حوثيون في صنعاء اليمنية (أرشيف)
حوثيون في صنعاء اليمنية (أرشيف)
الثلاثاء 25 يناير 2022 / 11:19

الأمم المتحدة والشرعية اليمنية

د. أحمد يوسف أحمد - الاتحاد

ذكر الأمين العام للأمم المتحدة يوم السبت الماضي أن ما يحتاجه الملف اليمني هو وقف لإطلاق النار وفتح موانئ ومطارات البلاد والبدء في حوار.

ودعا يوم الأربعاء الماضي جميع أطراف الأزمة لممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومنع المزيد من التصعيد، معرباً عن قلقه وأسفه بعد الضربات الجوية الأخيرة، كما صرح المتحدث باسمه بأن الأمين العام يُذَكر جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والالتزام بمبادئ التناسب والتمييز والحيطة. وأضاف أن الأمين العام يعيد التأكيد على حث الأطراف على الانخراط البنّاء دون شروط مسبقة مع مبعوثه الخاص لليمن وجهود الوساطة التي يبذلها بهدف الوصول إلى تسوية تفاوضية شاملة لإنهاء الصراع في اليمن.

وفي محاولة لتحليل هذه المواقف وجدتُ بسهولة أن الخيط الناظم فيما بينها هو غياب الحديث عن الشرعية اليمنية. فقد تحولت الشرعية إلى "طرف" من أطراف الصراع يُعامل على قدم المساواة مع الطرف الذي انقلب عليها وضرب عرض الحائط بمخرجات مؤتمر الحوار اليمني الذي انعقد تنفيذاً للمبادرة الخليجية، وتوصل إلى حلول لكافة المعضلات اليمنية بدءاً بمشكلة الجنوب ومروراً بقضية الحوثيين وانتهاءً بكل ما يتعلق ببناء الدولة اليمنية الجديدة.

وقد مُثل الحوثيون في هذا المؤتمر بحوالي 6% من المؤتمرين. ومع ذلك، وفي اللحظة التي اكتمل فيها مشروع الدستور الجديد الذي أعدته لجنة بتكليف من المؤتمر، انقلب الحوثيون على العملية الديمقراطية برمتها في سبتمبر 2014 واستولوا على صنعاء، واحتجزوا الرئيس اليمني الشرعي، وعندما تمكن من الوصول إلى عدن حاولوا السيطرة على كامل أقاليم اليمن، فناشد الرئيسُ دولَ مجلس التعاون الخليجي أن تهبّ لنجدة اليمن، وهو ما تم اعتباراً من مارس 2015 من خلال عاصفة الحزم، ثم من خلال التحالف العربي.

وتأكيداً لشرعية العملية العسكرية، عرض التحالف المسألةَ على القمة العربية التي عُقِدَت بعد أيام من بدء العمليات فأعطتها القمةُ الشرعيةَ، وتكرر الأمر في مجلس الأمن الذي أصدر قراره 2216 في أبريل بالانتصار المطلق للشرعية، حيث فرض عقوبات على قادة الانقلاب، وطالبَهم بالكف عن استخدام العنف وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، ودعا جميع الأطراف للالتزام بالمبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واتخاذ كافة التدابير لمنع وصول الأسلحة للانقلابيين، وأباح تفتيش السفن التي يُشتبه في أنها تنقل أصنافاً تدخل ضمن الحظر المفروض.

غير أن استيلاء الحوثيين على أسلحة الجيش اليمني والدعم الخارجي لهم، فضلاً عن احتمائهم بالمناطق كثيفة السكان، صعب من القضاء على الانقلاب من دون تكلفة بشرية باهظة، فطال أمد الصراع لحوالي7 سنوات حتى الآن، ولوحظ أن المنظمة الدولية، سواء ممثلة في الأمين العام أو مبعوثه أو مجلس الأمن، قد أخذوا يتعاملون مع صاحب الشرعية ومغتصبها على قدم المساواة، ويتحدثون عن "أطراف للصراع" دون أدنى إشارة للانقلاب على مخرجات الحوار الوطني التي عبرت عن إرادة الشعب اليمني. وظهر هذا في كافة جولات الصراع وجهود التسوية وآخرها اتفاقية ستوكهولم.

وهكذا نجد مطالبةَ "الجميع" بضبط النفس ووقف العنف، دون أدنى تمييز.. ومن أسف أن هذه المواقف تحمل رسالة خاطئة لمغتصبي الحقوق، ولا تترك مجالاً لأصحاب الحق.