الأربعاء 27 أكتوبر 2021 / 15:02

عمره 30 عاماً... ما هدف روسيا من نورد ستريم2؟

للكاتب السياسي في شبكة بلومبيرغ، جوليان لي وجهة نظر مغايرة للتحليلات السائدة عن الغايات الروسية من بناء خط نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، بعد التشهير بالمشروع في الولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا، واعتباره مخططاً لإيقاع مشتري الغاز الأوروبيين في الفخ الروسي. لكن الواقع مغاير، حسب لي.

سيزيل نورد ستريم 2، قريباً تدفقات الغاز عبر بيلاروسيا، وبولونيا، وأوكرانيا منهياً اعتماد روسيا على الدول السوفياتية السابقة، أوالتي كانت تدور في فلكه لنقل النفط والغاز إلى الأسواق الغربية

يشير الكاتب إلى أن نورد ستريم 2 ليس سوى الرابط الأخير في مشروع عمره 30 عاماً لتحويل الصادرات الروسية من النفط والغاز بعيداً من طرق الترانزيت عبر الجيران السوفيات السابقين.

ويضيف أن الأمر منطقي تماماً من المنظور الروسي، وأن على من يعارض ذلك، سؤال الكنديين عن مشروع كيستون أكس أل، الذي ألغته إدارة بايدن.

مشكلة روسيا القديمة
منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، واجهت روسيا مشكلة الاعتماد على خطوط الأنابيب التي تعبر دولاً، أصبحت فجأة مستقلة، وليس بالضرورة ودية، لنقل جميع صادراتها تقريباً من النفط والغاز إلى الأسواق الدولية.

لم يكن بإمكان روسيا حتى نقل النفط الخام إلى ميناء نوفوروسييسك على البحر الأسود، دون ضخه عبر أوكرانيا، بينما كان منفذها الأساسي على بحر البلطيق، في لاتفيا.

وكان على صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية أن تمر في جمهورية أو أكثر من الجمهوريات السوفياتية السابقة، بيلاروسيا، وأوكرانيا، ومولدوفا.

بعد ذلك، كان على تلك الصادرات المرور بدول دارت سابقاً في فلك الاتحاد، مثل بولونيا، وتشيكيا، وسلوفاكيا، ورومانيا، وبلغاريا. كانت علاقات موسكو مع جميع تلك الدول لا تتغير للأفضل من وجهة النظر الروسية.

لا مفاجئة ولا فريدة
بدأت موسكو سلسلة مشاريع لتخفيف اعتمادها على الترانزيت في الدول السوفياتية السابقة لنقل صادراتها الهيدروكربونية، وبنت محطات جديدة لتصدير النفط على ساحل بحر البلطيق، وبعد إنجاز إحداها، بريمورسك، توقفت الصادرات عبر موانئ لاتفيا، وليتوانيا، وبولونيا. وفي نهاية المطاف، أرسلت روسيا جميع شحناتها النفطية المتزايدة إلى الخارج عبر الموانئ الروسية.

ويضيف لي أن الأمر نفسه حدث في الجنوب، مع توقف تدفق خام النفط عبر أوديسا، وبيفدين الأوكرانيتين في نهاية 2010.

أطلقت روسيا عملية مشابهة مع الغاز. بنت خطوط أنابيب ضخمة لربط روسيا بكبار المستهلكين، أولاً تركيا، وثانياً ألمانيا.

قلصت خطوط أنابيب بلو ستريم تحت البحر الأسود، اعتماد روسيا على الترانزيت عبر أوكرانيا لنقل الغاز إلى تركيا، بينما قلص نورد ستريم أدوار بيلاروسيا، وبولونيا، في تسليم الغاز الروسي إلى ألمانيا ومستهلكين آخرين في غرب أوروبا. أعقب تلك المسارات لاحقاً بناء تورك ستريم، واليوم نورد ستريم 2. إن سياسة روسيا لا يجب أن تفاجئ أحداً، فهي غير فريدة من نوعها.

تاريخ غير سعيد
تابع لي، أن تاريخ أنابيب الترانزيت ليس مشرقاً. تشمل لائحة الأنابيب التي توقفت عن العمل، خطوط إيبسا التي نقلت النفط من الحقول العراقية الجنوبية، إلى الخطوط الشرقية الغربية في السعودية، وخط تابلاين في المملكة الذي نقل الخام إلى سواحل لبنان.

وثمة خطوط أخرى اقترحت وخُطط لها وحتى بناؤها جزئياً لتتحول إلى كومة خردة في نهاية المطاف.

كانت النية، بناء خطوط تابي نقل الغاز من تركمانستان، عبر أفغانستان، وباكتسان إلى الهند. دامت النقاشات 25 عاماً، لكن يبدو أن بناءها أقل اليوم مما كان عليه في 1996.

تحذير
إن مصير خط أنابيب كيستون أكس أل لنقل الخام الكندي إلى المصافي ومحطات التصدير في الولايات المتحدة، يجب أن يكون تحذيراً لجميع الذين يعتمدون على الترانزيت في دول جارة للوصول إلى الأسواق.

وحتى أنابيب الترانزيت التي نجت وازدهرت لم تخدم أصحابها الحقيقيين كما خططوا لذلك. استخدمت روسيا نفوذها باعتبارها دولة ترانزيت لتغيير الهياكل الإدارية والضريبية لخط أنابيب سي بي سي الكازاخي لمصلحتها. وفعلت تركيا الأمر نفسه مع خطوط أنابيب النفط والغاز من العراق وأذربيجان، فانتزعت رسوم ترانزيت أعلى وسيطرة أكبر عليها. من غير المفاجئ إذاً أن تسعى روسيا إلى إنهاء اعتمادها على روابط مشابهة.

ويوضح لي أن لشركة غازبروم الروسية عقداً يلزمها بشحن غازها عبر أوكرانيا حتى 2024. وسيزيل نورد ستريم 2، قريباً تدفقات الغاز عبر بيلاروسيا، وبولونيا، وأوكرانيا منهياً اعتماد روسيا على الدول السوفياتية السابقة، أوالتي كانت تدور في فلكه لنقل النفط والغاز إلى الأسواق الغربية.