الثلاثاء 26 أكتوبر 2021 / 19:57

الإمارات والصين تعتمدان برنامجاً موسعاً للشراكة الاقتصادية

اتفقت حكومة دولة الإمارات وحكومة الصين، على مسارات عمل جديدة وبرنامج تعاون اقتصادي موسع يشمل تعزيز نمو التجارة والاستثمار، والتعاون في مجال الطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية، وتنمية السياحة، ودعم ريادة الأعمال، والتعاون الجمركي، والأمن الغذائي، والطيران.

وركز الجانبان على وضع خطوات عملية لتحفيز التعاون الاستثماري بين البلدين في مجالي "الاقتصاد الرقمي" و"الاقتصاد الأخضر" خلال المرحلة المقبلة.

جاء ذلك خلال اجتماع الدورة السابعة من اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين التي عقدت على هامش معرض إكسبو 2020 دبي، والذي ترأسه وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري، ممثلاً لحكومة الإمارات، ووزير التجارة بالصين وانغ ون تاو، ممثلاً لحكومة بلاده، بحضور وزير دولة للتجارة الخارجية الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وسفير الدولة لدى الصين علي عبيد علي الظاهري، وسفير الصين لدى الدولة  ني جيان، إلى جانب عدد من المسؤولين الحكوميين وممثلي القطاع الخاص والشركات الاستثمارية من البلدين.

وأكد عبدالله بن طوق المري، قوة وعمق العلاقات الإماراتية الصينية التي تمثل نموذجاً يحتذى على المستوى الدولي في ظل ما يربط البلدين عمن لاقات استراتيجية متينة على مدى 37 عاماً اتسمت بالإرادة المشتركة والعمل الجاد لتحقيق ما وصل إليه البلدان اليوم من شراكة استراتيجية شاملة، مشيراً إلى أن "العلاقات بين البلدين تتميز بإمكانات تنموية واسعة وآفاق إيجابية وتقوم على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية".

وشدد على أهمية اللجنة كمنصة لوضع خريطة طريق للتعاون بين البلدين خلال المرحلة المقبلة برؤية واضحة ووفق برنامج متكامل للشراكة لاسيما في قطاعات الاقتصاد الرقمي والتجارة الرقمية والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد الأخضر والطاقة والطاقة المتجددة، باعتبارها محركات مشتركة للتنمية المستقبلية في البلدين.

وأوضح ابن طوق أن "الصين تعد أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على مستوى العالم بعدما بلغت نسبة نمو التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجاري 2021 أكثر من 25%، مقارنة بالنصف الأول من عام 2020، و17% مقارنة بالنصف الأول من العام 2019، ووصل حجمها خلال النصف الأول من 2021 نحو 103 مليارات درهم، فيما قاربت قيمتها نحو 175 مليار درهم خلال العام الماضي، إذ استحوذت الصين على 12% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات خلال 2020".

وعلى صعيد الاستثمار، بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للإمارات من الصين بنهاية عام 2019 نحو 20 مليار درهم، وتأتي الصين في المرتبة الثالثة من حيث قيمة رصيد الاستثمار الوارد للدولة حيث استأثرت خلال الفترة 2015 – 2019 بنحو 16% من إجمالي التدفقات الاستثمارية الواردة إلى الدولة بقيمة تجاوزت 12 مليار درهم، وتأتي الإمارات ضمن قائمة أهم 20 سوقاً عالمياً والأول عربياً للاستثمار الصيني المتدفق للخارج لنهاية 2019، وفي المقابل، تستثمر الشركات الإماراتية في الصين بنحو 30 مليار درهم.

واستعرض عبدالله بن طوق أبرز المستجدات والإنجازات التي شهدها اقتصاد دولة الإمارات خلال المرحلة الماضية وأطلع الجانب الصيني على المبادرات والمشاريع الرائدة التي أطلقتها الدولة مؤخرا في إطار رؤيتها المستقبلية لا سيما مشاريع الخمسين وجهود التحول نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر استدامة ومرونة عبر تحرير الاستثمار وفتح التملك الأجنبي للشركات بنسبة 100% وإحداث تطورات شاملة في منظومة التشريعات الاقتصادية لتسهيل ممارسة الأعمال وتعزيز جاذبية الدولة للمشاريع الريادية والشركات العالمية المتميزة والمواهب والابتكارات.

من ناحيته، قال وزير التجارة بالصين وانغ ون تاو: "تعد العلاقات الإماراتية الصينية مثالاً يحتذى عالمياً في المجالات كافة ونحرص على تنميتها وتطويرها على جميع الصعد، ونعمل من خلال اللجنة الاقتصادية المشتركة على تعزيز التواصل والتنسيق والخروج بمسارات واضحة للتعاون خلال المرحلة المقبلة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، لاسيما المجالات الحيوية والمستقبلية".

من جانبه، أشار الدكتور ثاني الزيودي إلى أن "الإمارات والصين ترتبطان بعلاقات استراتيجية راسخة تشمل مختلف المجالات لا سيما المجالات التجارية والاستثمارية، وتحرص حكومة الإمارات على دعم وتعزيز الشراكات بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والصيني وتوفير كافة التسهيلات والحوافز للشركات الصينية الراغبة في تأسيس أو توسيع أعمالها في الإمارات أو الانطلاق منها نحو أسواق إقليمية وعالمية أخرى"، معرباً عن تطلعه لزيادة التعاون مع الحكومة الصينية خلال المرحلة المقبلة لتسهيل مهمة الشركات الإماراتية المصدرة إلى الصين أو المستثمرة في قطاعاتها المختلفة.

وأكد الزيودي مواصلة مسيرة التعاون مع الشركاء في الصين لتحقيق مزيد من الربط بين رواد الأعمال في البلدين وتعزيز وصولهم إلى الفرص الواعدة في أسواقهما، مشيراً إلى أسواق الإمارات تحتضن اليوم أكثر من 4000 شركة صينية توظف نحو 400 ألف شخص وتعد مساهما رئيسيا في نمو البيئة التجارية في الدولة، كما تعد الإمارات بوابة العبور الأولى للتجارة الصينية لثلثي سكان العالم، حيث يعاد تصدير نحو 60% من تجارتها عبر موانئ الدولة لأكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وجدد دعوة الشركاء في الصين للانضمام إلى مبادرة الجواز اللوجستي العالمي التي أطلقتها الإمارات والاستفادة من التسهيلات والحوافز في الإجراءات اللوجستية الداعمة للتجارة والاستثمار، مما يعزز شراكتها مع السواق الإماراتي، ووصولها من خلاله إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

ودعا الشركات الصينية إلى الاستفادة من مخرجات اللجنة التي تقام على هامش معرض إكسبو 2020 دبي، واستكشاف الفرص الواعدة المنبثقة عنها باعتبارها إطار عمل جديداً ومتكاملاً للتعاون التجاري مع الشركاء، وسيساهم في تعزيز الشراكة القائمة مع الصين وتوليد فرص جديدة للتجارة والاستثمار بين البلدين.

إلى ذلك، أكد الجانبان أهمية استكمال منجزات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني التي تم تحقيقها سابقا بين حكومتي البلدين في إطار اللجنة الاقتصادية المشتركة، بهدف خلق فرص جديدة وواسعة ومتنوعة لمجتمعي الأعمال وتعزيز الامكانات المتاحة لرفع معدلات التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات بين البلدين.

واتفق الجانبان على استحداث آلية لدعم التعاون في مجال التجارة الإلكترونية، ومواصلة تعزيز التسهيلات التجارية بين البلدين، وتبادل الخبرات بين المناطق الاقتصادية المتخصصة في البلدين وزيادة الاستثمارات والتجارة فيما بينها، ومواصلة تسهيل التجارة وبناء الشركات الاستثمارية الناجحة وإزالة الحواجز التي تواجهما وبناء بيئة ضريبية صديقة.

وأكدا أهمية تسريع المفاوضات لإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، لتعزيز النمو التجاري والتكامل الاقتصادي، واتفقا على تكثيف الجهود المشتركة لتحقيق هذا الهدف و دعم النظام التجاري متعدد الأطراف لتمكينه من لعب دور أكبر في الحوكمة الاقتصادية، ومواصلة تعزيز التعاون متعدد الأطراف، وتشجيع المؤسسات الاقتصادية والتجارية بما يشمل الغرف التجارية والصناعية على التواصل البناء وتوسيع حجم التبادل التجاري والاستثماري.

وشدد الجانبان على أهمية الانتهاء من المباحثات الجارية لتوقيع مذكرتي تفاهم بين البلدين خلال المرحلة المقبلة لإطلاق مسار جديد للاستثمارات المشتركة والمتبادلة بين دولة الإمارات والصين في مجالي "الاقتصاد الرقمي" و"الاقتصاد الأخضر" والتي ستعزز بقوة التعاون الإستثماري الثنائي في المجالات التي جرى بحثها.

وأقر الطرفان تشكيل مجموعات عمل مشتركة لتسهيل وصول الشركات ورواد الاعمال والمستثمرين إلى أسواق البلدين وتشجيعهم على إنشاء الشركات الناجحة، وذلك من خلال عقد الاجتماعات وورش العمل المشتركة بحضور المستثمرين والشركات الاستثمارية من الجانبين لمناقشة الفرص الاستثمارية والقطاعات المهمة والمزايا والحوافز التي توفرها البيئة الاقتصادية في البلدين.

واتفقا على خطة عمل لتعزيز التعاون بين الشركات وأكاديميات البحوث في مجال البرمجيات والحوسبة والبيانات الضخمة والمدن الذكية والاقتصاد الرقمي، لخلق بيئة تنافسية مشتركة قائمة على المعرفة والتكنولوجيا والابتكار، وأقرا خطة سيعمل الجانب الإماراتي من خلالها على مساندة بناء وتشغيل المنطقة النموذجية للتعاون الصناعي الصيني الإماراتي، ومواصلة تشجيع ودعم الشركات للاستثمار في المنطقة وجعلها مشروعا نموذجيا للبلدين لبناء الحزام والطريق بشكل مشترك.

كما أقرا خطة عمل لتعزيز التعاون بين القطاع الخاص الإماراتي والصيني، من خلال تبادل زيارات الوفود وتبادل المعلومات حول احتياجات الأسواق المحلية لدى البلدين من السلع والخدمات، وتعزيز التنمية الصحية للتجارة الثنائية، وأيضاً تعزيز التعاون في شأن الحجر الصحي للصادرات الزراعية الإماراتية إلى الصين خاصة اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان.

وأكد الجانبان ضرورة التركيز على تحقيق مستهدفات الحياد المناخي والتي تتوافق مع استراتيجية الإنبعاث الصفري للإمارات 2050، والعمل على تكثيف التعاون الاستثماري في هذا الشأن وتحويل التحديات في هذا القطاع إلى فرص تضمن للأجيال القادمة مستقبلاً مشرقاً.

واتفق الجانبان على خطة عمل لتعميق التعاون الثنائي في مجال الطاقة والطاقة المتجددة لمواكبة المتغيرات في مشهد الطاقة العالمي و بحث فرص زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة وتبادل الخبرات في قطاع الطاقة المتجددة.

واتفقا كذلك على خطوات عملية لتوسيع التعاون الشامل في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة وإعداد دراسات جديدة مشتركة في مجالات توليد الطاقة الكهرومائية من السدود.. وبحثا سبل تعزيز التعاون بين مؤسسات الطاقة الشمسية ومعاهد البحوث والمؤسسات الاستثمارية في مجال الطاقة الشمسية، بما يسهم في تطوير صناعة الطاقة المستدامة والخضراء.
و اتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التعاون في مجال البنية التحتية والنقل واللوجيستيات، والاستفادة من فعاليات معرض إكسبو 2020 دبي كفرصة لتعزيز علاقة الشراكة في مجالات البنية التحتية والطاقة والنفط والغاز والنقل البري والبحري والاستفادة من خبرة البلدين في تطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون وتبادل التكنولوجيا والخبرات في مجال الطيران الذكي لدعم التطور والابتكار في صناعة الطيران.
و أقر الجانبان خطة عمل أيضا لدعم وتشجيع التبادل السياحي بين البلدين وتعزيز التعاون بين المؤسسات السياحية في القطاعين الحكومي والخاص، وتبادل المعرفة في مجالات السياحة المتخصصة، بما في ذلك سياحة الأعمال، والسياحة المستدامة، والسياحة الثقافية، وسياحة فن الطهو، وسياحة الاستشفاء والاستجمام، وسياحة الرحلات البحرية، وأيضا تطوير التعاون الفني في مجالات التعليم السياحي والتدريب المهني، فضلا عن تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية وعلوم الحياة.