لبنانيون أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيف)
لبنانيون أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيف)
الخميس 20 يناير 2022 / 19:23

لبنان: إذا أنا ما معي مصاري.. شو بعمل؟

يتداعى نظام الرعاية الصحية اللبناني وسط أزمة اقتصادية طاحنة أدت لنزوح جماعي لآلاف الأطباء والممرضين، وإجبار مستشفيات خاصة على إغلاق بعض أقسامها، بما شكل مزيداً من الضغوط على القطاع الصحي الحكومي، الذي يتعرض بالفعل لما يفوق طاقته.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض هذا الأسبوع: "إذا هذه الأزمة استمرت من غير إيجاد حلول، طبعاً نحن سنقترب أكثر لما ذكرته من ناحية حدوث فيه انهيارات كبيرة".

وتهاوى الاقتصاد اللبناني منذ 2019 وفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، ما دفع أغلب السكان إلى الفقر، والمهنيين وذوي الخبرة في القطاع الصحي وغيره من القطاعات، للسفر إلى الخارج للعمل.

ويقول جوزيف الحلو مدير العناية الطبية في وزارة الصحة إن المستشفيات الخاصة في البلاد، التي اعتبرت في وقت من الأوقات مركزاً إقليمياً للعلاج الطبي، كانت تشكل 80% من المؤسسات الطبية والخدمات الصحية قبل الأزمة، لكن الآن لم يعد لدى كثيرين القدرة المالية للجوء إليها وأصبحوا يتجهون لمستشفيات الدولة.

وأشار الحلو إلى أن الوزارة كانت تغطي فواتير الرعاية الطبية لنحو 50% من السكان قبل الأزمة، أما الآن فنحو 70% من المواطنين يطلبون المساعدة، ما فرض ضغوطاً إضافية على ميزانية الوزارة الآخذة أصلا في التقلص.

وأضاف أن ديوناً ضخمة تتراكم في المستشفيات.

وأوضح الحلو أن ميزانية الوزارة بالدولار كانت توازي 300 مليون دولار قبل الأزمة، لكنها تعادل الآن 20 مليوناً بعد انهيار العملة.

وسارع محمد قاسم بنقل زوجته الحبلى في شهرها الخامس بطفلهما الخامس لمستشفى رفيق الحريري في بيروت، وهو مستشفى عام، بعد أن تعرضت لنزيف لسبب مجهول، لكنه قال إن المستشفى رفض قبولها حتى وصل قريب له دفع مبلغ مقدماً.

وقال من أمام المستشفى هذا الأسبوع: "يعني إذا أنا ما معي مصاري، شو بعمل؟ هيدا السؤال. بتموت مرتي يعني؟".

ويضطر المرضى وذووهم في العادة للدفع مقدماً حتى لو كانت وزارة الصحة تغطي تكاليف علاجهم.

واضطرت فيفيان محمد، للاعتماد على التبرعات الخيرية لسداد ثمن جراحة لزوجها.

ويقول الحلو إن نحو 40% من العاملين في القطاع الصحي، أي حوالي 2000 ممرض وممرضة و1000 طبيب، غادروا بالفعل لبنان، خلال الأزمة وتوجه أغلبهم إلى أوروبا، ودول عربية في الخليج.

وتابع قائلاً، إن كثيرين منهم من أصحاب التخصصات ما أجبر بعض المستشفيات الخاصة على إغلاق بعض الأقسام مثل أقسام الأورام، أو القلب، أو العظام، أو الأطفال لأنها لا تجد أطباء لتشغيلها.

وقال وزير الصحة، إن البلاد في حاجة لاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ إصلاحات لتتمكن من الحصول على دعم من الجهات المانحة.

لكن الحكومة المعينة في سبتمبر (أيلول) لم تجتمع منذ ثلاثة أشهر بسبب خلافات سياسية أجلت التحضيرات للمحادثات مع صندوق النقد الدولي، كما تنذر الانتخابات المقررة في مايو (أيار) المقبل بالمزيد من التأجيل.

وقال أبيض: "لا شك أن لبنان بلد مريض الآن، ولكن السؤال الأساسي الآن، هل هو مرض ميؤوس منه، أو هل هو مرض يمكن التعافي منه؟ ما نقوله نحن، لا، نحن إيماننا أن المرض الموجود حالياً يمكن التعافي منه ويمكن أن لبنان يرجع يسترجع عافيته، ولكن حتى يقدر أن يسترجع عافيته مثل أي شي نقوله للمريض، إنه فيه وصفة طبية معينة يجب أن يلتزم بها".