الثلاثاء 18 يناير 2022 / 12:28

"غيتستون" لنواب أمريكيين: ما هكذا تعالج التباينات مع الإمارات

انتقد السفير الأمريكي السابق إلى هولندا ورئيس مجلس استشاريي مركز السياسة الأمنية بيتي هوكسترا اقتراح "قانون مراقبة التعاون بين الصين والإمارات العربية المتحدة" متسائلاً عما إذا كانت هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق مصالح أمريكا أو انتقاد أحد أبرز حلفائها الدوليين.

التسبب بالتوترات مع الحلفاء الأقوياء يمكن أن ينتهي بدفعهم نحو أيدي أعداء الولايات المتحدة وهو أمر يتمناه هؤلاء من دون شك.


وكتب في "معهد غيتستون" أنه في وقت يعد هدف مواجهة واشنطن لبكين ملحاً ومهماً، يبدو أن هذه الوثيقة هي إلى حد بعيد عذر لمهاجمة واحد من أكثر حلفاء الولايات المتحدة إثارة للإعجاب، الإمارات العربية المتحدة. يحض هذا التشريع السلطة التنفيذية على "تقييم العلاقة بين الصين والإمارات العربية المتحدة من أجل حماية التكنولوجيا والأمن القومي الأمريكيين". قد يبدو ذلك منطقياً بما يكفي، لكن الغريب أنه موجه إلى صديق، وفي العلن.

الإمارات... قيادة استثنائية

يؤكد هوكسترا أن الإمارات حليف قوي للولايات المتحدة وهي تستضيف منشأة عسكرية إماراتية/أمريكية بارزة. لقد برهنت الإمارات عبر سمو ولي العهد الشيخ محمد بن زايد ومستشاريه المتميزين قيادة استثنائية وكانت أول دولة مسلمة توقع على اتفاقات أبراهام وتطلق سلاماً دافئاً حقاً بين دول مسلمة وإسرائيل بعد سنوات من الخلافات التي زعزعت استقرار المنطقة. علاوة على ذلك، كانت الإمارات أول دولة عربية ترسل قوات إلى أفغانستان بجانب الولايات المتحدة وتقدم مساعدة كبيرة حين كانت واشنطن تنسحب من هناك في 2021.

هنا تبدأ المشكلة
أشار هوكسترا إلى أن التشريع المقترح يهاجم الإمارات لاختيارها شركة هواوي الصينية من أجل توفير البنية التحتية للاتصالات. من نواحٍ عدة، تبدأ المشكلة مع التكنولوجيا المفصلية للجيل الخامس من الاتصالات. إنها واحدة من صراعات اقتصادية عدة يتم خوضها حول العالم بين الصين والغرب. بحسب الكاتب، يستخدم الحزب الشيوعي الصيني موارد حكومية واسعة لتأسيس مزايا تنافسية غير منصفة لشركتي زد تي إي وهواوي مع استهداف تعطيل ديناميات السوق العادية.

بحسب الكاتب، يكمن هدف الحزب الشيوعي الصيني في الهيمنة على السوق العالمية للجيل الخامس للاتصالات والتخلص أو تهميش المنافسين وفي موضعة نفسه للسيطرة على تطوير منصات التكنولوجيا المستقبلية. لم تخفِ الصين طموحها بالتحول إلى قوة عالمية مهيمنة خلال هذا القرن، وبشكل مفضل في 2049، بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الحزب الحاكم.

أين ينصب تركيز الإمارات؟
إن أي شخص مطلع على السياسة الإماراتية سيكون قادراً على رؤية أنها تركز في الوقت الحالي على النمو الاقتصادي والوئام لا على الاشتباكات الدولية. يوضح هوكسترا أن تكنولوجيا الاتصالات شكلت قضية كبيرة خلال فترة خدمته كسفير أمريكي في هولندا. في جهد حكومي متكامل شمل مجتمعات التجارة والدفاع والخارجية والأمن والبيت الأبيض، تمّ تكثيف برامج التعليم لإطلاع الحكومة الهولندية على المخاطر المحتملة حين كانت تناقش هوية الجهات التي ستختارها كي تؤمن التكنولوجيا للبلاد.

معنى السيطرة على هذا القطاع
أضاف هوكسترا أن الولايات المتحدة لا تملك منافسين مباشرين للشركات الصينية، على عكس أوروبا. إذا كان هنالك من حاجة لاستبعاد هواوي لدواع أمنية، فبإمكان شركتي نوكيا وإريكسون الأوروبيتين توفير جميع ما يحتاج إليه زبائنهما لتطوير البنية التحتية الخاصة باتصالات الجيل الخامس. لقد كان الموقف الأمريكي أنه من المهم اختيار هولندا لنظام يحمي مصالح الأمن القومي المشتركة. إن النتيجة المرغوبة ستؤسس وضعاً يسمح للغرب وأوروبا والولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين بمواصلة التمتع بموقف قوي ومهيمن في هذا القطاع التكنولوجي. فمن يسيطر على هذا القطاع يسيطر على الكثير من المستقبل.

ما لم تقله واشنطن
تولى سفراء أمريكيون آخرون المهمة نفسها. بينما ساد التعاون بينهم، كان بديهياً أن الحلفاء الأوروبيين شاطروهم أهدافهم. كان الهدف مع كل دولة تأسيس شبكات آمنة مع الاعتراف بأن الحلول تختلف بين دولة وأخرى بحسب الكاتب. لقد أوضحت الولايات المتحدة أيضاً أنه إذا تم تأسيس شبكات غير آمنة فلن تتغير العلاقات الأمريكية مع الحلفاء. لكن طريقة تشارك المعلومات والبيانات قد تتغير. لا يمكن مشاركة الاتصالات الحساسة أو السرية أو السرية للغاية عبر القنوات المعرضة للاختراق.

كان الخبراء الحكوميون الأمريكيون مقتنعين بأن هواوي وزد تي إي وشركات تكنولوجية صينية أخرى تتمتع بأبواب مصائد تمكن الحكومة الصينية من الوصول إلى جميع المعلومات التي تمر عبر تلك الشركات. وستقوم الولايات المتحدة بتحديد الطريقة التي ستتم من خلالها مشاركة المعلومات والبيانات بناء على التكنولوجيا التي اختارتها الدولة. لم تقل الولايات المتحدة للدول ما عليها فعله، بل فقط ما هي التداعيات التي ستنشأ بناء على القرارات التي تتخذها.

طريقة مضللة ومحزنة
أشار الكاتب إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يستخدم استراتيجيات مختلفة غير شبكة اتصالات الجيل الخامس لعرقلة علاقات واشنطن مع الدول مثل مبادرة الحزام والطريق وجهود المساعدة في مواجهة الجائحة. ومع تشديده على وجوب عدم تعرض الأمن القومي للاختراق وعلى الدفاع عن العلاقات الديبلوماسية، يأسف هوكسترا لكون اقتراح القانون طريقة مضللة بشكل محزن لفعل ذلك. إن التسبب بالتوترات مع الحلفاء الأقوياء يمكن أن ينتهي بدفعهم نحو أيدي أعداء الولايات المتحدة وهو أمر يتمناه هؤلاء من دون شك. ثمة طرق بناءة وأخرى هدامة في مواجهة الحزب الشيوعي الصيني، لكن هذا القانون يأتي بنتائج عسكية – يتأسف هوكسترا.

الاحترام ركيزة التحالفات والصداقات
بناء على خبرته كسفير وكرئيس سابق للجنة الاستخبارات في مجلس النواب، تقدم الكاتب ببضعة اقتراحات لتعزيز التشريعات المستقبلية. الأهم بحسب رأيه هو احترام الأصدقاء والحلفاء. فالتشريعات التي تسلط الضوء على دولة محددة ستنظر الأخيرة إليها على أنها إهانة. سواء أكان الأمر مرتبطاً بالاقتصاد أو الأمن القومي، تهدف الديبلوماسية إلى تحسين العلاقات لا إلى الإضرار بها. تقوم التوصية الأولى على السرية بين الحلفاء. نشر الخلافات علناً هو من بين أكثر الطرق المؤكدة لإبعاد الحلفاء الذين قد تكون واشنطن بأمس الحاجة إليهم.

بصمة الصين حول العالم
يلفت الكاتب النظر ثانياً إلى هذا الأمر مشكلة دولية. تحاول الصين ترسيخ منتجات شركاتها حول العالم. إن مبادرة الحزام والطريق هي جهد دولي للسيطرة على الموانئ في نقاط استراتيجية. يتهم التشريع الصين ببناء قاعدة عسكرية سرية في ميناء تجاري إماراتي، لكن هذه ممارسة صينية على مستوى العالم. يقترض الحزب الشيوعي الصيني أو يتحكم بموانئ عند مدخلي قناة بنما، كما في دجيبوتي بالقرب من مضيق باب المندب على البحر الأحمر، وفي باتا الغينية على الأطلسي، وفي ميناء حيفا الإسرائيلي، وفي فريبورت بجزر الباهاما. هذا إضافة إلى إنفاق الحزب الحاكم 140 مليار دولار على الموانئ والطرق ومنشآت الطاقة في أمريكا اللاتينية وبحر الكاريبي وكوبا، في "الفناء الخلفي لأمريكا". وحاولت الصين أيضاً استخدام جهود الإغاثة لمواجهة كوفيد-19 في أكثر من مئة دولة. يشير الكاتب إلى أن مصالح الولايات المتحدة حول العالم هي في خطر.

مرونة... وما هو أفضل من المنع
بدلاً من مهاجمة الحلفاء والتشبث بحل واحد على اعتبار أنه يناسب الجميع، بإمكان واشنطن وضع تشريع يطلب من مدير الاستخبارات الوطنية تعديل المتطلبات بناء على علاقة أمريكا مع دول مختلفة. ينبغي الطلب إلى شركاء واشنطن في تحالف الأعين الخمس التمتع بمتطلبات مختلفة عن تلك المطلوبة من حلف شمال الأطلسي. سيصمم مدير الاستخبارات الوطنية نظاماً دولياً مرناً بما يكفي ليعكس شبكة العلاقات المعقدة التي تتمتع بها واشنطن حول العالم. ما من علاقتين متشابهتان تماماً.

وسوف يكون مفيداً جداً أن تكون التشريعات الرامية إلى تحسين العلاقات عملية. عوضاً عن قول ما ينبغي ألا يفعله الحلفاء، من الجيد أن تكون واشنطن قادرة على تقديم بدائل موثوقة.