مقاتلتان صينيتان من سوخوي 35 وقاذفة من طراز إتش6 النووية (أرشيف)
مقاتلتان صينيتان من سوخوي 35 وقاذفة من طراز إتش6 النووية (أرشيف)
الجمعة 22 أكتوبر 2021 / 19:47

الصين تكثف التوغل في المجال الجوي لتايوان

تشكل الطائرات المقاتلة الصينية التي تظهر على شاشات الرادار التايوانية أحدث أداة لبكين لتعزيز الضغط على الجزيرة الديموقراطية، ما يثير مخاوف من تسبب أي خطأ في تحول الصراع البارد إلى حرب شاملة، كما يرى خبراء.

واستناداً إلى قاعدة بيانات وكالة فرانس برس عن توغل الطائرات الحربية الصينية في منطقة "تعريف الدفاع الجوي بالجزيرة" منذ أن بدأت وزارة الدفاع التايوانية إعلانها في سبتمبر (أيلول) 2020، تبدو الزيادة في وتيرتها وحجمها واضحة.

وسجل أكبر توغل في وقت سابق من الشهر الجاري، بـ 149 طلعة جوية في منطقة الدفاع الجوي جنوب غرب تايوان في أربعة أيام كانت تحتفل الصين خلالها بعيدها الوطني.

وقالت تايوان إنها سجلت العام الماضي حوالى 380 توغل في القطاع الجنوبي الغربي من منطقة الدفاع الجوي، وهو رقم تجاوزته بكين فعلياً مرتين منذ بداية العام، بـ 692 توغل بين 21 و22  أكتوبر(تشرين الأول) الجاري.

والطائرات المستخدمة تشكل تهديداً متزايداً أيضاً، ولا سيما القاذفة "اتش6" النووية.

وحتى سبتمبر (أيلول) 2020 سجلت تايوان توغل 32 مقاتلة و3 قاذفات. ومنذ بداية الشهر الجاري كانت هناك 124 طلعة لطائرات مقاتلة و16 توغل لقاذفات.

وحتى العام الماضي، كان نادراً أن تعبر الصين القطاع الجنوبي الغربي.

وقال الأدميرال المتقاعد لي سي مين الذي كان قائد القوات المسلحة التايوانية، لفرانس برس إن "هذا جزء مما نسميه تكتيك المنطقة الرمادية. إنه يبقي الضغط النفسي على تايوان''.

و"المنطقة الرمادية" مصطلح يستخدمه المحللون العسكريون لوصف أعمال عدوانية من دولة ما دون أن يصل الأمر إلى حرب مفتوحة.

ووصفها وزير الدفاع البريطاني بن والاس أيضاً بـ "المعبر بين السلام والحرب".

وشهدت تايوان عودة هذا النوع من التهديدات منذ انتخاب الرئيسة تساي إنغ وين في 2016. وتكن الصين كراهية لتساي لأنها تعتبر تايوان دولة "مستقلة فعلياً" وترفض مبدأ الصين الواحدة.

وقال لي، إن إجراءات "المنطقة الرمادية" تشمل تكثيف الهجمات الإلكترونية، وحملات تضليل، وزيادة هائلة في الجرافات الصينية، التي تأخذ الرمال من المياه المحيطة بجزيرتي كينمن وماتسو التايوانيتين على بعد بضعة كيلومترات من البر الرئيسي.

وأضاف أن الطلعات في منطقة تعريف الدفاع الجوي بما في ذلك التوغلات الليلية، تسمح للصين "بتحسين تدريب الطيارين" واختبار دفاعات تايوان.

كما أنها تشكل اختباراً لأسطول تايوان المقاتل القديم. ونسبت العديد من الحوادث التي سقط فيها قتلى إلى أعطال ميكانيكية.

وتعيش الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، تحت تهديد الغزو الصيني منذ انفصالها في نهاية حرب أهلية في 1949.

ولم تتحدث الصين التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وتعهدت باستعادتها يوماً ما، كثيراً عن طلعاتها الجوية.

لكن محللين يقولون إن ذلك يوجه رسالة إلى ثلاثة أطراف، حكومة تايوان وشعبها، والجمهور الصيني الذي يصبح قومياً أكثر فأكثر، والقوى الغربية.

وقال مايكل كول الخبير المقيم في تايوان، إن "بكين تريد أن تظهر أنها لن تسمح للتحالفات الأمنية الإقليمية التي تستهدف الصين بلا شك، بترهيبها".

وأضاف أن الصين "تظهر للجمهور الوطني أنها غير راضية عن التطورات التي تصب في مصلحة تايوان".

وأبقت الولايات المتحدة على "الغموض الاستراتيجي" حول تايوان ببيعها أسلحة دون أي التزام بتقديم المساعدة لها. لكن الرئيس جو بايدن قال مرتين إن الجيش الأمريكي سيدافع عن الشعب التايواني إذا هاجمت الصين الجزيرة.

والطلعات الجوية في منطقة تعريف الدفاع الجوي ليست إعلان حرب، لكن المراقبين يخشون أن يعزز تزايد التوغل الجوي خطر تصادم أو خطأ، قد يؤدي إلى إطلاق نزاع أوسع.

وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بالسيطرة على تايوان عندما يبدأ ولاية ثالثة في العام المقبل.

ويرى جيا تشينغوو خبير العلاقات الدولية في جامعة بكين الذي يقدم مشورة للحكومة الصينية، أن تصرف بكين مع تايوان مرتبط "بقدراتها العسكرية المتنامية" والضغوط الداخلية من أجل التوحيد.

كما تشعر الصين بأنها مضطرة للتحرك لمواجهة التطور المتزايد للعلاقات بين تايوان والولايات المتحدة حيث أصبح الدفاع عن تايبيه، قضية تتجاوز الانقسامات السياسية.

وأضاف الخبير، أن "تفاعل الأطراف الثلاثة يدور في حلقة مفرغة ما يجعل المواجهة العسكرية وحتى الحرب الشاملة، سيناريو محتملاً بشكل متزايد".

وقال سو تسو يون الخبير العسكري في معهد أبحاث الأمن والدفاع الوطني في تايوان، إن إنزالاً برمائياً عبر مضيق تايوان، يبقى "أكثر عملية عسكرية تعقيداً، وإذا تعرض جزء من العملية للخطر فستفشل".

وأضاف أن الصين "يمكنها ان تشن حرباً ولكن معرفة إذا كانت تستطيع الانتصار فيها، مسألة أخرى".