الخميس 20 يناير 2022 / 11:09

ما حدود العلاقة بين الصين وإيران؟

دحض زميل ما بعد الدكتوراه في مركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا الدكتور وليام فيغيروا العناوين التي وصفت التطورات الأخيرة في العلاقات الصينية-الإيرانية بالتحالف الثنائي أو بـ"التحول" الصيني نحو إيران بشكل يزعزع استقرار المنطقة ويهدد المصالح الأمريكية.

دخلت إيران هذه الاتفاقات تحت الإكراه وأجبرت بفعل الضغط الأمريكي الأقصى على دخول اتفاقات لم تكن بالضرورة وفقاً لشروط أحبتها

ولفت فيغيروا بداية إلى التقارير التي تحدثت عن نشاط صيني أكبر من ذي قبل في جولة محادثات فيينا الأخيرة وعن زيادة وراداتها النفطية من إيران. ووسط هذه التوترات، زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الصين في 14 يناير الحالي لمناقشة تنفيذ اتفاقية التعاون الاستراتيجي التي وقعها الطرفان في 2021 على أن تمتد لفترة 25 عاماً. كانت تصريحات عبداللهيان ضعيفة على مستوى التفاصيل وشددت على رغبة بتطوير روابط أوثق مع الصين في مجالات كالتجارة والأمن ومواجهة كوفيد-19.

اختلاف في التطلعات
كتب فيغيروا في مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية أنه على الرغم من جميع هذه التطورات، برزت مؤشرات متزامنة إلى وجود حدود كبيرة للتعاون الصيني-الروسي. قد يُجبَر الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي على "النظر شرقاً" عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، لكن الحكومة الصينية تواصل النظر في اتجاهات عدة دفعة واحدة. للصين علاقات جوهرية مع السعودية وإسرائيل وعدد من جيران إيران وخصومها الإقليميين. وهؤلاء ليسوا بعيدين تماماً عن الموقف الأمريكي تجاه الأسلحة النووية الإيرانية، ومساهماتهم في مفاوضات فيينا تعكس ذلك. ترى الصين إيران جزءاً من استراتيجية انخراط دولي أوسع.

مذكرات تفاهم متواضعة
بعد التوقيع على اتفاقية الشراكة بين إيران والصين في مارس (آذار) 2021، كانت هنالك توقعات بتدفق شامل للاستثمارات الصينية وبقيام تعاون كبير على الصعيدين السياسي والعسكري. حتى اليوم، فشلت هذه التوقعات في أن تتحقق. بينما تشتري الصين كميات قياسية من النفط الإيراني، هي لا تستثمر في الإنتاج أو في غيره من المجالات. إن الاتفاقات الوحيدة التي وقعتها الحكومتان منذ مارس ذات أهمية متدنية من دون شك بحسب الكاتب. على سبيل المثال، وقعت جامعتا طهران وبكين مذكرة تفاهم حول المتاحف. ووقعت منظمة السينما في إيران ومكتب الفيلم الصيني مذكرة تفاهم بشأن التعاون حول السينما. ومؤخراً، افتتحت الصين قنصلية في ميناء بندر عباس، لكن ذلك لم يحدث أي تأثير بارز على التجارة.

ماذا عن الانضمام إلى منظمة شنغهاي؟
أضاف فيغيروا أن التطور البارز الوحيد كان انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون بقيادة الصين وهي مخصصة لتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية لجميع الدول الأعضاء. لكن هذه المنظمة من دون فاعلية على المستوى التنفيذي وهي توفر بشكل أساسي منصة للنقاش عوضاً عن تطبيق السياسات. على الرغم من بياناتها حول تسهيل الروابط التجارية والاقتصادية والثقافية بين دولها الأعضاء، لم يكن سجل المنظمة في هذا الصدد ممتازاً. إن مسار انضمام إيران إلى المنظمة والذي لن ينتهي قبل عامين، اقترن بانضمام السعودية ومصر وقطر كـ"شركاء حوار"، وهو مؤشر إلى أن إيران تريد موازنة مصالح إيران مع تنازلات إلى خصومها.

زيارة عبداللهيان لم تحدث في فراغ

أوضح الكاتب أنه غالباً ما يتم التقليل من أهمية علاقة الصين مع دول شرق أوسطية أخرى خلال النقاشات حول العلاقات الإيرانية-الصينية. لم تحدث زيارة وزير الخارجية الإيراني في فراغ، بل عوضاً عن ذلك، في إطار سلسلة محادثات رفيعة المستوى خلال الأسبوع نفسه مع البحرين والسعودية والكويت واليمن وعمان وتركيا ومجلس التعاون الخليجي. تملك جميع هذه الدول علاقات جوهرية مع الصين، حيث أن العديد منها يفوق التعاون الصيني-الإيراني أهمية. بالنسبة إلى كثير من هذه الدول، الصين الآن هي أكبر شريك تجاري بما يشدد أكثر على حاجة بكين إلى موازنة العلاقات مع جميع الأطراف. وتجسد العلاقات الصينية-السعودية هذه المسألة.

ردع بارز ضد إيران
قبل أيام قليلة على زيارة أمير عبداللهيان الصين، التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي بنظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في ووشي. وأعلن وانغ "أنكم كأول وزير خارجية يصل إلى الصين في العام الجديد، تعكس زيارتكم الشراكة الاستراتيجية الشاملة الرفيعة المستوى بين الصين والمملكة العربية السعودية" وموقع السعودية كـ"أكبر شريك تجاري ومصدر لواردات النفط الخام في الشرق الأوسط". وتم الكشف الشهر الماضي عن أن الصين كانت تساعد السعودية في تطوير برنامجها الخاص للصواريخ مما قد ينهي اعتمادها على شراء الصواريخ البالتسية الأجنبية. بالرغم من أن السعودية مسلحة بشدة من الولايات المتحدة، للبرنامج الجديد إمكانية تحقيق ردع بارز لإيران عن شن هجمات مستقبلية بواسطة طائرات بلا طيار ضد السعودية.

موقف الصين من الملف النووي
يشير فيغيروا إلى أنه بينما تقدم الصين دعماً خطابياً لإيران وتنتقد الولايات المتحدة لانسحابها من الاتفاق النووي، ليس صحيحاً بالكامل أن بكين تقف بجانب الطرف الإيراني. موقف الصين هو أنه يجب ألا تكون إيران عرضة لأي نوع من العقوبات ويجب أن يكون لديها إمكانية للوصول إلى الطاقة النووية، لكنها تقف أيضاً ضد انتشار الأسلحة النووية وتدعم رقابة دولية كحل للقضية النووية. وفيما ترغب إيران بالعودة إلى الاتفاق النووي، فقد تقدمت بعدد من المطالب الإضافية التي ترددت الصين بدعمها خصوصاً رفع جميع العقوبات قبل بدء المفاوضات. بالرغم من أنها دعمت ذلك علناً، ذكرت تقارير أن الصين ضغطت في الكواليس على إيران كي تفي بتنازلات وعدت بها والعودة فوراً إلى طاولة التفاوض.

المستثمرون الصينيون
الصين هي داعم أكبر للاتفاق النووي من الموقف الإيراني، تابع الكاتب. ينبع دعمها من اعتقادها بأنه أسلوب لحل التوتر بين إيران والولايات المتحدة لرفع العقوبات، أكثر من قلقها بسبب دوافع إيران النووية، حيث يفهم القادة الصينيون أن الحكومة الإيرانية ليست انتحارية. إن العقوبات هي العائق الأساسي أمام تطبيق اتفاقية الشراكة بين الصين وإيران وتحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين. تاريخياً، من غير المرجح أن يكون المستثمرون الصينيون مهتمين بإيران إلا في حال رفع العقوبات.

تحالف؟
بالرغم من التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً في تحسين العلاقات الإيرانية-الصينية، تبقى الشراكة بين الطرفين محدودة بالسياسة الأمريكية والمصلحة الصينية الذاتية. لم يكن هذا التقدم قادراً على منع الصين من تطوير الإمكانات العسكرية للجار السعودي ومواجهة جزء مهم من الاستراتيجية الإيرانية الهجومية. ووجدت الصين نفسها في موقع أقوى للضغط على إيران عوضاً عن الضغط على الولايات المتحدة في فيينا. لقد كان هنالك تقدم قليل أو حتى منعدم في المشاريع الاقتصادية والأمنية وفي البنية التحتية التي توقعها محللون غربيون ولمحت إليها الحكومة الإيرانية.

ودخلت إيران هذه الاتفاقات تحت الإكراه وأجبرت بفعل الضغط الأمريكي الأقصى على دخول اتفاقات لم تكن بالضرورة وفقاً لشروط أحبتها. يشتكي رجال الأعمال والمستهلكون الإيرانيون من شروط غير مؤاتية ووعود لم يتم الإيفاء بها تحت تهديد العقوبات. "باختصار، إذا كانت العلاقات بين الصين وإيران تحالفاً، فهو ليس (تحالفاً) جيداً جداً".