الإثنين 17 يناير 2022 / 12:23

بلومبرغ: لا تنخدعوا بمزاعم إيران عن النمو الاقتصادي

حض الكاتب السياسي في شبكة "بلومبيرغ" بوبي غوش الإدارة الأمريكية على عدم التعرض للخداع أمام ما تقوله إيران عن اقتصادها. لقد صدر مؤخراً تقرير عن البنك الدولي يشير إلى أنه و"بعد الخروج من ركود عامين في 2020/21، عاد الاقتصاد الإيراني إلى بعض النمو في 2021/22".

مهما حاولت إيران جاهدة تدوير تقرير البنك الدولي كإشارة إلى المثابرة الاقتصادية فإن المواطنين الإيرانيين العاديين يدركون مدى هشاشة الأمور فعلاً

 وذكر معدو التقرير أن إيران شهدت انتعاشاً في ربيع السنة الماضية. بينما تقول هيئة الإحصاء الإيرانية الحكومية إن الناتج المحلي الإجمالي نما بـ5.9% في النصف الأول.

خدعة خالصة
لا يشك غوش في أن نظام طهران سينتهز هذه الأرقام كدليل على أن جهوده لخلق "اقتصاد مقاوم" تؤتي ثمارها. منذ تأديته اليمين في الصيف الماضي، كرر الرئيس ابراهيم رئيسي مقولة المرشد الأعلى علي خامنئي عن حماية إيران من تأثير العقوبات الأمريكية عبر تشجيع الإنتاج المحلي والتجارة غير النفطية مع الدول المجاورة. وهذه السردية ليست مخصصة فقط للاستهلاك المحلي بل هي موجهة أيضاً إلى جمهور دولي. هي تدعم مزاعم طهران بأنها لا تحتاج إلى تقديم تنازلات كبيرة إلى إدارة بايدن من أجل الحصول على تخفيف للعقوبات. يتفاخر المسؤولون الإيرانيون بأن الاكتفاء الذاتي الاقتصادي عزز قوتهم التفاوضية في فيينا بمواجهة القوى الدولية. لكن هذا الأمر خدعة خالصة.

استحالة بلا تخفيف للعقوبات

يوضح غوش أن تفحصاً دقيقاً لتقرير البنك الدولي يلقي ظلالاً من الشك على مزاعم النظام بشأن "اقتصاد المقاومة". يدرك الإيرانيون العاديون هذا الأمر ويزدادون صخباً وجرأة في التعبير عن استيائهم حيث تؤكد ذلك طفرة التظاهرات على امتداد البلاد طوال سنة 2021. ينبغي على هذا الأمر أن يعزز الموقف التفاوضي للولايات المتحدة وقوى أخرى في فيينا. يحتاج خامنئي ورئيسي بشكل يائس إلى توليد النمو الاقتصادي الذي من شأنه تهدئة السكان المضطربين وهذا مستحيل من دون تخفيف العقوبات. على إدارة بايدن استخدام ذلك كنفوذ من أجل إجبار إيران على التراجع عن سياسة حافة الهاوية النووية.

ليس مقياساً
تابع غوش أن النقطة الأكثر بروزاً في تقرير البنك الدولي هو أن نمو الناتج القومي أصبح ممكناً إلى حد كبير بفعل "ظروف أكثر ملاءمة في قطاع النفط" ولا يمكن أن يعد ذلك مقياساً للاعتماد على النفس. مع رفع الرئيس بايدن بعض العقوبات التي فرضها سلفه وتخفيف حملة الضغط الأقصى على إيران، كان النظام في طهران قادراً على جني المزيد من العائدات عبر الصادرات النفطية، خصوصاً إلى الصين. لكن بايدن قادر على أن يسترجع ما منحه. لقد بدأت الإدارة مؤخراً بتعزيز تنفيذ العقوبات، فيما ستأخذ إيران بالاعتبار التباطؤ المتوقع في الاقتصاد العالمي وخصوصاً في الاقتصاد الصيني.

النطاق الحقيقي للأزمة
لفت غوش النظر إلى نقطة مهمة أخرى في التقرير وهي أن سوق العمل لم ترافق النمو في الناتج القومي، وهو أمر غير مفاجئ بما أن معظم هذا النمو يأتي من قطاع النفط ذي رأس المال الكبير. من أكثر مشاكل النظام إلحاحاً تأمين فرص العمل للمواطنين الإيرانيين وغالبيتهم من الشباب. بالرغم من أن البطالة وفقاً للأرقام الرسمية هي أقل من 10% وقريبة من 17% بين الشباب، لا يعكس هذا الأمر النطاق الحقيقي للأزمة لأن إيران تملك واحدة من أدنى نسب مشاركة القوى العاملة في العالم. لقد منع التصلب الاقتصادي الطويل المدى ملايين الإيرانيين من دخول سوق العمل.

عوامل سلبية أخرى
أشار غوش إلى أنه مع إضافة التضخم الجامح وتدهور قيمة العملة إلى البطالة، سيكون بإمكان المرء تقدير حجم الغضب بين الإيرانيين العاديين. لقد ذكر تقرير البنك الدولي أن رفاه الأسرة الإيرانية تراجع، خصوصاً بين الـ 10% الأدنى على سلم المداخيل والذين تأثروا أيضاً بالجائحة بشكل غير متناسب. في هذه الأثناء، يبلغ معدل التضخم قرابة 40% بل أعلى بالنسبة إلى المنتجات الغذائية.

وتدهور الريال الإيراني إلى مستويات قياسية الشهر الماضي فاجتاز 300 ألف مقابل الدولار في السوق المفتوحة. سعر الصرف الرسمي هو 42 ألف ريال للدولار، لكن الحكومة تشير إلى أن هذا السعر قد لا يكون قابلاً للاستدامة. وبالنظر إلى اضطرارها إنهاء الدعم عن الواردات الغذائية في السنة المالية الجديدة التي تبدأ أواخر مارس (آذار) المقبل، تعد الحكومة بتقديم كوبونات ومساعدات نقدية.

مهما حاولت... المواطنون يدركون الحقيقة
تتفاقم هذه المشاكل المتشابكة بسبب تغير المناخ الذي يجلب تحديات سياسية إضافة إلى الأضرار الاقتصادية. لقد أطلقت أزمة مياه أواخر السنة الماضية تظاهرات واسعة النطاق خصوصاً في مدينة أصفهان. ردت الحكومة كما فعلت دوماً بالقوة الغاشمة. لكن مع تضاعف هذه الأحداث، تصبح استدامة هذا المستوى من القمع أصعب وأكثر كلفة. ربما يشرح هذا الأمر سبب اقتراح رئيسي مضاعفة ميزانية الحرس الثوري وفقاً لتحليل غوش.

مهما حاولت إيران جاهدة تدوير تقرير البنك الدولي كإشارة إلى المثابرة الاقتصادية فإن المواطنين الإيرانيين العاديين يدركون مدى هشاشة الأمور فعلاً. وختم الكاتب: "لا ينبغي أن تنخدع إدارة بايدن والقوى الدولية الأخرى المجتمعة في فيينا".