الإثنين 29 نوفمبر 2021 / 11:12

قيم "الخمسين"

عبدالله السويجي- الخليج الإماراتية

الدول التي تحقق البناء والتقدم المتميز، لا تقوم فقط على المال، إنما على منظومة من القيم، تشكل داعماً رئيسياً للمال؛ بحيث يضمن توهّج استدامتها ورقيها ورفعتها. ودولة الإمارات العربية المتحدة وهي تحتفل بعيد اتحادها الخمسين، من هذه الدول التي شيّدت أعمدتها العمرانية والحضارية على منظومة من القيم العالية.

العطاء كان القيمة المتقدمة التي أسهمت في إيجاد حياة كريمة للمواطنين، والعطاء وجه بارز من وجوه الكرم، ومعنى تنموياً من معاني النهضة. والعطاء مثل السياسة، وكما أن هناك سياسة داخلية وأخرى خارجية، هناك عطاء داخلي وآخر خارجي، أما العطاء الداخلي فتجلى في الصرف الرسمي على تشييد بنية تحتية تُعتبر من بين الأحدث على الصعيد العالمي، وتشمل المرافق التعليمية والصحية والخدماتية وشبكة الطرق الأكثر تطوراً في العالم، بشهادة مؤسسات عالمية، وهذا ما سهّل حياة المواطنين والمقيمين على حد سواء، ووفر أوقاتهم ليتجهوا نحو العمل والبناء وتحقيق المزيد من الإنجازات.

وأما العطاء الخارجي فكان تضامناً مع الشعوب المحتاجة وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة، ودعم الجهد العالمي في مواجهة التحديات المتعلقة بمحاربة الفقر والتصحّر وتوفير المياه الصالحة للشرب، والمساهمة في البحوث الخاصة بالمناخ والتسخين الحراري، إضافة إلى البحوث العلمية في المجالات الصحية كمحاربة الأمراض محلياً وعالمياً، والبحوث الزراعية لتأمين السلة الغذائية الصحية. والعطاءان شكّلا أساساً للفخر الذي يشعر به المواطن والمقيم، بأنه يعيش في دولة تُعنى براحة الإنسان ورفاهيته.

التسامح هو القيمة الرئيسية الثانية التي أسهمت في خلق مجتمع يسوده السلام والوئام، ويوفر الأمن والاستقرار للمواطنين، وكل من اختار الإمارات لتكون مكاناً لاستقراره وعيشه وعمله وسكنه، وهذه القيمة هي التي عززت الحياة المشتركة بين أكثر من 200 جنسية يوجدون على أرض الدولة، يمارسون عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم في إطار من الاحترام المتبادل. التسامح و القبول بثقافة الآخر من دون النظر إلى عرقه ولونه وجنسه وجنسيته وعقيدته، التسامح هو الذي حوّل الإمارات إلى وجهة مفضّلة للسكن والعيش والعمل والاستثمار، وهو الذي عزز ثقافة السلام ونشرها، ولذلك استحقت هذه القيمة أن تُشكّل لها وزارة لتعزيز عناصرها ومواصلة نشرها وتعميقها بين الناس. 

عمل الخير قيمة أصيلة في دولة الإمارات وشعبها، يمارسها الشعب يومياً في سلوكه، فيقف إلى جانب المحتاج في الداخل والخارج، ولهذا وجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأن يكون هناك (عام الخير)، شأنه شأن عام العطاء وعام التطوع وعام الابتكار وغيرها من القيم الأخرى. ولا تكاد تمر أزمة أو مشكلة داخلية أو خارجية مع الدول الصديقة إلا ويتم تنظيم حملات للتبرع وجمع الأموال وإرسالها إلى المحتاجين، وقد تفوقت الإمارات في هذا الجانب في الأزمات التي حلّت ببعض الدول العربية الشقيقة في العقد الماضي، فمدت يد الخير التي طالت معظم الشرائح المتضررة، ورسمت الفرحة على وجوه اللاجئين والنازحين.

التطوع قيمة إنسانية عالية في شعب الإمارات، ودفعت الدولة ثمناً كبيراً نتيجة التزامها بها، فتطوع أبناؤها في الأماكن التي تعرضت لكوارث طبيعية لمساعدة السكان وتقديم المؤن والإغاثة، كما تطوع أبطال الإمارات لمساندة أهلهم في اليمن ومساندة الشرعية هناك، وكلفها ذلك شهداء وجرحى. إضافة إلى ذلك، هنالك عمليات تطوع فردي مثل زيارة كبار السن والمرضى في المستشفيات وأصحاب الهمم المقيمين في المراكز المتخصصة، إضافة إلى عمليات التطوع في المناسبات الوطنية من مهرجانات ومؤتمرات وملتقيات عالمية.

إن بناء الذات الإنسانية والشخصية الوطنية كان من الأولويات في دولة الإمارات، لهذا شب الشعب وهو مؤمن بالوحدة، هذه الكلمة التي تشمل كل القيم المذكورة، فكان الاتحاد راسخاً وقوياً، ووصل إلى الخمسين، وسيصل بإذن الله إلى المئة وما بعدها. وكل عام والإمارات بعز وفخر.