الأربعاء 19 يناير 2022 / 11:52

بلومبرغ: ترامب ليس سبب عدوانية إيران

في مواجهة صخب جمهوري ضد إعادة إحياء الاتفاق النووي، يحرص البيت الأبيض على إعادة تأطير النقاش حول مفاوضات فيينا في اتهام الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب "غير الحكيم" من الاتفاق.

اتفاق 2015 كان محصوراً بعنصر واحد من التهديد الإيراني: برنامج نووي زعمت طهران أنه سلمي بالكامل

علق الكاتب السياسي في شبكة "بلومبيرغ" بوبي غوش على مزاعم الإدارة الحالية لافتاً النظر إلى قيام مسؤولين في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، مرتين في أسبوع واحد، بتجاهل أسئلة الصحافيين عن مفاوضات فيينا المتعثرة وتوجيه انتقادات حادة لانسحاب ترامب من الاتفاق.

أشارت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي إلى خطوة الرئيس السابق بكونها جذر جميع نشاطات النظام الخبيثة: "لا شيء من الأمور التي ننظر إليها الآن – قدرات وإمكانات إيران المتزايدة، التحركات العدوانية التي اتخذوها عبر حروب الوكالة حول العالم – كان ليحدث لو لم ينسحب الرئيس السابق بشكل متهور من الاتفاق النووي بدون أن يفكر بما قد يحصل تالياً".

بين الدهاء والتعجرف

يرد غوش على هذا التكتيك السياسي واصفاً إياه بالدهاء: هو يعطي الرئيس الأمريكي جو بايدن ذريعة جاهزة لأكثر نتيجتين محتملتين لهذه المحادثات. إذا قدمت الإدارة تنازلات كبيرة لإعادة إحياء الاتفاق، مثل الموافقة على رفع بعض العقوبات الاقتصادية قبل عودة إيران إلى الالتزام الكامل بموجباته، فسيكون بإمكان البيت الأبيض الادعاء بأن انسحاب ترامب المتسرع لم يترك له أي خيارات جيدة. أما إذا فشلت المحادثات، وهو الأمر الأكثر ترجيحاً، وواصلت إيران تخصيب اليورانيوم لغايات عسكرية، فسيتحمل ترامب مسؤولية إزالة القيود التي فرضها الاتفاق.

مع ذلك، يرى غوش أن لوم البيت الأبيض الإدارة السابقة، كاستراتيجية في السياسة الخارجية، فيه ذكاء متعجرف: هو يعطي الإيرانيين ذريعة جاهزة – دونالد ترامب – لانتهاكاتهم الخطيرة بنود الاتفاق النووي ولسلوكهم العدواني في الشرق الأوسط. بالنسبة إلى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تؤشر هذه الاستراتيجية إلى وجود وجهة نظر ضيقة لدى الإدارة بشأن التهديد الذي يواجهونه من إيران.

يشير الكاتب إلى حجة مؤكدة في أن النظام لم يكن ليسرع برنامجه النووي – ليس علناً على أي حال – لو بقي الاتفاق النووي ساري المفعول. لكن الإسرائيليين والعرب في المشرق والخليج العربي يدركون من التجارب المؤلمة أن التهديد الإيراني يسبق إمكانات إيران النووية بفترة طويلة.

ما لم تدركه ساكي
إن حروب الوكالة التي تحدثت عنها ساكي كانت مستعرة منذ ثورة 1979، حين بدأ النظام الثيوقراطي الجديد يدعم المجموعات المسلحة على امتداد الشرق الأوسط. خلال العقود الثلاثة التالية، بنى النظام شبكة واسعة من الوكلاء والشركاء، بدءاً بحزب الله في لبنان وحماس في غزة وصولاً إلى الحوثيين في اليمن وميليشيات عديدة في العراق. لقد تم استخدامها كطابور خامس من أجل إثارة النزاعات في المجتمعات العربية ولتهديد إسرائيل.

ومضى الكاتب موضحاً أنه حتى قبل التوقيع على الاتفاق النووي، شن الحوثيون حرباً أهلية في اليمن دفعت التحالف العربي بقيادة السعودية إلى التدخل، بينما كان حزب الله والمقاتلون الإيرانيون يذبحون المدنيين السوريين وحماس مستعدة دوماً لقتال إسرائيل ووكلاء إيران في العراق قد قتلوا مئات الجنود الأمريكيين. وفي الداخل، كان النظام في طهران يطوّر تكنولوجيا الصواريخ البالستية ويعزز قواته العسكرية وشبه العسكرية.

مستغرب
يكتب غوش أن اتفاق 2015 كان محصوراً بعنصر واحد من التهديد الإيراني: برنامج نووي زعمت طهران أنه سلمي بالكامل. هدف الاتفاق إلى منع النظام من الحصول على الأسلحة النووية لبضعة عقود في مقابل رفع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة. لكنه لم يطلب من إيران التخلي عن نشاطاتها المزعزعة للاستقرار.

قلق منتقدو الاتفاق من أن تصبح إيران غير المقيدة أكثر عدوانية. لقد كانوا محقين: خلال السنتين اللتين شهدتا تنفيذ الاتفاق، زادت إيران إنفاقها العسكري في الداخل، خصوصاً على برنامجها الصاروخي، كما زادت دعمها للوكلاء. ومنتقدو ترامب محقون في أن انسحابه من الاتفاق لم ينهِ هذه النشاطات، لكن إعادة فرض العقوبات عرقلت قدرة إيران على الوصول إلى الأموال والذخيرة. ليس صعباً تخيل مدى الأذى الإضافي الذي كان سيتسبب به حزب الله والحوثيون لو امتلكوا المزيد من السيولة والأسلحة المتطورة من طهران.

بين واشنطن والشرق الأوسط
في جميع الأحوال، يرى الكاتب أن اقتراح تسبب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بزيادة العدوانية الإيرانية أو بافتعالها هو أمر مستغرب. بينما قد يكون لرسالة إدارة بايدن الجديدة قبول في واشنطن، فإنها لن تكون قابلة للتصديق في الشرق الأوسط.