الثلاثاء 18 يناير 2022 / 12:33

ناشونال إنترست: الصدر غيّر ديناميكيات السياسة في العراق

24-زياد الأشقر

حول تطورات المشهد السياسي في العراق في ضوء النتائج التي أفرزتها الإنتخابات التشريعية الأخيرة، كتب كامران بالاني في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أنه في جلسة برلمانية دراماتيكية في 9 يناير (كانون الثاني)، أعاد البرلمان العراقي الجديد انتخاب محمد الحلبوسي لولاية جديدة كرئيس لمجلس النواب.

يواجه الصدر ثلاثة تحديات في أي محاولة لتشكيل تحالف مع الأكراد والسنة

وبينما زادت عملية التصويت من الإنقسامات الشيعية الداخلية، فإنها كشفت أيضاً عن قدرة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على تغيير الديناميات السياسية في أنحاء العراق. وحضرت الجلسة، الحركة الصدرية وتحالف كتلتي تقدم والعزم السنيتان، والحزب الديموقراطي الكردستاني، وكتل أخرى أصغر، واقترعت كلها لمصلحة الحلبوسي.

واستناداً إلى الدستور العراقي، لدى البرلمان 30 يوماً من الجلسة الأولى للبرلمان كي ينتخب رئيساً جديداً للبلاد، يطلب من الكتلة الأكبر في البرلمان تأليف الحكومة. وحتى اليوم، لا يوجد اتفاق بين القوى السياسية العراقية الأساسية حول هذه المسألة. والنظام الذي نشأ في العراق بعد 2003، يتمحور على ترتيبات لتقاسم السلطة بين الشيعة العرب والسنة العرب والأكراد. وبموجب هذا النظام غير الرسمي، فإن رئاسة الحكومة تذهب للشيعة، ورئاسة مجلس النواب مخصصة للسنة، بينما رئاسة الجمهورية هي من حصة الأكراد.

ويمكن اعتبار انتخاب الحلبوسي انتصاراً للكتلة الصدرية على الإطار التنسيقي، الذي يعتبر كتلة متحالفة إلى حد كبير مع إيران. وفي الوقت الحاضر، فإن التمثيل السياسي لشيعة العراق منقسم بوضوح بين كتلتين رئيسيتين. الأولى هي التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، الذي برز كزعيم سياسي بعد 2003. والكتلة الشيعية الثانية هي الإطار التنسيقي، الذي هو عبارة عن ائتلاف فضفاض من الأحزاب الشيعية، بينها رئيسان سابقان للوزراء وشخصيات شيعية سياسية أخرى مؤثرة.

التركيبة المعقدة
وحصل الصدريون على نحو 40 في المئة من المقاعد التي فاز بها الشيعة في الإنتخابات التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. ونظراً إلى التركيبة المعقدة للإئتلاف، فإنه لا يزال من غير المعروف كم من المقاعد حصل عليها الإطار التنسيقي. وعلى رغم ذلك، يبدو أنهم سيسيطرون على 70 مقعداً على الأقل.

وكونهم الحزب الأكبر في البرلمان، فإن الصدريين اقترعوا لإعادة انتخاب الحلبوسي، بينما قاطع الإطار التنسيقي عملية الإقتراع. وحصل انقسام مماثل بين الأكراد. إذ شارك الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني في الإقتراع، في حين أن الإتحاد الوطني الكردستاني انضم إلى الإطار التنسيقي في مقاطعته.

ووصف الصدر الاقتراع كخطوة مهمة نحو تأليف حكومة غالبية وطنية. ومنذ انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021، يفكر الصدريون في محاولة تأليف حكومة غالبية وطنية بالإئتلاف مع أحزاب غير شيعية أو الإضطلاع بدور المعارضة السياسية. أما الإطار التنسيقي فلديه اقتراح واحد، ألا وهو تأليف حكومة توافقية. وبالنسبة إلى الصدر، فإن تأليف حكومة غالبية وطنية سيعني مد اليد إلى الفائزين الأساسيين عند السنة والأكراد، بينما يصار إلى استثناء الأحزاب الأخرى من مختلف الأطياف. ومع أن حكومة غالبية وطنية ستكون مسؤولة وفاعلة مع مهمات وتوقعات ومسؤوليات واضحة، لكن هذه الفكرة تلاقي رفضاً من الإطار التنسيقي وأحزاب أخرى.

حكومة غالبية
ويرى الكاتب ان الصدر جدي في تأليف حكومة غالبية وطنية، من شأنها تحدي الأمر الواقع المفروض منذ 2003. وفي الوقت نفسه، يدرك الصدر أنه لا يحظى بدعم أكيد من أحزاب أخرى. وبينما انضم السنة والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الصدر في انتخاب رئيس البرلمان، فإن انتخاب الرئيس ورئيس الوزراء عملية أكثر تعقيداً. وأي حكومة صدرية ذات غالبية وطنية ستعتمد على دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني وعلى التحالف الجديد بين كتلتي "تقدم" و"عزم"، وهي الأحزاب الرئيسية الفائزة عند السنة والأكراد. ومع مقاعد الحزب الكردي الآخر، الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن الصدر يمكنه قيادة حكومة جديدة. ومن جهة أخرى، بإمكان الصدر تأليف حكومة غالبية وطنية إذا ما شقّ "الإطار التنسيقي" وحاز على دعم تحالفات شيعية مثل القوة الوطنية، المتحالف مع كتلة قوى الدولة وتحالف "الفتح".

ثلاثة تحديات
وسيواجه الصدر ثلاثة تحديات في أي محاولة لتشكيل تحالف مع الأكراد والسنة. الأول، هو أنه على رغم وجود تفاهم بين الصدر والحلبوسي والبرزاني قبيل الإنتخابات، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب السنية ترفض حتى الآن فكرة تشكيل تحالف مع كتلة شيعية واحدة. وإلى ذلك، فإن زعيم "الإطار التنسيقي" رئيس الوزراء سابقاً نوري المالكي حاول تشكيل تحالفات جديدة في مسعى لزيادة عدد مقاعد الإطار. وأدى ذلك إلى توازن في المقاعد بين الكتلتين السنيتين، مما جعل من الصعب على الحلبوسي القول إنه الممثل الوحيد للسنة. وأخيراً، إذا ما نجح الصدر في الحصول على دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني والحلبوسي، فإن الصدريين كمكون شيعي لن يحصلوا على الغالبية، مما يجعل الحكومة الأولى من نوعها التي لا يهيمن عليها الشيعة منذ 2003. وهذا ما سيجعلها تكافح لنيل دعم الشيعة في البلاد.

هذه التحديات من المرجح أن تجعل الصدر يحاول مد اليد إلى قوى شيعية في "الإطار التنسيقي" بغية تأليف حكومة حكومة توافقية بقيادة الصدريين.
وإذا ما بقي الصدر خارج الحكومة المقبلة، فإن "الإطار" التنسيقي والميليشيات المتحالفة معه سيسيطرون على العراق. وهذا ما سيسمح للميليشيات بالإستمرار في العمل من خارج قوى الأمن العراقية من دون مواجهة ضغط من الحكومة. ولن تجد الحملة التي أطلقها الصدر على السلاح غير الشرعي طريقها إلى التنفيذ، وسيخذل الصدر داعميه الدوليين الذين يرون فيه وسيلة لخفض نفوذ المجموعات المؤيدة لإيران.

ونظراً إلى كل هذه المعطيات، فمن المرجح تأليف حكومة توافقية جزئياً. وعلى رغم أن حكومة توافقية لن تحمل جديداً، فإن من المحتمل أن تعزز أولويات الصدر السياسية والإيديولوجية والدولية.