الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.(أرشيف)
الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.(أرشيف)
الثلاثاء 22 فبراير 2022 / 12:04

زيلينسكي الكوميدي الذي صار رئيساً غارقاً حتى أذنيه

رأت الصحافية الأوكرانية ومحررة "كييف إندبندنت" أولغا رودينكو، أنه ليس صعباً معرفة ما يشتاق إليه الرئيس فولوديمير زيلنسكي الآن: "يوم عادي"، معتبرة أن الكوميدي الذي أصبح رئيساً لم يكن يتخيّل أن تكون الوظيفة بهذا الضغط، ووجد نفسه أولاً منخرطاً في محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم واجه وباء كوفيد-19 والآن غزواً روسياً شاملاً.

تصرف زيلنسكي المتناقض إلى حد التقلب يخفي وراءه الحقيقة، فهو لا يملك خيارات جيدة

فمع أن روسيا تشن حرباً على شرقي أوكرانيا منذ عام 2014، بات التهديد شاملاً الآن: حوالي 190 ألف جندي روسي تم حشدهم قرب الحدود الأوكرانية وفي مناطق الانفصاليين. الغزو سيجلب دماراً وكارثة، ويمكن أن يحصل في أي وقت. وهو وضع خطير.

غير مجرّب
ويقول المعارضون لزيلنسكي إنه غير مجرب ولن تأتي منه إلا المصائب. ويذهب البعض إلى الادعاء بأنه سيبيع كل البلاد إلى روسيا، ورأى آخرون أنه دمية بيد أصحاب المصالح والأوليغارش.

وتتابع الصحافية: "زيلنسكي الكوميدي طوال حياته غارق حتى أذنيه"، فعندما تولى السلطة في عام 2019 محولاً شهرته التلفزيونية إلى مسيرة سياسية لم يكن أحد لديه فكرة عما يتوقع منه.

ويقول المعارضون له إنه غير مجرب ولن تأتي منه إلا المصائب. أما المدافعون عنه فقالوا إنه سيتخلى عن عاداته القديمة وينهي الفساد.

ولكن رودينكو تقول إن الحقيقة هي أكثر ابتذالاً. فقد تم كشف القناع عن زيلنسكي رجل الاستعراض. وبدا واضحاً بعد 3 أعوام في السلطة أن مشكلة زيلنسكي هي التعامل مع كل شيء كجزء من استعرض. فاللفتات بالنسبة إليه مهمة أكثر من التداعيات. ويتم التضحية بالأهداف الإستراتيجية من أجل منافع قصيرة الأمد. وما يستخدمه من كلمات لا تهم، طالما كانت ترفه عن الناس. وعندما تكون المواقف والمراجعات في الإعلام سيئة يتوقف عن الاستماع ويحيط نفسه بالمشجعين.

سلطة أكبر من أسلافه
في المرحلة الأولى من حكمه كانت لديه سلطة أكثر من أسلافه. فشهرته كمعارض للمؤسسة أعطته الغالبية البرلمانية وحكومة اختارها بنفسه ولديها تفويض للقيام بإصلاحات. وبدت خطواته في البداية ناجحة، وفتحت حكومته سوق المزارعين ووسعت من الخدمات الرقمية في كل أنحاء البلاد. وبدأ بعمليات تعبيد طرق ضخمة وأعلن أنه يريد أن يتذكره الأوكرانيون بالرئيس الذي بنى لهم طرقاً جيدة.

ولكن الصحافية تقول إن النجاح توقف عند هذا الحد. فمشاريع زيلنسكي الأخرى التي سميت "التخلص من الأوليغارش" والتي تهدف للحد من تأثير الأثرياء بدت وكأنها حملة علاقات عامة أكثر من كونها سياسة جادة.

الفساد
ورغم تعهداته الانتخابية بمكافحة الفساد، إلا أن تقارير منظمة الشفافية الدولية تضع أوكرانيا في المرتبة الثالثة لأكثر الدول فساداً في أوروبا، بعد روسيا وأذربيجان.

ولا يبدو أن الفساد يقلق زيلنسكي كثيراً، وخاصة عندما يكون الذين ثبت تورطهم من المقربين له. وفي آذار(مارس) 2020 عندما تم الكشف عن تورط شقيق رئيس طاقمه وهو يعرض المناصب مقابل المال، لم يحرك زيلنسكي ساكناً.

وحتى شوارع الرئيس الجميلة غارقة في السجال. فعملية الشراء تعرضت للتزوير والكلفة عالية جداً. وأدت الفضائح والتسامح مع الفساد إلى تراجع شعبية الرئيس. ويريد 62% من الأوكرانيين منه عدم الترشح مرة أخرى. ولو أجريت الانتخابات اليوم فلن يحصل إلا على 25% من الأصوات وأقل من 30% التي ربحها في الجولة الأولى عام 2019. ويمكنه الفوز لكن النسبة التاريخية التي حصل عليها في الجولة الثانية 73% تبدو ذكرى بعيدة.

أسلوب استعراضي
وفي الوقت الذي تبنى فيه الغرب دبلوماسية الميكرفون لمنع الغزو، حاول زيلنسكي التقليل من التهديد. وقاد جهوداً لتهدئة الوضع وتحقيق الاستقرار للأسواق المضطربة، لكن النبرة أضعفت بسبب أسلوبه الاستعراضي.

وتخلص الصحافية إلى انه ليس مستغرباً اعتقاد 52% من سكان أوكرانيا أن زيلنسكي لن يكون قادراً على الدفاع عن البلاد بحالة الغزو. لكن تصرف زيلنسكي المتناقض إلى حد التقلب يخفي وراءه الحقيقة، فهو لا يملك خيارات جيدة. فمن ناحية، يعني أي تنازل للروس وبخاصة في مناطق الشرق خروج مئات الآلاف إلى الشوارع، بشكل يهدد بمصير كذلك الذي عانى منه فيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الذي أطاحت به ثورة عام 2014. ومن جهة اخرى فأي تحرك حاسم ضد الروس يعني منحهم المبرر لغزو قاتل. والعرض يجب أن يستمر بالطبع، والأزمة مستمرة ولكن أداء الرئيس المتوتر المرتبك وغير المناسب دائماً لا يساعد.