المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روبرت مالي (أرشيف)
المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روبرت مالي (أرشيف)
الأربعاء 26 يناير 2022 / 09:57

"الحاج" روبرت مالي

طارق الحميد - الشرق الأوسط

نقلت وكالة رويترز عن كبير المفاوضين النوويين الأمريكيين المبعوث الخاص بإيران، روبرت مالي، قوله إنه من غير المرجح أن تتوصل بلاده لاتفاق مع إيران في فيينا، ما لم تُفرج طهران عن أربعة مواطنين أمريكيين تحتجزهم رهائن.

ويقول مالي في مقابلة مع رويترز: "إنهما قضيتان منفصلتان، ونحن نتابع كلتيهما، لكني أقول إنه من الصعب للغاية بالنسبة لنا أن نتخيل العودة إلى الاتفاق النووي، بينما تحتجز إيران أربعة أمريكيين أبرياء»!

حسناً، هل نحن إزاء تصريح سياسي عقلاني، أم تصريح مستفز لمنطقتنا بأكملها؟ صحيح أن المبعوث الأمريكي يراعي مصالح بلاده، ولو أحسنا الظن لقلنا إنها قصة إنسانية، لكن ماذا عن منطقة بأكملها تعاني من الإرهاب الإيراني؟

في واشنطن يطلق على روبرت مالي "الحاج" مالي، ولا يمكن إلا الإقرار بذلك، فهل يُعقل أن يتحدث "الحاج" مالي عن أربعة أسرى ويتجاهل أربع عواصم عربية دُمرت بسبب إيران؟

هل يُعقل أن يتحدث "الحاج" مالي عن أربعة أسرى وصنعاء، وبيروت، ودمشق تحت سيطرة الميلشيات الإيرانية، بينما بغداد تقاتل من أجل كسر الطوق الإيراني، وميلشيات طهران؟

هل يُعقل أن يتحدث "الحاج" مالي عن أنه لا يمكن إتمام اتفاق نووي مع إيران بسبب أربعة أسرى بينما الصواريخ الباليستية الإيرانية، والمسيرات، تهدد أمن السعودية، والإمارات، والعراق، وأكثر؟

أمر لا يصدق، ولا يمكن تفسيره سياسياً إلا بالعجز والفشل، ولن أقول الرغبة بالاستفزاز، لكنه استهتار بكل معنى الكلمة. وقد يقول قائل إن "الحاج" مالي مسؤول عن خدمة المصالح الأمريكية. وهذا صحيح، لكن أمن المنطقة من ضمن المصالح الأمريكية. وأبسط مثال استهداف الحوثيين لقاعدة الظفرة أبوظبي وفيها قرابة ألفي جندي أمريكي.

ونهج المفاوضات الأمريكية الإيرانية على الملف النووي في فيينا لا يخدم حتى مصالح واشنطن، ولا يحظى بتأييد ليس كل الأمريكيين، بل لا يحظى حتى بتأييد جميع أفراد الفريق التفاوضي الأمريكي هناك.

ومؤخراً كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن خلافات بين الفريق التفاوضي الأمريكي في فيينا نتج عنها ترك عضو كبير بفريق التفاوض مع إيران منصبه، وهو ريتشارد نيفيو، نائب المبعوث الأمريكي الخاص بإيران.

وعليه فإن الاعتراض على النهج الأمريكي في فيينا، وتحديداً نهج "الحاج" مالي، جاء من نائب المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، وليس أحداً آخر!

ولذا فإن الفشل الأمريكي في التعامل مع إيران ليس مسألة وجهة نظر، وإنما الخطر فيه هو أنه يفتح باب التسلح النووي على مصراعيه في المنطقة، ويهدد الأمن البحري، وأمن واستقرار كل دول المنطقة.

الفشل في التعامل مع إيران يهدد بانهيار المشروع العراقي لبناء دولة قانون، ويهدد بانهيار لبنان، وتلاشي ما بقي من سوريا، وإحراق اليمن، ما يعني إشعال فتيل حروب طائفية ستكون كارثية على المنطقة وأوروبا من ناحية اللاجئين، وأكثر.

هذا عدا عن تهديد أمن واستقرار دول مهمة لاستقرار المنطقة، وتحديداً السعودية، والإمارات، ولا مصلحة لأحد في أن تخوض الرياض، وأبوظبي حروباً ستؤثر على المنطقة كافة، والاقتصاد الدولي.

تصريح "الحاج" مالي مستفز، ولا ينمّ عن رؤية سياسية يمكن الثقة فيها إطلاقاً.