الإثنين 29 نوفمبر 2021 / 12:41

الصدام بين أمريكا والصين سيئ لهما وللعالم

حذر أستاذ العلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك راجان مينون من أي نزاع يمكن أن يندلع بين الولايات المتحدة والصين لأن تداعياته ستكون سلبية على الطرفين كما على العالم بأسره.

إذا أراد صناع القرار الأمريكيون دعم طموحات التايوانيين في الحفاظ على نموذج حكمهم، فعليهم تذكر أن الدفاع عن المبادئ لا يمكن أن يكون منفصلاً عن مخاطر العالم الواقعي

يشير مينون في صحيفة "لوس أنجيليس تايمز" إلى أن الديموقراطيين والجمهوريين ذوي التأثير في السياسة الخارجية متوافقون على أن الصين هي أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي بحسب وجهة نظرهم. ويرون أن النزاع بين الدولتين يصبح أكثر احتمالاً مع تشكيل تايوان حافزه المحتمل. وقال مسؤول أمريكي بارز بعد القمة الافتراضية التي جمعت الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ إنه لم يتم التوصل إلى "أي شيء جديد على شاكلة حواجز حماية أو أي تفاهم آخر" بشأن تايوان.

السؤال الذي يتفاداه الأمريكيون
يضيف مينون أنه عند المقارنة بين السياستين الصينيتين للرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، سيجد المرء نقاط تشابه أكثر من نقاط الاختلاف. بعد أربعة أشهر على تنصيب بايدن، أعلن منسق شؤون الإندو-باسيفيك في مجلس الأمن القومي كورت كامبل أن نهج الانخراط الذي تبناه القادة الأمريكيون منذ السبعينات فشل وأن "النموذج المهيمن سيكون التنافس". وثمة كتاب لنائب كامبل راش دوشي يحظى بإشادة واسعة ويحذر الكاتب عبره من أن هدف الصين ليس أقل من الحلول محل الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لكن ما لم يقله هذان المسؤولان هو ما سيبدو عليه "التنافس" المستقبلي بين الولايات المتحدة والصين، وما الذي سيمنعه من التحول إلى العنف.

خسائر فادحة
سيتكبد كلا الجانبين خسائر بشرية ومادية فادحة إذا اشتد التنافس بينهما من دون أن يعرقله شعور بالمصالح المشتركة، وأدى إلى الحرب. والأمر نفسه ينطبق على سائر العالم. يتابع الكاتب أن التجارة بين الصين والولايات المتحدة وصلت إلى 615 مليار دولار في 2020. وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في الاتجاهين 162 مليار دولار أمريكي، و124 مليون دولار من جانب الأمريكيين.

إن أي اصطدام بين الطرفين سيؤدي إلى انتشار موجات صادمة عبر الاقتصاد العالمي بما أن ما يقدر بـ 3.4 تريليون دولار من التجارة يمر سنوياً في بحر الصين الجنوبي حيث تمثل تلك المنطقة بين خُمس وثلث التجارة البحرية العالمية. وتشمل تلك التجارة 30% من إجمالي تجارة النفط الخام حول العالم. في الوقت نفسه، تتمتع الصين والولايات المتحدة بوسائل شن هجمات سيبيرانية متبادلة ضد نظاميهما الماليين.

الخسائر الأمريكية الأكبر... منذ فيتنام؟
ستكون التداعيات العسكرية كارثية أيضاً بحسب مينون. أظهر آخر تقرير سنوي وجهته وزارة الدفاع إلى الكونغرس بشأن القوات الصينية المسلحة أن بكين امتلكت خلال العقود القليلة الماضية مروحة من المقاتلات والسفن الحربية والغواصات والصواريخ البالستية وأنظمة الحروب السيبيرانية المتطورة. تخدم جميع هذه الأسلحة غاية واحدة: منع الولايات المتحدة من بسط قوتها العسكرية بالرغم من مجموعات حاملات الطائرات وقواعدها العسكرية في منطقة تمتد من اليابان كوريا الجنوبية وصولاً إلى فيتنام مروراً بتايوان، في ما يسمى بسلسلة الجرز الأولى.

حتى لو اخترقت الولايات المتحدة هذا الحصن، فالخسائر المحتملة التي ستقع خلال ساعات قد تتخطى جميع الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة في حروبها منذ حرب حرب فيتنام. ستتكبد الصين أيضاً ضرراً عظيماً، إنما سيكون لديها مزية القرب الجغرافي. بينما ستخوض الولايات المتحدة حربها على بعد آلاف الأميال عن أراضيها. وستزداد الأمور سوءاً إذا توسعت الحرب لتشمل استخدام الأسلحة النووية. وهذا يعيد القارئ إلى النظرة الموحدة للديموقراطيين والجمهوريين تجاه الصين.

لاواقعية
يؤكد مينون أن التقارير عن الخصومة المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة تسودها أجواء من اللاواقعية. إنها مليئة بنقاط قوة وأهداف كل دولة بعبارات مجردة: اللاتماثليات، التحالفات الموثوقة، واستراتيجيات حرمان الوصول. قد يُعذَر المرء على التساؤل بشأن ما إذا كان محور النقاش هو لعبتي شطرنج أو غو على مستوى عالمي. يستغرب الكاتب تحديداً غياب الأكلاف البشرية عن هذه التحليلات المجردة. في هذه الأثناء، تتواصل حرب الكلمات بين الطرفين كاستعراض للقوة.

أرسلت الصين مقاتلاتها إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي في تايوان بينما أعلنت الأخيرة أن مستشارين عسكريين أمريكيين يدربون قوات تايوانية. وتصر بكين على أن إعادة توحيد تايوان ضرورة وطنية بينما يعلن بايدن أن بلاده ستدافع عن تايوان، على الرغم من أن قانون العلاقات مع تايوان الصادر سنة 1979 لا يؤكد واجباً صلباً كهذا. ويشدد الإعلام الصيني على أن الولايات المتحدة ستهزم في الحرب على تايوان.

خطر الانزلاق إلى ما لا يريدانه؟
يتساءل الكاتب عن الفترة الزمنية المتبقية أمام الطرفين قبل أن يؤدي استعراضهما للقوة إلى حادث آخر لا يريدانه وهو الانزلاق إلى الميدان العسكري. يعتقد مينون أن الولايات المتحدة والصين تخاطران بالوصول إلى هذه النتيجة إذا واصلتا توقع الأسوأ من الطرف الآخر بسبب غياب الثقة واستمرتا في إظهار مؤشرات الحزم المتبادلة بعيداً من أي ديبلوماسية فعالة.

وإذا أراد صناع القرار الأمريكيون دعم طموحات التايوانيين في الحفاظ على نموذج حكمهم، فعليهم تذكر أن الدفاع عن المبادئ لا يمكن أن يكون منفصلاً عن مخاطر العالم الواقعي، بحسب نصيحة مينون. وتساءل أيضاً عما إذا كان الشعب الأمريكي سيخاطر بالحرب فعلاً مع الصين إذا شرح له سياسيوه المنتخبون ماذا سيعنيه ذلك على مستوى الأكلاف المادية والبشرية. وبالمقابل، طرح مينون تساؤلاً آخر عما إذا كان القادة الصينيون مستعدين لتوحيد تايوان بالقوة عبر الرهان ببساطة على خوف الولايات المتحدة أو خسارتها الحرب.

أي انتصار سيكون كارثياً
يؤمن بايدن فعلاً بقيمة الاجتماعات المباشرة. لقد كان لقاؤه بنظيره الصيني نقطة انطلاق أساسية، لكن حان الوقت كي يلتقي المسؤولون الأمريكيون والصينيون وجهاً لوجه، وطوال أيام، لمنع تحول التدريبات العسكرية والمبارزات اللفظية إلى حرب. فبصرف النظر عن هوية المنتصر في أي صدام مقبل، لن يستحق ذلك الانتصار الثمن المدفوع لأجله، بحسب مينون.