الإشراف على الأئمة (أرشيف)
الإشراف على الأئمة (أرشيف)
الإثنين 29 نوفمبر 2021 / 13:24

مفكرون فرنسيون يُحذّرون من إشراف الإخوان على تدريب الأئمة

في حين اعتبرت مجلة "لو بوان" الفرنسية أنّ المغرب هو الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إنهاء حُكم الإسلامويين بشكل سلمي عبر صناديق الاقتراع، مُشيدة بإبعاد حزب العدالة والتنمية عن السلطة بعد حكم دام 10 سنوات، عبّر العديد من الكُتّاب والمفكرين الفرنسيين عن رفضهم السماح للإخوان المسلمين بتدريب الأئمة في فرنسا، مُحذّرين من أنّ المساجد في أوروبا وفرنسا بشكل خاص تخضع في مُعظمها لهياكل مُقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين التي تعتمد بشكل كامل على مصادر تمويل دولية خارجية مشبوهة.

وأكد الكاتب تيبو دو مومبريال، في مقال له بصحيفة "لو فيغارو"، أنّ "الإسلام السياسي سُمّ قاتل"، إذ برأيه أنّ إيديولوجية الإخوان المسلمين تعتمد على إخفاء الراديكالية والتطرّف عبر التظاهر المزعوم بالالتزام بالقوانين الفرنسية بهدف التغلغل في المُجتمع وكسب المزيد من مواقع النفوذ.

واعتبر أنّه من الخطأ الجسيم ترك مسؤولية إعداد وتأهيل أئمة المساجد في فرنسا لمعاهد وجمعيات ليس بمقدور الحكومة أن تُراقب مصادر تمويلها، فالنتيجة برأيه سوف "تكون وخيمة على الأمن الداخلي الفرنسي".

ودعت "لو فيغارو"، لمواجهة الخطر الذي تُشكلّه تيارات الإسلام السياسي، والتأكد من التزام الجمعيات الدينية بمبادئ الجمهورية الفرنسية، وفقاً لما شدّد عليه الرئيس إيمانويل ماكرون في مناسبات كثيرة ضمن جهود مكافحة الانفصالية والتطرّف.

وكشفت عن وجود نحو 2000 إمام في فرنسا وما يُقارب 2500 مكان عبادة إسلامي، بينما تعصف بالمقابل الانقسامات والعداوات بين أكبر الاتحادات التي تُمثّل المُسلمين في فرنسا.

ومن جهته، يقول الكاتب جان شيشزولا، إنّ "باريس مصممة على وضع حدّ للتأثير في الشأن الداخلي الفرنسي عبر منع التمويل للمساجد وبعض الجمعيات الدينية والفكرية، وإنهاء عملية استيراد الأئمة والتصدّي للإسلام السياسي".

وكان ماكرون، قد أعلن العام الماضي عن انتهاء العمل بنظام الأئمة المُعارين عبر الاتفاقات التي كانت تسمح لبعض الدول إرسال أئمة وتمويلهم للعمل في مساجد فرنسا، على أن يتم اختيار بدلاء لهم من المسلمين الفرنسيين.

وكان عميد مسجد باريس الكبير أعلن قبل أيام عن إنشاء مركز تدريب للأئمة في فرنسا، بالتنسيق مع ثلاث اتحادات إسلامية فرنسية وبحضور نحو 200 من الأئمة ومسؤولي المساجد من كافة مناطق فرنسا، وذلك بهدف إعادة هيكلة الإسلام ومُحاربة التطرف بدءاً من ضبط مهمة اعتماد أئمة المساجد في الأراضي الفرنسية، لكنّ الهيئة المنظمة للعبادة الإسلامية في فرنسا ندّدت بالمشروع مُشيرة إلى أنّها تعتزم بدورها إنشاء مجلس للأئمة.

ووصف شمس الدين حفيظ عميد مسجد باريس الكبير، الإعلان عن المركز بأنّه مسؤولية أمام مُسلمي فرنسا، مُشيراً إلى أنّ الرئيس الفرنسي قد دعا لتأسيس "مجلس وطني للأئمة" خريف 2020 كجزء من محاربة التطرف.

وشارك في إنشاء المركز كذلك "تجمع المنظمات الإسلامية في فرنسا" التابع لجماعة الإخوان المسلمين، و"اتحاد مسلمي فرنسا" المُقرّب من حزب العدالة والتنمية المغربي الذي خسر الحُكم مؤخراً، إضافة لـِ "الاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية من أفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتيل".

وبالمقابل، وصف محمد موسوي رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" الذي ينظم شؤون عبادة المسلمين في فرنسا، المبادرة بأنها "سطو على العمل المنجز من قبل المجلس، الذي كان قد صادق بدوره في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، على "شرعة مبادئ" للإسلام في فرنسا لتمهيد الطريق لإنشاء "مجلس وطني للأئمة"، وذلك في أعقاب مقتل المدرس الفرنسي صامويل باتي، حيث شنّ حينها ماكرون هجوماً على "النزعات الانفصالية" والإسلام المتطرف، داعياً ممثلي المسلمين إلى وضع حدّ لذلك.

وكانت مجموعة من مائة مسجد كبير في فرنسا قد قامت بوضع ميثاقها الخاص بشكل مبكر، جاء فيه أنّ "حقيقة وضع إطار عمل وقواعد لوظيفة الإمام في فرنسا هي خطوة مفيدة".

وتعرّض مشروع تشكيل مجلس الأئمة للكثير من الاختلافات بين ممثلي المجلس الأعلى للديانة الإسلامية في فرنسا، فيما حاول وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارماران، أكثر من مرة التدخل لحلّ هذه الخلافات من أجل التوصل إلى مشروع ميثاق نهائي، غير أن ممثلي الديانة الإسلامية دخلوا في تجاذبات مباشرة وخفية بسبب دعم بعضهم من قبل دول مختلفة.

وشهدت فرنسا في 2021 حلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية، وذلك إثر تأكّد وجود شُبهات تطرّف وتمويل من مصادر خارجية، ووفقاً لوزارة الداخلية الفرنسية، فإنّ "عقد الالتزام الجمهوري" المُعتمد في قانون مكافحة الانفصالية، والذي يرهن حصول الجمعيات على إعانات حكومية بمدى احترامها للقيم الجمهورية، سيدخل حيّز التنفيذ في يناير(كانون الثاني) 2022، وذلك بهدف إبعادها عن أيّ مصادر تمويل مشبوهة.