سعد الحريري (أرشيف)
سعد الحريري (أرشيف)
الإثنين 24 يناير 2022 / 22:10

حقبة جديدة في لبنان.. سعد الحريري خارج أروقة السياسة

لم تكن الحياة السياسية التي عاشها سعد الحريري منذ اغتيال والده رفيق الحريري بانفجار ضخم في بيروت عام 2005 على "طبق من ذهب"، فالرجل وصل لقيادة جمهور والده بظل نهر من الدماء يحيطه من كل النواحي، أبرزها حملة اغتيالات لسياسيين مقربين من قوى "14 آذار"، التي قادها، وعاش مع قتلاها كل مرة مأساة مقتل والده.

أعوام صعبة مرّت على الحريري والشعب اللبناني، جرب مواجهة "حزب الله" صاحب العبوات الناسفة، فشاهد مقتل رفاقه، صمت فزادت الميليشيات من اغتيالاتها، فهادنها ليتوقف نهر الدماء، ولكن عمليات الاغتيال السياسي استمرت وأدت في النهاية مع أسباب أخرى إلى خروجه من الحياة السياسية اللبنانية.

طوال هذه الأعوام المرّة كما يصفها مقربون لسعد الحريري، لم تنقصه الشجاعة في المواجهة، وبينما كان محيطون به يزيدون أرقامهم الخيالية في المصارف، عبر عمليات الفساد والاستفادة من دورهم بالسلطة، كان هو يخسر ثروته الشخصية غير قادر حتى على تمويل مشاريع كثيرة يحمي بها جمهوره، بظل الصراع بمواجهة حزب الله وسلاحه.

عام 2008 أراد أن يوقف سلاح حزب الله عن التمدد لأنه أدرك مدى التدمير الذي يلحقه بلبنان والمنطقة، فاحتلت الميليشيات العاصمة بيروت، ولم تجد من يردها عن الاعتداء على الناس، وقتل العشرات من المدنيين في السابع من مايو (أيار).

اليوم، وبعد انتظار، أكد الحريري تعليق مشاركته في الحياة السياسية وعدم مشاركة تيار المستقبل في الانتخابات النيابية ترشيحاً. ببعض الدموع، قال إنه يفعل ذلك "من باب تحمّل المسؤولية، ولأنني مقتنع أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".

وشدّد الحريري في مؤتمر صحافي على البقاء "بخدمة أهلنا وشعبنا ووطننا، لكن قرارنا هو تعليق أي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة بمعناها التقليدي". وأضاف أنّ "ما لا يمكنني تحمّله هو أن يكون عدد من اللبنانيين الذين لا أرى من موجب لبقائي سوى خدمتهم، باتوا يعتبرونني أحد أركان السلطة التي تسببت بالكارثة والمانعة لأي تمثيل جديد ينتج حلولاً".

وتأتي خطوة الحريري بظل توتر إقليمي وانهيار اقتصادي، دفع الدول العربية إلى محاولة تحييد لبنان، رغم مشاركة حزب الله بحرب اليمن وتأبيد دور الميليشيات في العراق وحربه على الشعب السوري، وتهريبه للمخدرات.

وكشفت مصادر في بيروت لموقع "24" مضمون مقترحات بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج التي حملها وزير الخارجية الكويتي. والتي تضمنت الدعوة لالتزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات شاملة، ولاسيما في قطاعات الطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. وتطبيق اتفاق الطائف والقرارات العربية والأممية.

وضمان ألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية أو مصدراً لترويج المخدرات. وحصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز دور الجيش في الحفاظ على الأمن. بالإضافة إلى وقف العدوان اللفظي والعملي ضد دول الخليج واحترام سياسة النأي بالنفس.

وبحسب المصادر، فإن الرئيس ميشال عون، المتحالف مع حزب الله، رحب بأي تحرك من شأنه تحسين العلاقات مع محيطه العربي، ولكنه تحفظ على البند الخامس من المبادرة الخاص بتطبيق القرار الدولي 1559 الداعي لتسليم سلاح الميليشيات.

البعض في الشارع اللبناني يصف خطوة الحريري اليوم بأنها فتح للباب أمام الشبان للمشاركة بالانتخابات، ولكن آخرين يرون فيها رفعا للغطاء السياسي الذي كان يؤمنه وجود الحريري في الحكم للميليشيات والفساد، يقولون إنها خطوة شجاعة بالذهاب إلى النهاية.