صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الأحد 23 يناير 2022 / 10:46

صحف عربية: انسحاب الحريري..انعكاسات على الحلفاء والخصوم

من المتوقع أن يعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، غداً الإثنين، عدم مشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في مايو (آيار)، في أول غياب عن الساحة السياسية لتيار المستقبل منذ 1996.

وسلطت صحف عربية صادرة اليوم الأحد، الضوء على تداعيات قرار الحريري وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج على المشهد السياسي اللبناني، في ظل تحديات داخلية وأزمات إقليمية كبيرة وغير مسبوقة.

مشهد انتخابي جديد
وقالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن "محاولة إقناع الحريري بالعدول عن موقفه اصطدمت بإصراره على قراره، ويُنقل عنه قوله إنه اتخذ قراره ولا مجال للعودة عنه، وسيعلنه غداً الاثنين بعد أن يستكمل مشاوراته التي بدأها بلقاءاته بأعضاء المكتب السياسي للمستقبل وهيئته التنفيذية التي تتشكل من المنسقيات في المناطق، ويرى أن هناك استعداداً لوضع ورقة عمل مشتركة لرؤساء الحكومات السابقين بالتفاهم مع ميقاتي لمواجهة مرحلة ما بعد عزوف الحريري لملء الفراغ السياسي الناجم عن غياب المستقبل عن البرلمان".

وأشارت إلى أن الحريري سيعود ثانية للقاء كتلته النيابية في اجتماع يسبق إعلانه عن قراره الذي لن يغيب عنه ما لديه من خيارات سياسية يصارح بها تياره ومن خلاله اللبنانيين وبالتنسيق مع نادي رؤساء الحكومات، فإنه استبق مطالعته بقوله أمام نوابه بأنه لم يلمس من بعض شركائه في الوطن أي تجاوب لإخراج البلد من التأزم والسير به نحو الإنقاذ.

وأضافت "رؤساء الحكومات السابقين ومعهم نجيب ميقاتي سيتفرغون لعقد اجتماعات مفتوحة فور انتهاء الحريري من تلاوة بيان عدم ترشحه لوضع خطة لمواجهة المرحلة السياسية بعد عزوفه عن خوض الانتخابات، لملء الفراغ السياسي لغياب المستقبل عن البرلمان، مع أن غيابه سيؤدي إلى إعادة خلط الأوراق، وهذا ما يمكن أن تأتي به الانتخابات النيابية في ضوء انصراف القوى المحلية إلى مراجعة حساباتها اقتراعاً وترشحاً وصولاً إلى التحالفات التي تسبق تركيب اللوائح".

ولفتت الصحيفة إلى أن المنافسة في الشارع السني ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات، إذا أُضيف عزوف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن الترشح في ضوء ما يتردد على لسان مصدر مسؤول في نادي رؤساء الحكومات السابقين.

سيناريوهات
وقال جورج شاهين، الكاتب في صحيفة "الجمهورية" اللبنانية، إنه "أياً كان القرار الذي سيتخذه الرئيس سعد الحريري بمقاطعته الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحاً واقتراعاً، أو العكس، وسواء انتظم من خلفه رؤساء الحكومات السابقون فرادة او جماعة، فإنّه ستكون للقرار تداعيات تتجاوز مجريات العملية الانتخابية في حدّ ذاتها، لتلقي بظلالها على الحياة السياسية والنيابية".

وأضاف "البحث في مقاطعة الحريري للانتخابات النيابية والمدى الذي يمكن أن تتخذه، تستهوي بعض المصادر لتتحدث عن بعض التوقعات المثيرة للجدل في أكثر من اتجاه، قد ينقسم البعض في قراءتها سلباً أو إيجاباً، وعليه، لا بدّ من التوقف عند مجموعة من الأسئلة التي تحاكي مواقف حلفائه السابقين والخصوم على حدّ سواء".

وتساءل الكاتب حول ماذا سيكون عليه موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حركة "أمل"، وموقف حزب الله" وموقف رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" في حال قاطع الحريري الانتخابات وغاب طيفه عنها، مضيفاً "ألا يعقل أن تزرع المخاوف في صفوفه إن توزعت قاعدته الشعبية على مختلف الاطراف المعادية الأخرى التي تعانده وتواجهه في عدد من الدوائر الانتخابية، لترفع من نسبة الضغوط عليه؟".

غياب "الحريرية السياسية"
وفي ذات السياق قالت صحيفة "الرأي" الكويتية، إنه "بمعزل عن الاقتناع بأن الخاسرين والرابحين من انسحاب الحريري من الحال السياسية في لبنان متساوون، وأن المستفيدين من غيابه والمنزعجين إقليمياً وحتى دولياً، سيتركون تأثيراتهم من الآن وصاعداً على الواقع الداخلي، فإن أسئلةً كبرى تدافعتْ، وهي بحجم التداعيات المتعددة الاتجاه لمعطى لم يَحتسب له أحد، وربما تمنّاه البعض وعمل له آخَرون في سياق القضم الممنهج للواقع اللبناني وتوازناته".

وأضافت "هل خيار زعيم المستقبل هو بمثابة وضع حجرٍ على قبر حريريةٍ تعرّضت مع الحريري الأب كما الابن لاستهدافاتٍ في الأمن والسياسة تداخلتْ فيها الأبعاد الداخلية مع الإقليمية، أم أن الأمر هو وقت مستقطع لمعاودة تنظيم الصفوف وترتيب الأولويات؟".

وتابعت "تداعيات قرار الحريري ستكون مؤثرة على القوى السياسية الأخرى، بقدر تأثيرها على تيار المستقبل والطائفة السنية"، لافتة إلى أنه بخروج الحريري، تتحول الطائفة السنية إلى ساحة انتظار لزعامة قد لا تتكرر، في الوقت القريب.

وقالت الصحيفة إن "خروج الحريري سيكون أثره على الشخصيات الطامحة في تيار المستقبل، وأولها من العائلة نفسها، بين النائبة بهية الحريري ونجلها أحمد الحريري بعد خروج مستشار الحريري السابق نادر الحريري من الضوء السياسي، وبين الرئيس فؤاد السنيورة ابن المدرسة الحريرية وصانع الكثير من مواقفها السياسية الحادة والصلبة تجاه حزب الله وعون وخصوصاً بعد التسوية الرئاسية".

حكومة الإنقاذ المستحيل
وليس بعيداً عن المشهد الانتخابي، قال إبراهيم حيدر الكاتب في صحيفة "النهار" اللبنانية إن "عودة الحكومة اللبنانية إلى الاجتماعات لا يعني أن المسار اللبناني سلك طريق الحل الشامل، بتسوية جرى التوصل إليها بين القوى السياسية والطائفية على الملفات الخلافية التي عطّلت الحكومة والبلد لأربعة أشهر".

وأضاف "حزب الله الذي وافق على العودة إلى الحكومة لاعتبارات لها علاقة بالداخل أولاً، فيما حساباته ترتبط بسياقات المنطقة ومرجعيته الإيرانية، لذا اعتبر أن وظيفة تعطيل الحكومة لم يعد لها جدوى، أقله في المرحلة الراهنة، وهي تزيد أعباء إضافية على مشروعه، مطمئناً إلى تقييد عمل المحقق العدلي في تفجير المرفأ طارق البيطار وترحيل تحقيقاته إلى مرحلة لاحقة".

وتابع "تركز القوى السياسية والطائفية على الموازنة وخطة التعافي وتنصرف إلى التحضير للانتخابات، وهي تنهمك لتحقيق مكاسب في السلطة بالدرجة الأولى، تهيئة لما يمكن أن يكون عليه التفاوض حول النظام المقبل وتوازناته ومراكز الهيمنة داخله، لذا يأتي اجتماع الحكومة الأول بعد تعطيل أربعة أشهر لمناقشة الموازنة، وهي تتضمن بنوداً موجعة للبنانيين، من ضرائب ورسوم، بما يعني تحميل تكلفة الأزمة والانهيار لهم، فيما تركز الحكومة على المساعدات الخارجية والقروض لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية، كوظيفة أولى".

 وقال إن "حزب الله مضطر لتمرير مشاريع مرتبطة بالموازنة، لتتمكن الحكومة من التفاوض مع صندوق النقد، وفي الواقع لا يؤثر إقرارها في بنية حزب الل"، فبالنسبة إليه هي أمور لا تغير من تركيبة بنيته الخاصة المدعومة من إيران وهيكليته التنظيمية العسكرية، فهو ينظر إلى البلد من حسابات تتعلق بالمنطقة وتوازناتها، وما قد ينتج من المفاوضات النووية، وإن كانت بيئته الأهلية تتأثر بكل هذه العناوين، وهو ينتظر أيضاً ما ستؤول إليه المفاوضات حول النفوذ، ما دامت إيران تمسك بأوراق وأذرع مسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، ومنها تستمد قوتها وتفاوض أحياناً بتحريكها في المنطقة".

وأضاف "سنشهد في المرحلة الفاصلة قبل الانتخابات بعض الاستقرار، مع عودة الحكومة وتدخل مصرف لبنان لضبط سعر الصرف، إلى أن يصير عاجزاً بانتهاء الاحتياطي، وإذا تدفقت المساعدات والقروض، تكون المفاوضات قد قطعت شوطاً نهائياً في ترتيب أوراق المنطقة، لكن هذا السيناريو أمامه الكثير من التعقيدات، إذا كانت المراهنة من خلاله على فتح الأبواب اللبنانية عن مخارج وتسويات، فالواقع يشير الى أن الحل النهائي للوضع اللبناني لا يزال بعيداً".