الأربعاء 27 أكتوبر 2021 / 14:00

فورين بوليسي: لا خيار أمام حزب الله اللبناني سوى التصعيد

اعتبر الصحافي اللبناني أوز قاطرجي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أنه لم يعد أمام حزب الله سوى تصعيد العنف في لبنان، في محاولة لعرقلة التحقيق في تفجير مرفأ بيروت الكارثي في العام الماضي.

الوضع الأكثر إثارة للقلق في لبنان الآن هو أن حزب الله حشر نفسه في الزاوية، ولم يبق لديه سوى الخيارات الأكثر تطرفاً

وكتب قاطرجي، لمجلة "فورين بوليسي"، أنه "بعد أسبوع من العنف وسفك الدماء الذي سبّبه في شوارع العاصمة اللبنانية، وفشله في تعطيل التحقيق في انفجار ميناء بيروت، لم يكن لدى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، سوى الترهيب والمبالغات السخيفة التي يهدد بها منذ الأحداث المؤسفة".

وأضاف "لكن مع لعب زعيم الميليشيا كل أوراقه تقريباً دون نجاح في إيقاف تحقيق يهدد قلب قوة حزب الله، فإن لبنان الذي يعاني بالفعل من التمزق الشديد، يدخل في أزمة خطيرة وحاسمة، يعلم نصرالله مسؤوليته المباشرة عن التصعيد فيها".

ودمر الانفجار أجزاء كبيرة من بيروت، ما أدى إلى تفاقم أزمة اقتصادية كارثية بالفعل. وبعد أكثر من عام، لم يدان أي مسؤول بأي جرائم بعد الانفجار، رغم أدلة مهمة على الفساد والإهمال الجنائي. واليوم، يعيش حوالي 75% من سكان لبنان في فقر.

اختبار لحصانة حزب الله
ويختبر انفجار المرفأ حصانة حزب الله، وقوته العسكرية الهائلة في البلاد. ولكن بسبب الدستور اللبناني واتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، يتعين عليه تقاسم السلطة مع الفصائل الأخرى، ومعظمها منظمات شبه عسكرية من حقبة الحرب الأهلية، ولها أجنحة سياسية.

ورغم هيمنته العسكرية والسياسية على لبنان، لا يملك حزب الله لا القدرة ولا الإرادة لإنقاذ اقتصاد البلاد، أو إنهاء الفساد المستشري الذي يستفيد منه الحزب، الذي لا يزال يحافظ على هيمنته على لبنان، بفضل الاغتيال والترهيب والعنف المسلح. وجنباً إلى جنب مع حركة أمل المتحالفة معه، يحافظ على سيطرة انتخابية على الطائفة الشيعية في لبنان.

البيطار يُواصل التحقيق
لكن رجلاً برز أخيراً بسعيه لتحقيق العدالة بعد الجريمة، واستأنف طارق البيطار، القاضي المُكلّف بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، تحقيقه يوم الثلاثاء رغم المحاولات العديدة من نصر الله وحلفائه لوقف المحكمة. فكل تهديدات نصرالله ومكائده السياسية فشلت حتى الآن في تعطيل التحقيق، ما يفسر تفضيل حركة أمل وحزب الله، التصعيد العنيف.

ويواصل البيطار تحقيقه رغم التهديدات، وأثارت ملاحقته الحازمة لشخصيات سياسية استدعاها للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بتفجير المرفأ، مخاوف الطبقة الحاكمة شبه العسكرية في لبنان، وهي عصابة نخبة من أمراء الحرب الفاسدين الذين لم يعرفوا سوى الإفلات من العقاب على العنف والفساد منذ الحرب الأهلية.

وبإصداره أوامر استدعاء لكبار حلفاء حزب الله، يختبر البيطار الدولة اللبنانية، الموجودة تحت رحمة الفصائل المسلحة منذ عقود.

العنف مصدر قلق
ودفع تحقيق البيطار، حزب الله إلى موقف غير مريح، وإذا كانت إراقة الدماء في شوارع بيروت لمحة مرعبة لما يمكن أن يحمله المستقبل للبنان إذا أغرقت هذه الميليشيات، البلاد في حرب أهلية أخرى، فإن اندلاع العنف لا يزال مصدر القلق الأكبر.

وقال قاطرجي: "استنفد حزب الله الآن كل الوسائل الممكنة لإيقاف التحقيق، خطب نصرالله، والتخريب السياسي، والتعنت البرلماني، ومجلس الشورى فشل في عزل البيطار. وفشل إرسال المسلحين إلى شوارع بيروت في وقف التحقيق".

حزب الله في الزاوية
وأضاف "الوضع الأكثر إثارة للقلق في لبنان الآن هو أن حزب الله حشر نفسه في الزاوية، ولم يبق لديه سوى الخيارات الأكثر تطرفاً. وهناك سوابق وحشية للجماعة عندما اغتالت رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ثم قتلت ضباط المخابرات الذين قادوا التحقيق في الاغتيال".

وختم قاطرجي قائلاً: "على المجتمع الدولي حماية حياة البيطار بأي ثمن. أما البديل فهو محكمة خاصة أخرى، وإفلات دائم من العقاب لمهندسي معاناة لبنان".