الإثنين 29 نوفمبر 2021 / 12:05

أمريكا وإيران مستعدتان لانهيار المفاوضات

24-زياد الأشقر

تناولت نهال توسي وستيفاني ليتختنشتاين في مقال بمجلة "بوليتيكو" الأمريكية التوقعات المتعلقة بالجولة السابعة من مفاوضات فيينا النووية التي تبدأ اليوم، قائلتين إن الإيرانيين يتقدمون بمواقف غير واقعية ويعطلون عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والإسرائيليون يهددون مجدداً باللجوء إلى القصف، والأمريكيون يلوحون بالتخلي عن المفاوضات.

فريق بايدن بدأ فعلاً في التحرك نحو "الخطه ب" في حال انهارت المفاوضات

وبينما تتجدد المفاوضات الرامية إلى إحياء الإتفاق النووي في فيينا، بعد خمسة أشهر من التوقف، فإن المزاج السائد في أوساط المفاوضين كئيب إن لم يكن قاتماً جداً، وتحول الخطاب من قاسٍ إلى حاد. ويبدو ان أمريكا وإيران مستعدتان للمخاطرة بالفشل، وربما أكثر من ذلك بكثير، مما يثير استياء الدول الأوروبية وغيرها من الدول التي ترعى الديبلوماسية.

وبمعنى ما، خَبِرَ العالم هذه المرحلة من قبل. وبينما كانت إيران تطوّر برنامجها النووي قبيل إتفاق 2015، مارس الجميع لعبة حافة الهاوية، بما في ذلك إصرار إسرائيل على إستخدام القوة العسكرية لتدمير البرنامج الإيراني.

لكن المخاطر أعلى هذه المرة. إذ إن البرنامج النووي الإيراني الذي تقول طهران إنها متمسكة به لأغراض سلمية، بلغ درجة أكثر تقدماً، والقادة الإيرانيون أقل تفاؤلاً بفوائد الرفع المحتمل للعقوبات.

والأسبوع الماضي، لم يكن الإيرانيون راغبين في إبرام إتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل إستئناف عمليات المراقبة للمواقع النووية-وهذا سلوك قرع جرس الإنذار في أوروبا وأثار تحذيرات من واشنطن، لكنه لم يؤد إلى صدور إدانة بحق إيران كما كان يتمنى بعض منتقدي النظام.

أمريكا-أوروبا-الصين
ولا تستطيع الولايات المتحدة الإعتماد على الوحدة في صفوف شركائها-أو على حيازة ثقتهم- بقدر كان عليه الوضع عندما تم التوقيع على الإتفاق النووي مع إيران في 2015. وقد تدهورت علاقات الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة مع الصين، كما أن العلاقات تتردى مع روسيا أيضاً. وعلاوة على ذلك، كانت أمريكا في عهد دونالد ترامب، هي من تخلى عن الإتفاق أولاً.

نظرة متشائمة
وقال الخبير في الشؤون الإيرانية بمجموعة أوراسيا الإستشارية هنري روم: "من الصعب النظر إلى الوضع الحالي وعدم الخروج بنظرة متشائمة...إن التوقعات منخفضة جداً حيال إحتمال التوصل إلى أي تقدم".

ويؤكد مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على أن الهدف الأمريكي "لا يكمن في ممارسة لعبة حافة الهاوية أو أي لعبة أخرى" وإنما يركز على ردع المفاوضين الإيرانيين الجدد عن "التوقعات الخاطئة" حيال ما ستفعله الولايات المتحدة للتكيف معهم.

رفع العقوبات
وتسعى إيران إلى عدم تركيز النقاشات على برنامجها النووي، وتطالب الولايات المتحدة برفع كل العقوبات-بما فيها تلك التي فرضها ترامب- بطريقة "يمكن التثبت منها". ومن غير المتوقع أن يحصل ذلك، لأن الكثير من العقوبات الجديدة غير متعلقة رسمياً بطموحات إيران النووية.

كما أن المسؤولين الإيرانيين يطالبون بايدن أيضاً بضمان أن الولايات المتحدة لن تنسحب من الإتفاق مجدداً في حال عادت إليه. لكن بايدن من غير المحتمل أن يكون قادراً على إلزام من سيخلفونه في الرئاسة بمثل هذا الإلتزام- كما أن ثمة إحتمالاً ضئيلاً بان يلقى أي إتفاق موافقة واسعة من كونغرس منقسم بشدة، حيث أن بعض الديمقراطيين أيضاً تساورهم الشكوك حيال التعامل مع إيران.

وقال ديبلوماسي غربي مطلع على المفاوضات النووية لـ"بوليتيكو" إنه "من المهم فهم أن الهدف الأساسي للنظام الإيراني هو إعطاء الإنطباع بأنه نظام قوي وصلب...إن الحسابات الإقتصادية لا تلعب دوراً مهماً في الوقت الحاضر".

بليتكن
والمفاوضون الأمريكيون متشائمون حيال أي نجاح في المدى المنظور، وفق مسؤولين حاليين وسابقين. وحذر وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ومسؤولين آخرين من أن صبرهم ليس بلا حدود، ومن أنهم لا يستبعدون الخيار العسكري لتدمير البرنامج النووي الإيراني. وأكد بلينكن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن "كل الخيارات موضوعة على الطاولة".

وحتى لو وجدت إيران والولايات المتحدة أنه من المستحيل إستعادة الإتفاق الأصلي لعام 2015، فإن إدارة بايدن من غير المحتمل أن تتخلى عن الديبلوماسية. وسيبقى هذا خياراً حتى لو زادت أمريكا العقوبات وأعطت الضوء الأخضر لمزيد من محاولات تخريب البرنامج النووي الإيراني.
وفي الوقت نفسه، هناك حديث عن احتمال التوصل إلى إتفاق مؤقت. وقد يتمثل ذلك في رفع بعض العقوبات عن إيران في مقابل تراجعها عن بعض نشاطاتها النووية. لكن يبقى أن الإتفاق على صيغة كهذه، ضئيلاً.

رافعة أقوى
ويقول المحللون إن القادة الإيرانيين يعتقدون أن مواصلة المزيد من النشاط النووي سيمنحهم رافعة أقوى على طاولة المفاوضات، من التوصل إلى إتفاق مؤقت سيكون مردوده الإقتصادي محدوداً في أفضل الأحوال. وفي واقع الأمر، فإن الصين تشتري فعلاً كميات ضخمة من النفط الإيراني على رغم العقوبات الأمريكية-وهي علامة على الإختلاف في ما بين القوى العالمية، التي كانت موحدة في وقت من الأوقات حيال البرنامج النووي الإيراني.
وفي الولايات المتحدة، يحول مناخ الإنقسام السائد دون تمكن المفاوضين الأمريكيين من إقتراح إتفاق مؤقت. ويهم بايدن أن لا يظهر بمظهر المتنازل أمام إيران.

ويقول مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية يتعامل مع قضايا الشرق الأوسط، إن فريق بايدن بدأ فعلاً في التحرك نحو "الخطه ب" في حال انهارت المفاوضات. ومن المحتمل أن يشمل ذلك ضغطاً ديبلوماسياً وإقتصادياً على إيران. لكن حكومة الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي تعتقد أن في إمكانها التعامل مع مثل هذا الوضع من طريق "الإقتصاد المقاوم".

ويضيف المسؤول الأميركي السابق، أنه إذا ما مارست أمريكا ضغطاً كافياً، فإن ذلك قد يدفع النظام الإيراني إلى التفكير في العودة إلى إلتزام الإتفاق.