الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الأحد 16 يناير 2022 / 12:00

تطبيق بوتين "مبدأ بريجينيف" على أوكرانيا قد يعود بمفاعيل عكسية

24-زياد الأشقر

كتب الباحثان باتريك غريفين ووليم دانفرز في مقال في موقع "ذا هيل" الأمريكي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جعل من أوكرانيا بلا داعٍ تهديداً وجودياً لروسيا، وذلك سعياً وراء مجد أسطوري للإتحاد السوفياتي وإعادة روسيا إلى رأس الطاولة بين القوى الكبرى.

على بوتين أن يتذكر دروس التاريخ وماذا فعل مبدأ بريجينيف بالإتحاد السوفياتي في الوقت الذي يستعد هو لتطبيق "مبدأ بوتين" على أوكرانيا وجيران آخرين

وقال الكاتبان إن القدرة العسكرية لروسيا هي تهديد شرعي لأوكرانيا، واستطراداً للولايات المتحدة وحلفائها. ومن المهم الإشارة إلى أن مقامرة بوتين في أوكرانيا هي تهديد لروسيا كذلك نظراً إلى رد الفعل الأكيد للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في حال غزت موسكو أوكرانيا.

ويذكّر الخطاب المتشدد الذي يتبناه بوتين حيال أوكرانيا ووجود الناتو في دول حلف وارسو السابق، بمبدأ الزعيم السوفياتي السابق ليونيد بريجنيف القائم على أنه من غير المسموح لأي حكومة اشتراكية (على سبيل المثال أي حكومة صديقة للإتحاد السوفياتي) اختيار طريق مغاير غير الإشتراكية.

ورداً على جهود الحكومة التشيكوسلوفاكية لإتباع مسار سياسي خاص بها، ألقى بريجينيف خطاباً في بولندا عام 1968، أكد فيه أن هذا النهج غير مقبول قائلاً: "عندما تحاول قوى خارجية وداخلية معادية للاشتراكية تغيير التطورات في بلد اشتراكي لاستعادة النظام الرأسمالي، في ذلك البلد- فإن ذلك يعتبر تهديداً للمجموعة الاشتراكية ككل- ولا يعود ذلك بمثابة مجرد مشكلة لشعب تلك الدولة فقط، وإنما مشكلة مشتركة وهمّ لكل البلدان الإشتراكية".

سحق "ربيع براغ"
ونجح بريجينف في سحق ما سمي بـ"ربيع براغ"، لكن مبدأه عاد مجدداً ليطارده بعد عقد عندما غزا أفغانستان. فقد أوجد الغزو السوفياتي لأفغانستان الكثير من المشاكل لأمة متصلبة بالفعل، لكن أحدها يتعلق بما يواجهه بوتين اليوم. وبحسب المؤرخة جوي نيومير، فإن "الوضع في أفغانستان ساهم في تزايد التردد في أوساط القيادة السوفياتية في اللجوء إلى استخدام القوة في مكان آخر". وتنقل لاحقاً عن رئيس الكي جي بي وقتذاك والزعيم السوفياتي لاحقاً يوري أندروبوف تقويمه للغزو السوفياتي لأفغانستان، قائلاً إن رصيد التدخلات في الخارج قد استهلك".

ولفت الكاتبان إلى أن نسخة بوتين من مبدأ بريجينيف هي جهد لإستعادة ما يسمى أحياناً بروسيا الخارجية - أي البلدان المماثلة لأوكرانيا التي كانت في أحد الأوقات جزءاً من الإتحاد السوفياتي. لكن، على غرار بريجينيف عندما ذهب إلى أفغانستان، وجد بوتين نفسه في مكان صعب بصرف النظر عن التهديدات التي تطلقها الولايات المتحدة والناتو. لقد أرسل قوات إلى كازاخستان لقمع انتفاضة هناك، بناء على طلب من الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف.

أزمة المهاجرين
ومع مقتل 164 من المحتجين والغضب الشعبي، فإنه من غير الواضح ما إذا كان على القوات الروسية العودة بعد انسحابها. وأرسل بوتين قوات في أوائل نوفمبر(تشرين الثاني) للمساعدة في التعامل مع أزمة المهاجرين التي تسبب بها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو. وربما تكون تكتيكات لوكاشنكو في ما يتعلق بالمهاجرين، جزءاً من لعبة كبرى لغزو أوكرانيا، لكن يتعين على بوتين عدم تجاهل قانون العواقب غير المقصودة. إن الناس في كازاخستان وبيلاروسيا لا يهدؤون، وقد ضم بوتين مشاكل الدولتين إلى مشاكله الخاصة.

إذا ما مضى بوتين في تهديداته بالتحرك نحو اوكرانيا، فإنه لن يجد الإستقبال نفسه الذي وجده من زعيمي بيلاروسيا وكازاخستان. ويبدو أن القيادة السياسية الأوكرانية متفهمة بأنها غير قادرة على هزيمة هجوم عسكري روسي، لكن على بوتين أن يفهم أن حرباً غير متكافئة ستكون جزءاً من الاستقبال الذي يجهزه الأوكرانيون له، في حال اختار هذا المسار.

وفي الوقت نفسه، على بوتين أن يتذكر دروس التاريخ وماذا فعل مبدأ بريجينيف بالإتحاد السوفياتي في الوقت الذي يستعد هو لتطبيق "مبدأ بوتين" على أوكرانيا وجيران آخرين. وكما كتب فيودور دوستويفسكي: "يتطلب الأمر أكثر من الذكاء للتصرف بذكاء". ويؤمل أن يصغي بوتين إلى حكمة دوستويفسكي من أجل كل الأطراف المعنيين.