الأحد 5 ديسمبر 2021 / 10:20

صحف عربية : مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود

بعد غياب طويل عن طاولة المحادثات النووية، عادت إيران مشحونة بطلبات جديدة في الجولة السابعة من مفاوضات فيينا التي أصبحت على المحك، بفعل تعنت طهران وانقلابها على الأسس التي قامت عليها المفاوضات خلال الجولات الست الماضية، من خلال مطالبتها برفع كامل العقوبات والحصول على ضمانات أمريكية كبيرة.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، فإن مطالب إيران قوبلت برفض أوروبي كبير، ما أدى لتشكيل ضغط جديد على إيران تسبب بتراجع سعر صرف التومان بشكل حاد أمام الدولار.

انقلاب إيراني
قالت صحيفة "الشرق الأوسط"، إن مصادر أوروبية متابعة لمسار فيينا تؤكد أن القشة التي قصمت ظهر البعير تتمثل في أن إيران "انقلبت على الأسس التي قامت عليها المفاوضات"، بحيث تبين أن الوفد الإيراني المفاوض "يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، وهو ما كان يتخوف منه الغربيون منذ ما قبل العودة إلى فيينا. إلا أن تصريحات رئيس الوفد الإيراني المفاوض علي باقري أعلن أن "كل ما تم التوافق عليه (سابقاً) مسودة خاضعة للتفاوض" ما يعني، عملياً، أن طهران تعطي لنفسها حق النقض لما تحقق ما بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) والذي يقدره الغربيون بـ70 - 80٪ من مضمون الاتفاق.

وتعرب المصادر المشار إليها عن دهشتها مما حصل في الأيام الخمسة الأخيرة، وتتساءل عن معنى المشاورات التمهيدية التي جرت طيلة أسابيع لتحضير أرضية استئناف المفاوضات، وتقدر أن الطرف الإيراني "أخفى حقيقة نواياه"، التي بانت بوضوح مع تسليم ممثلي مجموعة 5+1 والوسيط الأوروبي يوم الخميس الماضي، مقترحين يتناولان ما تريده طهران لجهة رفع العقوبات والضمانات المطلوبة من واشنطن، وهي كثيرة، وما هي مستعدة للقيام به لجهة التراجع عن انتهاكاتها النووية؛ وآخرها تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو بالغة التحصين وبنسبة 20٪.

وتشير الصحيفة، إلى أن الجانب الغربي يرى، وفق الأوساط الأوروبية، أن القبول بالشروط الإيرانية يسقط أيضاً مبدأ "التكافؤ"، في تليين المواقف وتقديم التنازلات. ولأول مرة منذ انطلاق أول جولة مفاوضات في أبريل (نيسان) الماضي، تطلب واشنطن، التي تشارك بالمفاوضات بشكل غير مباشر وعبر الوسيط الأوروبي، وضع حد لجولة سابعة اعتبرت أنها وصلت سريعاً إلى طريق مسدودة. 

دولة غير طبيعية
تؤكد صحيفة "العرب" اللندنية، أنه سيكون من الصعب إحياء الاتفاق النووي القديم إذا ما اقترنت المفاوضات بمطالبة إيران في أن تكون دولة طبيعية في المنطقة. بمعنى أن يرافق تخليها عن حلم السلاح النووي تغيير في سياستها الخارجية ودعمها للإرهاب.

وتضيف الصحيفة، ذلك كلام لا يمكن أن يتفهمه الإيرانيون الذين صاروا يزعمون أن الاتفاق صار تحت اليد غير أنهم لن يوقعوا إلا إذا سبق ذلك التوقيع رفع لكل العقوبات، بضمنها تلك العقوبات التي لا صلة لها بالنووي. يمكن أن تكون تلك الأخبار غير حقيقية، غير أن ما هو مؤكد أن إيران تدرك أن التوصل إلى تسوية مع المفاوض الغربي أمر هو في غاية الصعوبة. لا لشيء إلا لأن رفع اليد عن المستعمرات الجديدة هو أمر أسوأ بكثير من التخلي عن إنتاج السلاح النووي. خاصة وأن ما حققته إيران في مشروعها الاستعماري لم تحققه في مشروعها النووي. ومن المثير للاستفهام المروع أن إيران لم تصل إلى مراحل متقدمة من مشروعها الاستعماري إلا من خلال الوفرة المالية التي جهزها بها الاتفاق النووي القديم.

وتضيف، لذلك فإنها لن توقع على اتفاق جديد إلا إذا در عليها ذلك أموالاً. وبما أن المماطلة مسموح بها فإن الرئيس الإيراني رئيسي لن يسلم كسابقه روحاني رقبته للمزايدين على التقرب من المرشد الأعلى إلا إذا كانت المكافأة أعلى من مكافأة عام 2015.

ضغوط 
من جهة أخرى، قالت صحيفة "الجريدة" الكويتية، إن الضغوط تصاعدت على طهران غداة النتائج المخيبة للاجتماع الأول من الجولة السابعة من المفاوضات النووية في فيينا. وبشكل فوري، ارتفع سعر الدولار في سوق الصرف الأجنبي الإيراني بشكل حاد، أمس، إلى أكثر من 30 ألف تومان.

وأعرب الأوروبيون، أمس الأول، عن رفضهم للمسودتين اللتين قدّمهما رئيس الوفد الإيراني المفاوض علي باقري كني بشأن إحياء الاتفاق النووي الذي وقّعته إيران والأطراف الدولية عام 2015، وانسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

وقال دبلوماسيون أوروبيون كبار، إن إيران تتخذ موقفاً مدمراً في المفاوضات، وأنها "تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولات الـ 6 الأولى التي خاضتها حكومة الرئيس السابق حسن روحاني. وأوضحوا أن المحادثات ستستأنف "الأسبوع المقبل لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلافات يمكن التغلب عليها أم لا". 

وفي واشنطن، اتهمت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، حكومة الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي بأنها لم تأتِ إلى المباحثات "حاملة اقتراحات بنّاءة". وفي وقت سابق، قال وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن، إن "ما لا تستطيع إيران فعله هو الإبقاء على الوضع الراهن الذي يتيح لها تطوير برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه التسويف" على طاولة المفاوضات.

دمار وتخلف
من جهة أخرى، يقول الكاتب عبدالعزيز العمر في مقال له بصحيفة "الجزيرة" السعودية، إن المتابع لتصريحات وسياسات وأفعال القيادات الإيرانية يجد أنها يمكن أن تخدم أي شيء إلا مصلحة ومنفعة الشعب الإيراني، سواء على المدى القريب أو المدى البعيد، في أبجديات العمل السياسي تشكل البراغماتية أو النفعية أساس أي قرار سياسي، فقيمة القرار السياسي تحدده المنفعة التي يجلبها ذلك القرار، إن كل مؤشرات السياسات الإيرانية تؤكد أنها لا تجلب لإيران ولشعبها سوى مزيد من الدمار والتخلف.

ويضيف، انظروا إلى ما أدت إليه السياسات الإيرانية الحمقاء: أولاً: إيران تبدد ثرواتها المالية أو قوت شعبها على ميليشياتها في عدد من الدول العربية، ثانياً: منذ ما يزيد عن 30 عاماً والعالم يقاطع إيران ويحشرها في زاوية، بل يمنعها من تصدير نفطها، ثالثاً: القيادات الإيرانية توهم شعبها أن لديها جيشاً قادراً على مواجهة أمريكا، وعلى تلقينها درساً لن تنساه (إي والله)، رابعاً: لقد بلغت القيادات الإيرانية حداً من الغباء السياسي جعلها تعتقد أن العالم سوف يتركها تصنع القنبلة النووية، إنه من التهور والمخاطرة الكبيرة أن يترك العالم الزر النووي تحت أصابع قيادة إيرانية طائفية مؤدلجة وثورية (تريد تصدير ثورتها المزعومة)، خامساً: تعيش إيران حالياً عزلة دولية سياسية واقتصادية، سادساً: في حال فشل مفاوضات فيينا الجارية حالياً فمن المتوقع أن تكون عواقب ذلك الفشل وخيمة على إيران وشعبها.