صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الأحد 24 أكتوبر 2021 / 10:47

صحف عربية: لبنان.. توقعات باضطرابات خارج النطاق السلمي

تتفاقم الفوضى في أسواق الاستهلاك في لبنان بصورة غير مسبوقة مع انحدار متواصل بوتيرة يومية وأكبر حجماً للتدهور المعيشي، مما ينذر بتكوين موجات اضطرابات اجتماعية تتعدى نطاق الاعتراضات السلمية عبر التظاهرات وقطع الطرق.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأحد، لا مؤشرات تدل على أن الأزمة السياسية في لبنان، والتي تفاقمت بعد حادثة الطيونة، على طريق الحل، إذ إن الانسداد مستمر والصراع على أشدّه لحسم الأمور بين القوى السياسية والطائفية والعاجزة حتى الآن عن بلورة تسوية تعيد انطلاقة العمل الحكومي وتتصدى للاستحقاقات الداهمة في ظل الانهيار الذي يعصف بالبلد.

انتشال الدولة من القاع
وقال الكاتب محمود حسونة في صحيفة "الخليج"، "لو تغيّر العالم كلّه سيظل لبنان محلّك سِر، وستزداد أوضاعه سوءاً حتى يتم إطلاق سراحه من قبل أبنائه الضالين الذين اختطفوه وضللوا فئات من شعبه، وأوهموها أنهم مصدر الحماية لهم. فمنذ عقود والوجوه القابضة على القرار السياسي في لبنان هي ذاتها، متفرغة للتصارع والتنابذ وتبادل الاتهامات، من دون أن يهتز لها رمش لحالة الانهيار التي أوصلت البلاد إليها".

وأضاف "مات المئات، وأصيب الآلاف، وتهدمت المنازل على رؤوس أصحابها في انفجار مرفأ بيروت، من دون أن يستفز ذلك أياً من المسؤولين لتغيير النهج لانتشال الدولة من القاع الذي سقطت فيه. هاجر الشباب والشيوخ هرباً من جحيم الجوع والفقر والمرض والحاضر المزري والمستقبل المهدد، من دون أن يدفع ذلك أحدهم للبحث عن وسائل لوقف هذا النزيف. فرغت البلاد من الغذاء والدواء من دون أن يحرك ذلك ساكناً لأيّ منهم".

وأشار إلى أن هناك جوه تحتل المواقع القيادة سياسياً وحزبياً ومذهبياً وترفض أن تتزحزح منذ عقود، وإذا زحزحت الظروف أحدهم ورّث ابنه، أو صهره موقعه، وهم الذين يقودون ويقررون ويشعلون الشارع، ويجوّعون الشعب، ويشهرون السلاح في وجهه وقتما يشاؤون، هم الذين يتحكمون في الانتخابات، ويفرضون النواب ويختارون الوزراء، هم الذين يشكّلون الوزارات ويسقطونها، ويخلقون الفراغ ويملأونه، ويختارون الرئيس ويقررون بالنيابة عنه، وفي فلكهم تدور وجوه يفرضونها على المواقع التنفيذية، ولا يتجاوزون كونهم دمى في أيديهم يحركونهم كيفما يشاؤون.

تأزم الأوضاع
فيما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" أن الأوضاع في بيروت تتفاقم والفوضى تزداد في أسواق الاستهلاك في لبنان بصورة غير مسبوقة مع انحدار متواصل بوتيرة يومية وأكبر حجماً للتدهور المعيشي، مما ينذر بتكوين موجات اضطرابات اجتماعية تتعدى نطاق الاعتراضات السلمية عبر التظاهرات وقطع الطرق، لتبلغ حدود الإخلال بالاستقرار الأمني الهش، في حين تعجز القدرات الشرائية لمتوسطي الأجور عن اللحاق بالحد الأدنى من أكلاف النقل والتدفئة دون غيرها في بداية فصل الشتاء.

وأشارت الصحيفة إلى أن الترقبات في الأوساط تبدو سلبية للغاية، مع تضافر العوامل الضاغطة سلبياً في توقيت متزامن. وهو ما شكل مناخات ملائمة، بحسب المحللين والخبراء، لتجدد المضاربات على سعر صرف الليرة مقابل الدولار والتحسب التلقائي لمزيد من التدهور في تسعير المواد والسلع، وأن الوضع تأزماً مع خطابات التصعيد الداخلي على الجبهة السياسية التي تسببت بإيقاف قسري لاجتماعات مجلس الوزراء، والتي وصلت إلى الميدان القضائي في مقاربة ملفي انفجار مرفأ بيروت وصدامات الطيونة في الأسبوع الماضي، بموازاة توقف الدعم التمويلي للسلع والمواد الأساسية واقتصاره على بعض الضرورات «القصوى» كالقمح والأدوية المخصصة للأمراض المزمنة والمستعصية.

وحذرت صحيفة "الشرق الأوسط" من أن هذه المؤشرات والترقبات قد تؤدي إلى تحول كارثي في مسار الأزمة المعيشية صوب الانفجار الحتمي، بحسب ما يحذر خبراء. فمع انحدار الحد الأدنى للأجور إلى ما يماثل بدل صفيحتي بنزين أو مازوت أو غاز، يمكن الاستنتاج، بحسب المتابعين واستطلاعات ميدانية، أن أحوال الناس لن تحتمل إضافة قساوة برد الشتاء إلى واقع التقشف الصارم الذي فرضه التضخم المفرط والمستمر دون هوادة على مدى عامين ونيف، ولا سيما عقب انحسار المكتسبات الجزئية التي رافقت انطلاق الحكومة الجديدة وانخراط الأطراف الداخلية في إدارة استحقاق الانتخابات النيابية بعد أشهر قليلة.

انسداد سياسي
واعتبرت صحيفة "النهار" أن الانسداد السياسي مستمر والصراع على أشدّه لحسم الأمور بين القوى السياسية والطائفية والعاجزة حتى الآن عن بلورة تسوية تعيد انطلاقة العمل الحكومي وتتصدى للاستحقاقات الداهمة في ظل الانهيار الذي يعصف بالبلد.

وقالت الصحيفة إن الواقع يشير اليوم إلى أن لبنان دخل في مرحلة جديدة بعد حادثة الطيونة وإصرار "حزب الله" على الإطاحة بالمحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ، إنما الأكثر خطورة هو ما حدده الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، من معالم المرحلة الجديدة وسماتها، أي محاولة تكريس تفوقه واستطراداً هيمنة الشيعيّة السياسية على القرار.

كما أشارت الصحيفة إلى أن الانسداد السياسي في البلد والأزمات المتلاحقة والعجز عن إيجاد حل، ترتبط بمشاريع لها امتدادات إقليمية، حيث يتقدم "حزب الله" كل القوى بارتباطه بمرجعيته الإيرانية، وتأديته أدواراً إقليمية في المنطقة كلها، عبر تدخله في سوريا أولاً، ثم اتهامه بأدوار في العراق واليمن وغيرهما، فيما يعتبر معركته أنها ضد الأمريكيين وحلفائهم في لبنان والمنطقة، لذا كان لافتاً إعلانه الانتصار أخيراً بعدما تمكن من إدخال المحروقات الإيرانية إلى لبنان، وإعلان تفوّقه في الداخل اللبناني، فيما التركيب اللبناني الطائفي وحقوق الطوائف وصيغة البلد المعقدة تمنع قدرة أي طرف على تغييرها والسيطرة على الدولة، حتى لو كان يملك مئات الألوف من المقاتلين.

وأكدت الصحيفة أن "حزب الله" يريد الحفاظ على مكتسباته السياسية وتلك التي حققها خلال السنوات الماضية، وقدرته على التحرك أمنياً، والتدخل في أي مجال من دون اعتراض، ويندرج تصعيده تحت هذه الخانات، وهو الذي كان تمكن برعاية إيرانية من الدفع بتشكيل حكومة نجيب ميقاتي وفي إمكانه إسقاطها، وفرض وقائع على الأرض والتعطيل والتهديد بالقوة، لما يملكه من فائض، لكنه لا يستطيع أن يغيّر الصيغة اللبنانية المعقدة، وأيضاً قد يضطر الى البحث عن صيغ معينة لضبط الوضع، طالما أن جمهوره يعاني أيضاً من تبعات الانهيار، وهذا ما حدث حين أمّن جزءاً من المحروقات للسوق.

ذكريات الحرب الأهلية
ومن جانبها قالت أوساط سياسية لبنانية إن البيان الحاد الذي أصدرته حركة أمل الشيعية ضد حزب التيار الوطني الحر، الذي يرأسه جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، هو بمثابة رسالة من حزب الله إلى حليفه الذي لم يدعمه في الإطاحة بالقاضي طارق بيطار المكلف بالتحقيق في مرفأ بيروت.

وذكرت صحيفة "العرب" أن الأوساط اللبنانية فوجئت من حدة بيان حركة أمل الذي جمع الكثير من الأوصاف القوية في الهجوم على التيار من نوع "تيار الفساد بات محترفاً في سرقة المواقف"، وعلى عون بوصفه بـ"التقاعس" و"الإخلال بواجباته الدستورية".

وأضافت هذه الأوساط أن حزب الله، الذي تعوّد على وقوف التيار الوطني الحر والرئيس عون وراءه والتصفيق لكل مواقفه، لم يستوعب كيف أن التيار غيّر موقفه بشكل واضح حين دعّم استمرار التحقيق في قضية المرفأ ووقف بشكل واضح ضد رغبة أمين عام حزب الله حسن نصرالله في إقالة بيطار الذي يتهمه بتسييس التحقيق وخدمة أجندات خصوم الحزب.

وأشارت إلى أن حزب الله يعتبر أن اختلاف التيار معه في موضوع مثل التحقيق في تفجير مرفأ بيروت يعني أنه صار من الشق المسيحي المعارض، والذي بدا أقرب إلى مواقف الدول الغربية التي تريد تقليص قبضة حزب الله على لبنان، ولذلك كلف حركة أمل بالهجوم عليه، وتحذيره بأن هذا الموقف لن يمر بسهولة.

كما لفتت مصادر مقربة من الحزب لصحيفة "العرب" إلى أن التيار الوطني الحر يرفض المشاهد التي تعيد ذكريات الحرب الأهلية في لبنان، في إشارة إلى تظاهرة الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل للمطالبة بإقالة بيطار وما تبعها من مواجهة بين مجهولين ومقاتلي حزب الله.

وأضاف "وبات هذا التيار في ظل البطالة والإرباك السياسي والشعبي الذي يعيشه يحاول الهروب وخلق سيناريوهات وهمية وفاشلة من عقله المريض للتغطية على واقعه وعلى ما ارتكبه من جرائم سياسية ومعيشية بحق اللبنانيين".
وقال متابعون للشأن اللبناني إن البيان يظهر أن حركة أمل تضع نفسها في خدمة حزب الله الذي لا يريد أن يظهر للعلن قلقه من التطورات الأخيرة، خاصة بعد أن ارتفعت أصوات كثيرة تحذر من أن الحزب يحاول أن يرهب اللبنانيين، وأنه يخلق مناخا يمهد لحرب أهلية جديدة.