المستشار الديبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش.(أرشيف)
المستشار الديبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش.(أرشيف)
الجمعة 3 ديسمبر 2021 / 10:42

قرقاش لـ"لوبوان": محمد بن زايد وماكرون يمتلكان رؤية مشتركة للتطرف والإرهاب

قبل وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإمارات، حيث يلتقي ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد، قال المستشار الديبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، إن الزيارة تكتسب أهمية كبرى لأنها تأتي "في لحظة مهمة للنظام العالمي ما بعد أفغانستان"، ورأى أن على فرنسا الاضطلاع بدور أكبر في الشرق الأوسط في وقت ينزلق فيه النظام الدولي أكثر فأكثر إلى نوع من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين.

دور فرنسا في المنطقة وعملها من أجل المزيد من الاستقرار هو دور إيجابي

وقال قرقاش في حديث لمجلة "لوبوان": "بنينا مع فرنسا علاقة جيدة جداً على مر السنين، مع سياسة فرنسية متماسكة حيالنا. لا نريد من بلد أن يكون الى جانبنا 100 %، ثم يأخذ موقفاً جذرياً معارضاً لنا بعد ذلك بسنتين". وأضاف: "تبحث الدول حالياً عن حلفاء وشركاء متماسكين، وهو ما تمثله فرنسا في نظرنا. وأبعد من هذا الجانب، أعتقد أننا بنينا ما يمكن أن أسميه علاقة 360 درجة معاً. هناك استثمارات كبيرة بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا. لذلك أعتقد أنه سيتم التوقيع على عدة اتفاقيات خلال هذه الزيارة".

وعن احتمال شراء الإمارات مقاتلات "رافال"، أجاب: "لا أريد أن أتحدث عن اتفاق محدد، لأنني لا أريد استباق الإعلانات الرسمية، لكني أعتقد أنها ستتجاوز قطاع الدفاع. هناك العديد من المجالات الأخرى التي تهمنا. وهذا يشمل الطاقة المستدامة والصحة والتعليم. وهناك الكثير من المعالم الفرنسية الرمزية في الإمارات، متحف اللوفر في أبوظبي، على سبيل المثال، متحف رائع ذو قصة نجاح رائعة. هناك أيضاً جامعة السوربون- أبوظبي والآن مدرسة لتعليم ترميز الكمبيوتر. وخلافاً للماضي، هذه ليست علاقة تركز فقط على الدفاع والطاقة، رغم أن هذين القطاعين لا يزالان مهمين للغاية".

وعن العلاقة الشخصية بين الشيخ محمد بن زايد والرئيس الفرنسي، قال: "تعززت العلاقات بين بلدينا من خلال العلاقات الجيدة للغاية التي أقيمت بين الشيخ محمد (بن زايد) والرئيس ماكرون. علاقتهما بسيطة للغاية ويثقان ببعضهما. أعتقد أن ما يربط بيننا هو رؤية مشتركة للتطرف والإرهاب، سواء أكان ذلك في موضوع "داعش" أو منطقة الساحل".

ورداً على سؤال "هل لا تزال فرنسا حقاً لاعباً مهماً في الشرق الأوسط؟"، أجاب: "انظر إلى نجاح مؤتمر بغداد لدول جوار العراق (الذي نُظم في 28 أغسطس (آب)  في العاصمة العراقية)، والذي كان بمبادرة فرنسية إلى حد كبير. لاحظوا دور فرنسا في ليبيا وهو إنجاز آخر. لاحظ الريادة الفرنسية في المخاوف الأوروبية المتعلقة بالسلامة البحرية وإمدادات الطاقة في الخليج. في الأساس، نجد أن دور فرنسا في المنطقة وعملها من أجل المزيد من الاستقرار هو دور إيجابي. بالطبع، كانت السياسة الفرنسية دائماً متسقة بشأن هذه المواضيع، لكن رئاسة إيمانويل ماكرون عملت جيداً بشكل خاص في هذا الشأن".

وعندما قال له الصحافي إن مبادرات شخصية كثيرة للرئيس ماكرون، سواء في الأزمة النووية الإيرانية أو في لبنان، لم تلق النجاح المناسب، رد قرقاش قائلاً: "حاول الرئيس ماكرون حقاً بكل طاقته حل الوضع في لبنان، لكنه كان يحتاج إلى تعاون السياسيين اللبنانيين. في بعض الأحيان لا يتعلق الأمر فقط بالنتائج ومن الضروري أن يكون هناك صوت قوي ومستقل في النقاش العام، وكان صوت فرنسا قوياً للغاية. إن الفرنسيين حازمون ، وهو أمر حاسم في الاتحاد الأوروبي حيث تحاول 27 دولة تحديد سياستها. هذا مطلوب أكثر من أي وقت مضى في وقت ينزلق فيه النظام الدولي أكثر فأكثر إلى نوع من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، وهو أمر سيئ لنا جميعًا. نحن بحاجة إلى دول مثل فرنسا لتجنب هذا النوع من المواجهة والتعامل مع المواضيع المهملة. مع التغييرات التي تهز العالم، هناك مجال أكبر لبصمة فرنسية في القضايا الإقليمية".

ليبيا
ورداً على سؤال: "إلام إنتهى الدعم الفرنسي-الإماراتي المشترك لقائد "الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر؟"، أجاب قرقاش: "كما قلنا دائماً، كان الجنرال حفتر دائماً حازماً جدًا في حربه ضد التطرف والإرهاب. وفي ما يتعلق بحملته العسكرية الفاشلة للاستيلاء على طرابلس، يجب أن أقول لكم إننا لم نتشاور حولها ونحن ضدها. كما شاركنا في التوافق على الحل السياسي في ليبيا سواء في مؤتمر برلين أو مؤتمر باريس. نحن متفائلون بحذر اليوم. ورغم أن الكثير من الأمور يمكن أن تسوء، إلا أن ليبيا اليوم في وضع أفضل مما كانت عليه قبل عامين".

ورداً على سؤال: "هل تعتبرون نفسكم نموذجاً للعالم العربي؟"، أجاب:"لا أريد تقديم أنفسنا كنموذج للعالم العربي، لأن كل دولة تتميز بتاريخها الخاص وتطورها الاجتماعي، ما يلغي إمكانية اعتماد النموذج نفسه في كل البلدان. في المقابل، لا بد أن يخلف ما نقوم به تأثيراً إيجابياً على الدول من حولنا".

دور الإمارات
وحول زيارة الشيخ محمد بن زايد لأنقرة، قال قرقاش إن "تفشي جائحة كورونا كان أزمة للعالم بأسره، ما دفع الإمارات إلى إعادة النظر في تعاملها مع العقد المقبل، لا سيما أن المرحلة الماضية، التي هيمنت عليها المواجهات التي ترافقت مع الربيع العربي وغيرها من الأزمات، كانت في غاية الصعوبة". وأضاف أن "الإمارات تحملت الكثير من هذه الأعباء، ومنها الحرب في اليمن، وشاركت في العملية العسكرية في ليبيا، ولعبت دوراً في مواجهة تنظيم داعش، فضلاً عن تواجدها في أفغانستان منذ فترة طويلة".

وقال: "نحن اليوم بحاجة إلى نهج جديد، يستند إلى إعادة بناء العلاقات مع البلدان التي كنا على خلاف سياسي معها في الماضي. لذلك، قامت الدولة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل واتجهت نحو حل الأزمة مع قطر، ثم تواصلت مع تركيا، التي قامت بدورها بإعادة النظر في سياسة المواجهة في ليبيا وسوريا والعراق". وأضاف: "خلال هذه الفترة، أدركنا أن علينا التعامل مع مشاكل المنطقة مع إيران، في وقت تصدر التحرك نحو التخفيف من حدة التوترات لائحة الأولويات، إلى جانب تفادي الفراغ السياسي في المنطقة، واستئناف الحوار مع هذه الدول."

لكن هل غيّرت تلك البلدان سياساتها حقاً؟ أجاب: "لن تتغير تركيا وإيران وتغير إسرائيل نظرتها إلى الفلسطينيين بين ليلة وضحاها، لكننا نعتقد أننا نحتاج إلى الانتقال من عقد المواجهة إلى عقد التعاون، ما يتطلب إعادة بناء الثقة. وأعتبر أن الخطوة الأولى هي التواصل مع هذه الدول والاعتراف بالخلافات القائمة، على الأقل لتجنب المواجهة، ثم استخدام الاقتصاد كأداة للتقارب".

وكيف تعاملت هذه الدول مع هذه الخطوة؟ قال: "تركيا إيجابية للغاية، الإيجابية ظهرت أيضاً في الردود الإيرانية"، مشيراً إلى زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، الذي أعرب عن استعداد إيران لبدء مرحلة جديدة مع الإمارات. وأشاد بالدعم الأمريكي والأوروبي لهذه التطورات، وترحيب السعودية ومصر والأردن.

الاتفاق النووي

ورداً على سؤال: هل تعتقد أن واشنطن وطهران ستعيدان تفعيل الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه دونالد ترامب في مايو(أيار) 2018؟، أجاب: "لا أعرف، لكني أعتقد أننا سننتهي بصفقة. لأنه من مصلحة جميع الأطراف الوصول إلى حل وسط. البداية ستكون مسألة الاتفاق على الملف النووي. لكننا نسعى إلى أبعد من ذلك، إذا تمكنا من تأسيس عملية للتعامل مع القضايا الإقليمية، فعندئذ يبدو لي أن المبادرة ستكون ناجحة. يود الإيرانيون أن تجمع هذه المحادثات التالية دول الخليج فقط، ولكننا، على العكس، نعتقد أن النقاش يجب أن يتم على المستوى الدولي، لأن الخليج يضم مياهاً دولية منذ القرن السابع عشر".

وعن الأزمة مع قطر، أكد أنها انتهت منذ الاتفاق الذي وقع في قمة العلا في يناير (كانون الثاني)، لافتاً إلى أنه يمكن ملاحظة عودة الرحلات الجوية بين الجانبين.