الأحد 24 أكتوبر 2021 / 11:23

الانتخابات العراقية وضعت ميليشيات إيران في مأزق

توقعت المحللة في "مركز السياسة الأمنية" مايا كارلين أن تترك الانتخابات التشريعية الأخيرة في العراق ترددات إقليمية على مدى السنوات المقبلة. بمجرد صدور النتائج الأولية في 12 أكتوبر (تشرين الأول)، سارعت الأحزاب المرتبطة بإيران إلى التنديد بها واصفة إياها بـ "عملية الاحتيال".

من دون وكلائها، ستكون قدرة إيران على نشر نفوذها في الخارج قريبة من الصفر

 خسر تحالف الفتح الذي يمثل الحشد الشعبي قرابة 36 مقعداً حيث من المتوقع أن يكون مقتدى الصدر الرابح الأكبر مع زيادة عدد مقاعده في البرلمان من 34 إلى قرابة 73. ومع نسبة اقتراع منخفضة بشكل قياسي (41%)، أظهر الشعب العراقي استياءه الشامل من الحوكمة والنفوذ الإيراني في العراق.

الهراوة اللازمة
من المرجح أن تمارس الأحزاب الموالية لإيران الضغوط على الكتل الشيعية الأخرى كي تكسب ما يكفي من الدعم لتشكيل تحالف حكومي. وقد تكون حكومة صدرية الهراوة اللازمة لإحباط نفوذ إيران المارق في العراق آخر المطاف. شكل تحالف الفتح سابقاً ثاني أكبر كتلة في البرلمان وتمتع بشعبية هائلة وبالنفوذ في الحكومة العراقية. إن الميليشيات الشيعية المعروفة جماعياً باسم الحشد الشعبي تأسست في 2014 للمساعدة بمحاربة داعش. في البداية، أدت تلك الميليشيات دوراً جوهرياً في هزيمة التنظيم. لكن إيران سارعت إلى انتهاز الفرصة وتحويل الحشد الشعبي إلى أداة لنشر نفوذها في الفضاءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية داخل العراق.

مظالم وخطوات غير مسبوقة
شرحت كارلين كيف تبدد الدعم الشعبي للحشد والتيارات الموالية لإيران بسبب مساهمة الأخيرة في الفساد والانهيار الاقتصادي والفوضى التي ابتلي بها العراق. لقد بلغت المظالم العراقية ذروتها في خريف 2019 حين تظاهر السكان المحبطون ضد التدخل الإيراني. في الواقع، إن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات مرتبط جزئياً بغياب ثقة العراقيين بحكومتهم التي يرونها معيوبة بالنفوذ الإيراني. تتوجت احتجاجات العراق سنة 2019 بوصول مصطفى الكاظمي المنتقد للحشد الشعبي والمتمتع بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة إلى رئاسة الحكومة الانتقالية.

أقدم الكاظمي على خطوات غير مسبوقة لتقويض النفوذ الإيراني في العراق من ضمنها توقيف عدد من الميليشيويين كما تعهد بمعاقبة المسؤولين عن شن هجمات ضد المصالح الأمريكية. على الرغم من أن شعبية إيران وتمددها كانا محدودين في عهد الكاظمي، لا تزال قوة الحشد الشعبي تهدد سيادة العراق وقدرته على العمل مع الحلفاء الاستراتيجيين. لهذا السبب، توقعت كارلين أن يبذل تحالف الفتح كل ما يلزم لمنع حكومة صدرية مناوئة لإيران من قيادة الحكومة العراقية.

هل يقدم الصدر على الخطوة الجريئة؟
بعد إعلان نتائج الانتخابات، أطلق تحالف الفتح حملة هادفة إلى تشويه صورة العملية الانتخابية والتيار الصدري ككل. قائد منظمة بدر وتحالف الفتح هادي العامري زعم أن النتيجة الأولية "مفبركة" مضيفاً أنه لن يقبل بها "مهما كان الثمن". رداً على غضب الحشد الشعبي ودعوته الضمنية لحمل السلاح، أعلن الصدر أنه "يجب حصر السلاح بيد الدولة، ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق وإن كان ممن يدعون المقاومة".

في تصريحه، أشار الصدر إلى نقطة توتر أساسية مع الحشد الشعبي ودوره في الأجهزة الأمنية العراقية. منذ تمت مأسسة الحشد الشعبي في الجهاز الأمني العراقي سنة 2018، استخدمت الميليشيات المرتبطة بإيران الأسلحة والموارد العراقية لقيادة عمليات هادفة إلى تعزيز المصالح الإيراني بذريعة "المقاومة". عرضت هذه النشاطات المارقة سيادة العراق للخطر كما هددت حياة المدنيين. وترى المحللة انطلاقاً من تصريح الصدر أنه من غير المستبعد عمله على فصل الحشد عن الأجهزة الأمنية العراقية.

إيران لا تستبشر خيراً

من دون وكلائها، ستكون قدرة إيران على نشر نفوذها في الخارج قريبة من الصفر. بما أن الدعم العراقي للحشد الشعبي قد تضاءل بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، لا تبشر النتائج الأولية للانتخابات العراقية بالخير لإيران. في الأشهر المقبلة، سيعمل تحالف الفتح على الأرجح بلا ملل لتقويض نتائج الانتخابات وتأمين موقعه في المفاوضات لتشكيل الائتلاف الحكومي. في نهاية المطاف، ستؤثر هذه الانتخابات بشكل بارز على علاقة العراق مع جيرانه والولايات المتحدة للسنوات المقبلة.