متظاهرون خلال احتجاجات الحركة الخضراء في طهران عام 2009.(أرشيف)
متظاهرون خلال احتجاجات الحركة الخضراء في طهران عام 2009.(أرشيف)
الجمعة 22 أكتوبر 2021 / 12:09

وول ستريت جورنال: أهذه هي إيران الحقيقية؟

اعتبر حسين روناغي، المدوّن الإيراني السجين سابقاً، أنّ الإعلام الغربي يخون الشعب الإيراني بتسليط الضوء على ما يُريد النظام إظهاره، لا إيران الحقيقية التي يعيش الشعب فيها معاناة قاسية.

فقدنا أصدقاء حاربوا من أجل التحرّر من هذا النظام. لقد ذهبنا إلى سجونه، ورأينا غرف تعذيبه

وكتب روناغي، في مقال لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن طهران شهدت خمس انتفاضات محلية ضد النظام في السنوات الأربع الماضية، وقامت الحكومة الإيرانية بذبح المتظاهرين، وتعذيب السجناء السياسيين لقمعهم. ومع ذلك، فإن معظم الناس في الغرب- حتى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم على دراية بإيران- لا يعرفون الواقع الإيراني، لأن التغطية الإعلامية الأجنبية تتجاهله باستمرار أو تُنكره.

نسختان من إيران

وأضاف: "بالنسبة للإيرانيين، يبدو الأمر كما لو كان هناك نسختان من إيران: الأولى يعيش فيها الإيرانيون، والثانية التي يتمّ نسج القصص عنها. يتمّ تعريف إيران من خلال مفاوضات نووية مزعجة. لكن بلد الإيرانيين أسوأ بكثير. إنها دولة بوليسية دينية يعيشون فيها بخوف، بخطوط حمراء لا حصر لها، لا يجرؤ الكثيرون على تجاوزها. إنه بلد القمع والرقابة والعنف. وقال: "أعرف ذلك لأنني أمضيت ست سنوات في السجون الإيرانية".
وأوضح أنه بعد احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009، تمّ اعتقال عدد لا يحصى من الإيرانيين وسجنهم، مشيراً إلى أن استخبارات الحرس الثوري سجنته في حبس إيفين في طهران بتهمة "العمل ضد الأمن القومي"، بعد أن ساعد الإيرانيين على تجاوز الرقابة على الإنترنت.

التفكير جريمة
وبكتابته هذه المقالة يُمكن أن يُدان بنفس التهمة مرة أخرى. ففي إيران، يمكن أن يكون التفكير جريمة. تقوم وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي بفرض ذلك من خلال إغلاق المجلات وتمزيق الصفحات من الكتب. كما أن الكتب المدرسية التي يتم تدريسها في المدارس الإيرانية مليئة بالكراهية، مثل التعصّب الأعمى تجاه الدين البهائي والترويج للإرهاب. كما تنشر الصحف الإيرانية أكاذيب حول شعبية النظام، وتاريخ الأمة، والاحتجاجات المناهضة للحكومة. كما أن الصحف المعتمدة من قبل أجهزة المخابرات هي التي يُسمح لها بالنشر.

وأضاف أن شرطة الأخلاق تقوم بمعاملة النساء بوحشية لعدم ارتدائهن الحجاب الإلزامي. كما يدخلون حفلات تقدّم الكحول، ويختلط فيها الطلاب، لضرب الشباب واعتقالهم. بينما يُسجن "الجناة المتكرّرون" أو يُجلدون علناً أو يُعدمون. وقال: "هذه إيراننا".

حظر الانترنت والأنشطة السياسية

وأشار إلى أن القمع لا يستثني العالم الافتراضي. تمّ حظر فيس بوك، وتويتر، ومنصّات أخرى. يلج مراقبو وسائل التواصل الاجتماعي إلى شبكة الإنترنت لتحديد واعتقال أولئك الذين ينشرون محتوى يُعتبر أنه يقوّض الكرامة الدينية أو يُهين قادة النظام. وكانت هذه إحدى "جرائمي" الأخرى، يقول روناغي.

وأضاف أن الأنشطة السياسية محظورة باستثناء تلك التي وافقت عليها الدولة مثل التجمعات ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل. يُسجن المنشقّون لارتكابهم أعمال عصيان مدني بسيطة، مثل خلع نساء حجابهن أو رفع صور أطفال مقتولين. حتى في حالة الموت، فإن الإيرانيين ليسوا في مأمن من المضايقات، وغيرها من الإهانات التي ترتكبها الدولة. لا يُسمح للعديد من أقارب القتلى على يد النظام بتنظيم الجنازات. غالباً ما يتعيّن عليهم دفع رسوم لتحرير جثث أحبائهم، أو يضطرون إلى دفع ثمن الرصاصة أو الحبل المستخدم لقتلهم.

تعذيب واغتصاب
وشرح أن التعذيب يتخذ أشكالاً عديدة لمن بقوا على قيد الحياة. ويتعرّض البعض للضرب العنيف أو الاغتصاب أو الجلد. بينما يُعاني آخرون من الحرمان الجسدي والتهديدات والتعذيب النفسي.

وقال روناغي: "عندما كنت في السجن، عذّبني الحراس، وأوصلوني إلى حافة الموت. فقدت كليتي وحُرمت من العلاج المناسب. حتى يومنا هذا، أعاني من آثار هذا التعذيب".

إيران الخيالية
وأضاف: "هذا هو واقعنا. لكن عندما ننظر إلى الغرب، تصوّر وسائل إعلامهم إيران أخرى. مع اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وإغلاق الجمهورية الإسلامية الإنترنت، وإرسال وحدات عسكرية لذبح أكثر من 1500 متظاهر، غرّد مراسل بلومبرغ في إيران عن تساقط الثلوج بشكل غير متوقّع في طهران. وعندما أسقط النظام طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 في يناير (كانون الثاني) 2020، قال العديد من وسائل الإعلام الغربية إن رئيسنا لم يكن على علم بالهجوم، لكنه لم يقدم أي دليل على هذا الادعاء".

وأوضح: " في إيران، نحتجّ بأعلى صوت ممكن، وننشر مقاطع فيديو على الإنترنت، لكن هذا الواقع لا ينعكس في معظم تقارير وسائل الإعلام الغربية. في غضون ذلك، يغرّد المراسلون على تويتر عن نوادر مثل مراكز التسوق الجديدة، ويتجاهلون القصة الحقيقية لما يحدث في بلدنا. إنهم يظهرون لك إيران الخيالية".

إيران الحقيقية
وأضاف: "في إيران الحقيقية، نعرف الظل الطويل لقمع الدولة. لسنا ضحايا للجهل العالمي، لكننا ضحايا محاولة متعمدة ومنهجية من قبل الجمهورية الإسلامية للتلاعب بالرأي العالمي من خلال الاعتذارات في وسائل الإعلام الأجنبية. لذا تقرأ أن لا معارضة داخلية للجمهورية الإسلامية. هذا خطأ. نحن الشعب معارضة. ما نطلبه منك بسيط: تعرّف على إيران، واستمع إلينا، وشاركنا بقصصنا. قيل لك إن تضامنك سيضر بنا، وأن الحديث عن نضالنا سيعرضنا للخطر. هذه كذبة. إن صمتك ولامبالاتك هما اللذان يهدداننا".

وختم روناغي قائلاً: "لقد فقدنا أصدقاء حاربوا من أجل التحرّر من هذا النظام. لقد ذهبنا إلى سجونه، ورأينا غرف تعذيبه"، مشيراً إلى أن كتابة هذا المقال يمكن أن يعيدني إلى السجن. ولكن إذا كان هذا هو الثمن الذي يجب دفعه لمنح صوت لمن لا صوت لهم ، فان الأمر يستحق ذلك".