رتل عسكري أميركي.(أرشيف)
رتل عسكري أميركي.(أرشيف)
الجمعة 22 أكتوبر 2021 / 11:06

ما هي مخاطر الهجوم على قاعدة التنف؟

24-زياد الأشقر

تناول سيث ج. فرانتزمان في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية المخاطر الناجمة عن الهجوم بطائرة مسيرة على القاعدة الأمربكية في التنف على الحدود السورية-الأردنية-العراقية ليل الأربعاء، قائلاً إن مسؤولين أمريكيين صرحوا لوسائل الإعلام بأن الهجوم تضمن "نيراناً غير مباشرة"، وهذا يعني إحتمال إستخدام مسيرات وصواريخ في ما بدا أنه هجوم معقد. والمنفذون هم على الارجح قوات محلية موالية لإيران، وذلك بسبب حرية الحركة الممنوحة لها من قبل النظام السوري.

الضربة على التنف، هي ضمن سياق من الصراع الإقليمي الأوسع. ومع ذلك، فإن الإعلام الإيراني لم يهلل للهجوم

 وقال إن اللجوء إلى استخدام وكلاء محليين هو نمط تقليدي لدى إيران. وتشجع طهران وكلاءها في العراق على مهاجمة القوات الأمريكية بالصواريخ والمسيرات منذ 2019، وتستخدم المسيرات على نحوِ متزايد. كما صدرت إيران تكنولوجيا المسيرات إلى اليمن وغزة. واستخدمت "حماس" مسيرات على النمط الإيراني للمرة الأولى في أيار (مايو) ضد إسرائيل. وفي الوقت نفسه، نقلت إيران مسيرات إلى مطار التيفور في سوريا وسيرت إحداها في الأجواء الإسرائيلية في فبراير(فبراير) 2018.

وكان ذلك السياق الذي وقع فيه الهجوم. لكن الهجوم يكتسب أهمية أكبر لناحية المكان الذي وقع فيه. ويقول فرانتزمان: "عندما ننظر إلى التهديد الذي تشكله المسيرات والصواريخ الإيرانية، فإن ثمة قوساً خطيراً يمتد على آلاف الكيلومترات من لبنان إلى العراق إلى اليمن. وتستخدم إيران هذه الأسلحة لتهديد إسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ودول الخليج".

قاعدة أمريكية وحيدة في سوريا
وعلى سبيل المثال، استخدم الحوثيون في اليمن صواريخ ومسيرات لمهاجمة أهداف بعيدة المدى في السعودية، وصلت في بعض الأحيان إلى مسافة ألف كيلومتر. والتنف هي قاعدة أمريكية وحيدة في سوريا قرب الحدود مع الأردن والعراق. وبناء على ذلك، فإن قيمتها الإستراتيجية تكمن في الموقع الموجودة فيه. إنها تقع قبالة طريق قادرة منه على مراقبة ما يحدث في هذا الجزء من سوريا. وأقيمت القاعدة قرب مخيم الركبان الذي يضم عشرات آلاف النازحين السوريين الذين فروا من الحرب الأهلية.

كذلك، أنشأت الولايات المتحدة القاعدة بغرض تدريب المتمردين السوريين. ومع ذلك، فإن النظام السوري الذي حقق تقدماً ملموساً عامي 2017 و 2018، قطع الإتصال بين القاعدة وقوات المعارضة في شرق سوريا. وهذا ما أثار تساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقى في التنف بعد 2018. وبالنسبة إلى العناصر السورية المؤيدة للنظام، فإن القاعدة هي شوكة في خاصرة سوريا. وبالنسبة إلى إيران، فهي بمثابة تهديد للميليشيات الإيرانية المنتشرة على طول نهر الفرات من مدينة البوكمال على الحدود العراقية إلى دير الزور. وهذا يعني أن إيران ترى في القاعدة تهديداً محتملاً لمحاولاتها إيجاد طريق يؤدي إلى البحر عبر العراق وسوريا، بحيث يمكنها تزويد "حزب الله" بالسلاح.

مقر في البوكمال
وانشأت ميليشيات موالية لإيران مثل "كتائب حزب الله"، مقراً في البوكمال بعد عام 2017. وفي 2018، استهدفت غارة مبنى هذا الفصيل في المدينة. وعام 2019 ، استهدفت غارات عدة ميليشيات موالية لإيران، ونُسبت الغارات إلى إسرائيل.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قالت روسيا أن إسرائيل حلقت فوق الأردن لشن غارات على سوريا. وفي 2020، تعرضت تلة تدعى تل الصحن لهجوم بغارة جوية. وما يعنيه هذا بالنسبة للنظام السوري وإيران وروسيا اللتين تدعمانه، أن الوجود في التنف يشكل قلقاً. وهم يعتقدون أن القاعدة يمكن أن تكون تساعد أمريكا وشركاءها في تتبع التحركات الإيرانية في المنطقة.

انفتاح على مصر والأردن والخليج
كما أن هناك سياقاً آخر لهذا الأمر. إذ إن الحكومة السورية تتقرب من العراق ومصر والأردن والخليج أملاً في الحصول على مزيد من الدعم من الدول العربية. وهي تريد العودة إلى الوضع الطبيعي بعد عقد من الحروب. وإزالة قاعدة التنف هي جزء من هذه الرغبة.

وتسعى الحكومة السورية إلى الحصول على دعم عراقي وأردني في هذا المجال. وعندما تتحول التنف إلى هدف للمسيرات والصواريخ، فإن المنطق يقول إن عناصر محلية بدعم إيراني يمكن أن تكون فكرت بأن هذه الخطوة قد ترغم أمريكا على المغادرة، وخصوصاً بعدما شاهدوا كيف غادرت الولايات المتحدة أفغانستان وكيف أخلت العديد من قواعدها في العراق.

ويخلص الكاتب إلى أن الضربة على التنف، هي ضمن سياق من الصراع الإقليمي الأوسع. ومع ذلك، فإن الإعلام الإيراني لم يهلل للهجوم، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إيران هي اللاعب الأساسي هنا، أو ما إذا كانت ميليشيا محلية تخفي يداً في القضية.