صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الخميس 2 ديسمبر 2021 / 10:29

صحف عربية: مفاوضات فيينا.. مساومة أمريكية تلوح في الأفق

تعود مفاوضات فيينا بقيادة فريق إيراني جديد يعتبر الأقرب إلى رؤية السلطة والثورة بعد انقطاع دام أكثر من 5 أشهر، للانطلاق من النقطة التي انتهت إليها مع فريق وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف وبقيادته.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الخميس، فإن دول المنطقة تنظر بحذر شديد إلى المفاوضات غير المباشرة التي بدأت في فيينا بين إيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى. ما يفرض الحذر، والمخاوف في الوقت ذاته، أن إيران تعرف تماماً ماذا تريد فيما الإدارة الأمريكية تعاني من حال ضياع تعود أساساً إلى جهلها الكامل بالشرق الأوسط وربما تضع مساومات سياسة أمام طهران.

الفرار لإيران
وقال الكاتب خير الله خير الله إن أبرز دليل على ذلك مكافأة إدارة جو بايدن الحوثيين فور دخول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض مطلع السنة الجارية. رفعت الإدارة الحوثيين عن قائمة الإرهاب قبل أن تكتشف أن مثل هذه الخطوة شجّعت من يسمون أنفسهم "جماعة أنصار الله" على المزيد من العدوانية والرغبة في فرض أمر واقع على الأرض اليمنيّة. أين المنطق فيما فعلته الإدارة الأمريكية التي لم تكتشف سوى حديثا أن الحوثيين ليسوا سوى مجرّد أداة إيرانيّة وأن قرارهم عند السفير الإيراني في صنعاء وليس في أيّ مكان آخر.

وأوضح خير الله في مقاله بصحيفة العرب اللندنية أنه كلّما مرّ يوم، يتبيّن أنّ إدارة بايدن استمرار لإدارة باراك أوباما الذي اختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط والخليج وأزماتهما في الملف النووي الإيراني وصولا إلى توقيع اتفاق صيف العام 2015 الذي لم يأخذ في الاعتبار السلوك الإيراني في المنطقة. على العكس من ذلك، وفّرت إدارة أوباما لـ "الجمهوريّة الإسلاميّة" كلّ ما تحتاجه إيران من موارد ماليّة كي تزداد شراسة في الترويج لمشروعها التوسّعي على حساب دول عربيّة مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ودعا الكاتب الإدارة الأمريكية لإثبات العكس، لا يوجد في واشنطن في الوقت الراهن من يدرك خطورة المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة. هناك إدارة ترفض الاعتراف بأنّ أخطر ما حصل منذ العام 2015، لدى توقيع الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني بين “الجمهوريّة الإسلاميّة” ومجموعة البلدان الخمسة زائدا واحدا، يتمثّل في تطوير إيران لحجم عدائيتها لمحيطها المباشر وغير المباشر من جهة وتطوير ترسانتها من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة من جهة أخرى.

وتساءل خير الله في نهاية مقاله ليس معروفا تماما هل إدارة بايدن راغبة في البحث الجدّي في السلوك الإيراني… أم تريد العودة إلى اتفاق 2015 بأيّ ثمن

جرس إنذار
ورأى الكاتب حسن فحص في صحيفة اندبندنت عربية أن التسريب الصوتي الذي انتشر في يناير (كانون الثاني) 2021، لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف والذي تحدث فيه عن رؤيته للعمل الدبلوماسي وإدارة التفاوض والعلاقات الخارجية للدولة الإيرانية، لم يكن مجرد تسريب يقف عند ما كشفه من صراع، يدور في كواليس النظام وغرف القرار حول آليات الإدارة الدبلوماسية وحدود دورها وطبيعة مهامها.

وأضاف أنه كان جرس إنذار عما تحمله المرحلة المقبلة من سعي تيار السلطة والمؤسسة العسكرية للاستحواذ على كل مفاصل القرار في النظام وإلغاء الأصوات المعارضة أو التي تملك رؤية مختلفة عن رؤية هذه السلطة.

وأشار إلى أنه الثابت في ما هو موجود ومتعارف عليه حول طبيعة العمل الدبلوماسي ووظيفة الشخصية الدبلوماسية التي تمثل حكومتها في المحافل الدولية والمفاوضات، أن تلتزم بالسياسات التي ترسمها مؤسسة الدولة والنظام، وأن الهامش الذي تتمتع به تحت هذا السقف أن تكون قادرة على إظهار حكمتها وحنكتها في إدارة العمل الدبلوماسي والتفاوضي لتحقيق الهدف الذي يؤمن مصالح البلاد وسيادتها وترسيخ علاقات خارجية سليمة وواضحة وصحية مع الدول الأخرى على مبدأ خفض التوتر وعدم إثارة العداء والنزاعات.

وأكد الكاتب حسن فحص أنه على الرغم من أن ظريف وزير لخارجية الدولة الإيرانية ونظامها الإسلامي، فإنه لم يخرج عن قواعد اللعبة الدبلوماسية التي تحدد دوره في ترجمة السياسات العامة والكلية والاستراتيجية للنظام.

وتوقع الكاتب أن المنجز الذي سيتحقق قد يتحول إلى مدخل لبروز مراكز قوى من داخل المنظومة الحاكمة قد تشكل بديلاً لكل ما هو دون موقع ومقام المرشد وصلاحياته المطلقة، لكنه يغلب علانية منطق الدولة وأهدافها ومصالح الشعب بما هو مصدر السلطات والشرعية. ما استدعى استنفاراً لقوى السلطة وبرضى قيادتها وسكوتها، واستعمال العنف السياسي والاقتصادي لمحاصرة هذا التهديد وضمان مصالحها واستمرارية قبضها على السلطة وإعادة الأمور إلى القنوات الشرعية التي وضعتها، وبالتالي الإمساك بالمسار التفاوضي لتكون قادرة أن تسجل إنجاز الاتفاق باسمها وتحويله إلى رصيد يدعم بقاءها على حساب الآخرين، إبعاد الخطر التغييري الكامن الذي بدأ يتمظهر في أدبيات وخطاب القوى السياسية غير الموالية، كون هذه السلطة هي الأقدر على تقديم التنازلات وتطويع الأسلحة التي استخدمتها في وجه منافسيها.

مساومة أمريكية
فيما تحدثت الكاتبة هدى الحسيني عن قمع النظام الإيراني لاحتجاجات "أبان الدامية"، والتي عاد نظام الملالي إليها مرة أخرى. هذه المرة يستهدفون سكان أصفهان الذين لديهم الجرأة للمطالبة بمياه الشرب النظيفة.

وقالت الحسيني في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية "تكشف احتجاجات أصفهان عن أحد إخفاقات النظام الرئيسية، وهو التدهور المنهجي للبيئة الإيرانية. لقد ترك سوء الإدارة الفظيع هذا حوالي 97 % من الإيرانيين دون مياه كافية، والنقص حاد بشكل خاص في المنطقة الزراعية بوسط إيران. لقد تسامح النظام مع بعض المظاهرات السابقة الأصغر. ومع ذلك، فإن الاحتجاج الأكبر، الذي حظي بدعم شعبي واسع وبدأ يمتد إلى بقية البلاد، دفع النظام إلى نشر جهاز القمع الصيني المستورد لسحقه. تتمثل إحدى الأدوات المعيارية في صندوق الأدوات القاتم هذا في قطع الإنترنت الذي تديره الدولة لإخفاء جرائم طهران عن العالم وتعطيل المحتجين، على الرغم من أن بعض الصور اللاذعة للأبرياء العزل الذين تعرضوا لمعاملة وحشية من قبل الباسيج، أو القوات شبه العسكرية التابعة للنظام، قد تسربت".

وأشارت أن كثير من الإيرانيين يستغربون أنه لم تصدر حتى تغريدة واحدة من الراضين من الأمريكيين باستئناف المفاوضات حول مظاهرات الشعب!.

ورداً على سؤال من إذاعة صوت أمريكا عن رأي الولايات المتحدة في القمع الإيراني في أصفهان، قالت وزارة الخارجية إنها "تتابع من كثب التقارير والتطورات الأخيرة للاحتجاجات ضد نقص المياه في إيران، فالشعب الإيراني له الحق في التعبير بحرية عن إحباطه ومحاسبة حكومته". استخدم تعليق وزارة الخارجية الأميركية على حملة القمع الإيرانية في أصفهان اللغة نفسها التي رددها في 23 يوليو (تموز) عام 2021 على احتجاجات خوزستان. لم يصدر أي تعليق صريح حول استخدام إيران لأساليب عنيفة لتفريق المتظاهرين رغم أن قوات الأمن الإيرانية أطلقت الغاز المسيل للدموع والبنادق على المتظاهرين الذين يعانون من نقص المياه في مدينة أصفهان، في أعنف حملة قمع ضد المعارضة منذ احتجاجات خوزستان في يوليو (تموز).

وبسبب الهبوط الشديد للأرض في أصفهان فإنَّ بعض الخبراء يعتقدون أنه إذا لم يتم وضع حل فوري وفعال، فلن تكون المدينة صالحة للسكن في السنوات العشر المقبلة. يعرف الناس أن النظام ليس راغباً ولا قادراً على معالجة مظالمهم، لأنه مسؤول فعلياً عن خلقها. ومن هنا فإن شعاراتهم تستهدف النظام برمته، معتقدين أن تغيير النظام هو الحل النهائي لمشاكلهم.