الصين
أوضح المسؤول نفسه أنه "على الرغم من خلافاتنا الجدية، عملت الولايات المتحدة مع روسيا... لصياغة قرار يرحب بهذين التقريرين ويدعو الدول إلى الاسترشاد بهما". وأضاف: "لو دفعت الولايات المتحدة وروسيا بقرارات متنافسة... لكانت روسيا على الأرجح قد دفعت (وعلى الأرجح مررت) قراراً من شأنه مضاعفة الترويج للاستبداد الأوتوقراطي على الإنترنت".

كذلك، ساعدت روسيا في إفشال مقترح صيني لمجموعة أممية جديدة من أجل تنظيم أمن البيانات على الرغم من أن هذا الأمر تعلق أكثر بحماية روسيا مصلحتها الخاصة أكثر من ارتباطه بالتعاون مع الولايات المتحدة وفقاً لخبراء مستقلين. لم ترد روسيا منافساً محتملاً لمجموعتها الخاصة وانتهى الأمر ببيجينغ بسحب مقترحها.

تحذير
بحسب الصحافي نفسه، لم تنفذ روسيا حتى اليوم إجراءات تقييد هجمات برامج الفدية التي يشنها مجرمون سيبيرانيون من داخل أراضيها، وهو موضوع ناقشه بايدن مع بوتين في اتصال هاتفي منذ ثلاثة أشهر. وافقت موسكو على تشكيل مجموعة من الخبراء لتقييم التهديد، لكن المسؤول في وزارة الخارجية قال إن موسكو لم تتخذ تحركاً قاسياً بحق القراصنة المقيمين في روسيا. وتابع المسؤول محذراً: "لقد أوضحنا أنهم إن لم يتحركوا، فسنفعل".

تقدم بطيء... وإشادة
تمضي مبادرة بايدن-بوتين في جنيف بشأن محادثات جديدة عن الاستقرار الاستراتيجي قدماً، لكن ببطء. قابلت نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان نظيرها الروسي سيرغي ريابكوف في جنيف أواخر سبتمبر (أيلول) للمرة الثانية من أجل استكمال المحادثات. ووافقا على تشكيل مجموعتي عمل، تتعامل إحداهما مع محادثات بشأن الحد من انتشار الأسلحة والثانية بشأن الإمكانات الاستراتيجية. في وقتٍ تحول التكنولوجيا مستقبل الحروب، يثني الكاتب على توسل الجانبين لغة يتناقشان عبرها حول جهود الحد من التسلح في عصر يشهد ولادة ترسانات جديدة من الأسلحة.

مساعدة روسية أخرى
أشار إغناسيوس إلى أن روسيا ساعدت أيضاً في بعض القضايا الأخرى. حض وزير الخارجة أنتوني بلينكن نظيره الروسي سيرغي لافروف كي يضغط على إيران للعودة إلى المحادثات النووية وقد قام الأخير بذلك على الفور وفقاً للمسؤول نفسه. وعلى الرغم من أنها تتبع مصالحها الخاصة بشدة في أفغانستان، عملت موسكو أيضاً مع واشنطن في بعض المسائل بعد انسحاب القوات الأمريكية من تلك البلاد.

نذير شؤم
إن أكثر قضية مستقبلية تنذر بالشؤم هي السؤال-اللغز عن "متلازمة هافانا" التي تؤثر على الديبلوماسيين ورجال الاستخبارات الأمريكيين في الخارج. روسيا هي المشتبه الأول بالنسبة إلى ما يعتقد كثر أنها هجمات متعمدة تستخدم أنظمة طاقة تسببت بمشاكل طبية، أحياناً خطيرة، لقرابة 200 موظف حكومي أمريكي. حين واجه الأمريكيون الروس بالموضوع، نفوا أي علاقة لهم، لكن ذلك النفي لم يكن مقنعاً.

يحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى دليل أقوى مما تم جمعه لغاية اليوم. إذا حصلوا عليه فقد تعود حالة ذوبان الجليد إلى حالة تجمد عميق أو أسوأ. إذا تبين أن روسيا تستهدف المسؤولين الأمريكيين بشكل عمدي فثمة أزمة حادة تلوح في الأفق، بصرف النظر عن التعاون الأخير.