عناصر من داعش في أحد سجون الحسكة السورية (أرشيف)
عناصر من داعش في أحد سجون الحسكة السورية (أرشيف)
الإثنين 24 يناير 2022 / 16:12

السجون... طريق داعش في الشرق الأوسط للعودة من جديد

يسلط هجوم تنظيم داعش الإرهابي منذ أيام على سجن خاضع لسيطرة القوات الكردية في شمال شرق سوريا، الضوء على هشاشة السجون المكتظة التي يصعب تأمينها رغم أنها مرتع للمتطرفين، فيما بات التحالف الدولي الذي حاربهم من مخلفات الماضي.

وشن أكثر من 10 من مقاتلي التنظيم الإرهابي، مساء الخميس هجوماً على سجن غويران الذي تسيطر عليه القوات الكردية في محافظة الحسكة فنجح عدد غير معروف من السجناء في الفرار منه، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لكن وكالة الدعاية للتنظيم تحدثت عن 800 عنصر.

ومثل هذا التهديد معروف منذ زمن طويل، وعملت قوات سوريا الديموقراطية التي تضم بشكل خاص مقاتلين أكراداً "على نحو جيد" في السنوات الأخيرة لتأمين هذه السجون، كما قال سلمان شيخ، مؤسس مجموعة شيخ المتخصصة في حل النزاعات في الشرق الأوسط، وأضاف "لكنهم حذروا منذ فترة من أنهم لا يستطيعون الاستمرار في ذلك لفترة طويلة".

وحتى مساء أمس الأحد، قُتل 45 عنصراً من قوات سوريا الديموقراطية، والقوات الكردية، وحراس السجن، في الهجوم الذي أعقبته معارك و لايزال مستمراً اليوم الإثنين وفق المرصد، وليس هناك ما يشير إلى أن هذه القوات ستكون أفضل تسليحاً في المستقبل.

وقال كولن كلارك مدير البحث في مركز صوفان في نيويورك: "تحتاج قوات سوريا الديموقراطية إلى استراتيجية للتعامل مع هذا التهديد، حتى الآن، كانت الاستراتيجية التي اتبعها الغرب تقوم على التهرب من مواجهة الأمر، أين المساعدات؟".

ولم تتضح بعد الملابسات الدقيقة لما حدث، وهل كان نتيجة عمل نسقته قيادة تنظيم داعش، أم نتيجة مبادرة من خلية محلية للتنظيم؟.

وقال جيروم دريفون المحلل في مجموعة الأزمات إن "تنظيم داعش ليس في الوضع نفسه الذي كان عليه عندما سيطر على منطقة واسعة ويتخذ قراراته بطريقة هرمية"، وأضاف أن "العملية نُفِّذت إما لإرسال إشارة على عودة التنظيم، أو قد تكون ذات بعد محلي ونفذتها خلية تريد إطلاق سراح عناصر من هذا السجن بالتحديد".

إزالة الحواجز
وعلى أي حال، يمكن للحادث أن يتكرر، إذ يتفق المحللون والمسؤولون العسكريون والسلطات المدنية منذ سقوط التنظيم، على الاعتراف بأن السجون أرض خصبة لتفريخ الإرهابيين، لأنها تؤوي عناصر محليين ومقاتلين أجانب.

وباحتجازهم معاً، يتواصلون فيما بينهم ويخططون للتحرك بمجرد مغادرتهم السجن وتدريب الأجيال الشابة على القتال ويستعدون لمعارك مقبلة.

وقال كولن كلارك، مشيراً إلى خطاب ألقاه زعيم داعش في 2012 أبو بكر البغدادي "سيعود التنظيم إلى هذا التكتيك، ببساطة لأنه ناجح، سيعملون من جديد على هدم الجدران"، وقال البغدادي ذلك قبل أن يسيطر التنظيم تدريجياً على مساحات شاسعة من العراق وسوريا ويعلن "الخلافة" التي استمرت 5 أعوام بين 2014و2019.

وهي قراءة تحققت بالهجمات والاعتداءات التي نفذها التنظيم حول العالم، وفق ما رصدت شركة جهاد اناليتكس Jihad Analytics المتخصصة في تحليل الأنشطة المتطرفة على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني.

وقال مؤسس الشركة داميان فيريه "منذ 2013، نفذت الجماعة 22 هجوماً على سجون في العراق، وأفغانستان، والفلبين، والكونغو الديموقراطية، وليبيا، والنيجر، والسعودية، وطاجيكستان ومن ثم سوريا".

وأضاف "رغم تكتم التنظيم المتطرف نسبياً في الأشهر الماضية، تُظهر هذه العملية أنه لا تزال لديه القدرة على تنفيذ هجمات كبرى، وأن إطلاق سراح عشرات السجناء، بما في ذلك بعض القياديين، سيسمح له بتعزيز صفوفه".

وفي تصريحات رسمية، يقر الأمريكيون والأوروبيون والعرب بأن القتال ضد داعش، وسائر التنظيمات المتطرفة بشكل عام، لم ينته بعد، كما يتضح من نشاط العديد من فروعه وفروع تنظيم القاعدة المنافس،  ولكن هذه التصريحات لا تخفي انعدام أي عمل ملموس على الأرض، إذ عبر سلمان شيخ عن أسفه في هذا الصدد على "غياب وضوح الأمريكيين والمجتمع الدولي في ما يتعلق بأهدافهم".

وقال إن "الهجوم على سجن غويران في الحسكة يعكس هشاشة المنطقة"، وأضاف أن التعاون الدولي والإقليمي والمحلي يجب أن يعطى الأولوية لدعم جهود الإصلاح المبذولة في شمال شرق سوريا، وشدد على أن المكونات المختلفة التي تسيطر على المنطقة المتمتعة بحكم شبه ذاتي في شمال شرق سوريا، تحتاج إلى اعتراف دولي بها وإلى مساعدات مالية.