الحريري..سياسي جريء يعتزل احتجاجاً على النفوذ الإيراني

قرار الحريري لم يكن وليد اللحظة، إذ أرسل رئيس الوزراء الأسبق بإشارات عديدة سابقاً أكد فيها رغبته باعتزال السياسة، مفصحاً عن نيته بعدم الترشح للانتخابات المقبلة بسبب الآثار الكارثية التي حلّت بالوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، جراء السياسات التي اتبعها العهد الحالي وحليفه حزب الله، وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي.

وقال الحريري في كلمة بثها التلفزيون اليوم، "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني".

ورث الحريري (51 عاماً) العباءة السياسية من والده رفيق الحريري بعد اغتياله عام 2005 ليصبح أبرز مسلم سني في السياسة اللبنانية التي تقوم على نظام المحاصصة الطائفية. 

عُرفت السنوات الأولى من حياته السياسية بتحالفه الوثيق مع السعودية والمواجهة مع حلفاء سوريا وإيران في لبنان وأبرزهم ميليشيا "حزب الله" التي تملك ترسانة ضخمة من الأسلحة.

14 آذار
قاد الحريري تحالف سياسيين لبنانيين مدعوم من الغرب عرف باسم "قوى 14 آذار". تحول التوتر إلى نزاع مسلح قصير في عام 2008 سيطر حزب الله خلاله على العاصمة بيروت.

وشكّل الحريري أول حكومة ائتلافية في عام 2009 بعد فوزه مع قوى 14 آذار بأغلبية المقاعد البرلمانية، لكن أُطيح بحكومته في أوائل عام 2011 عندما استقال وزراء حزب الله وحلفائه بسبب التوتر المرتبط بمحكمة الحريري. في السنوات التالية بقي الحريري خارج لبنان لفترة طويلة لأسباب أمنية. وفي عام 2020 أدانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة عضواً في ميليشيا حزب الله بالتآمر لقتل رفيق الحريري.

شلل حكومي
ومع تصاعد الحرب في سوريا أصيبت الحكومة اللبنانية بالشلل بسبب التوتر المرتبط بالصراع. وصدرت تصريحات عدة للحريري ضد دور حزب الله في القتال دعماً للرئيس بشار الأسد. وبسبب الجمود السياسي أصبح موقع الرئاسة شاغراً بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في عام 2014. وبعد أن قاد المعارضة لترسانة حزب الله لسنوات، كان ينظر إلى الحريري على نطاق واسع بأنه وضع هذه القضية جانباً عندما بدأ بنسج تفاهمات سياسية مع حزب الله وحلفائه.

نتج عن ذلك صفقة في عام 2016 قادت السياسي المسيحي المتحالف مع حزب الله ميشال عون إلى سدة الرئاسة بينما أصبح الحريري رئيساً للوزراء للمرة الثانية.

معارضة 
استمر الحريري في معارضة ترسانة حزب الله، لكنه قال إنها شأن إقليمي أكبر من لبنان وقال إن التركيز يجب أن ينصب على المشاكل الاقتصادية المتنامية في البلاد. واتهم منتقدون مناهضون لحزب الله الحريري بتقديم تنازلات للميليشيا الإيرانية والتخلي عن المبادئ الأصلية لقوى "14 آذار".

في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 كُلف سعد الحريري بتشكيل حكومة لبنانية إثر استقالة حكومة حسان دياب في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) 2020. لكن محاولات الحريري لتأليف حكومة تخدم مصالح لبنان باءت بالفشل، وأعلن في يوليو (تموز) الماضي وبعد 9 أشهر من المحاولات اعتذاره عن التأليف بسبب خلافات مستعصية مع الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل.