الجمعة 25 فبراير 2022 / 11:46

كيف شجع بايدن بوتين على غزو أوكرانيا؟

رأى الزميل المتميز في مركز العظمة الأمريكية فيكتور ديفيس هانسون أنه يمكن التنبؤ بسلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حد ما، وهو الذي يواجه معضلة منذ عقدين، استعادة مكانة وقوة الاتحاد السوفياتي لكن عبر 75% فقط من أراضيه السابقة، وعبر 140 مليون نسمة أقل من تعداد سكانه حينها. لكن متى يشن بوتين ضربته؟

يدرك الأمريكيون أن ضخ الكثير من النفط وخفض أسعاره سيجعلان بوتين قلقاً من الإفلاس، بدل الاجتياح

وفق هانسون، يتحرك بوتين ضد الجمهوريات السوفياتية السابقة حين يكون سعر برميل النفط مرتفعاً وخزائن روسيا ممتلئة، تحرك بوتين ضد جورجيا في 2008، وشرق أوكرانيا والقرم في 2014، حين اعتقد أن لديه المال والدعم الشعبي. لكن حين يكون هنالك فائض في إنتاج النفط وانخفاض في الأسعار وهيمنة أمريكية على إنتاج الغاز والنفط، يتردد بوتين، ولم يتحرك بين 2017 و2020.

بوتين أوباما وترامب

حين تزيد الولايات المتحدة إنفاقها الدفاعي، وتردع أعداءها، يتوقف بوتين أيضاً. على نقيض ذلك، حين تعيد أمريكا "ضبط علاقاتها" أو تعتمد سياسة الاسترضاء، يشعر بالجرأة.

في 2008، عانت الولايات المتحدة من ارتفاع حاد في أسعار النفط، وتورطت في مستنقعي العراق وأفغانستان، وبين 2009 و 2016، ذهب أوباما في جولة اعتذار، وخفض الإنفاق الدفاعي الأمريكي وتباهى بإعادة ضبط العلاقات مع روسيا.

وتساهل أوباما مع العدوانية الإيرانية والكورية الشمالية وتوسل بوتين ليتصرف بهدوء ريثما يعاد انتخابه في 2012، مقابل تفكيك برامج الدفاع الصاروخية في شرق أوروبا.

بعدها، دعا أوباما روسيا إلى الشرق الأوسط بعد أربعين عاماً من الغياب. ونتيجة لذلك اجتاح بوتين جورجيا، وشرق أوكرانيا، والقرم، لكن بين 2017 و 2020. كان بوتين أهدأ.

في 2018، قتلت إدارة ترامب مرتزقة روس في سوريا. وانسحبت من اتفاق صاروخي غير مؤات مع روسيا في 2019. باعت الإدارة أسلحة هجومية إلى أوكرانيا، واحتفظت بعقوبات على أوليغارشيين روس. وزادت الإنفاق الدفاعي إلى حد كبير، فلم يكن مفاجئاً عندها أن بوتين لم يهدد جيرانه بحشود عسكرية على حدودهم.

المبدأ الثالث
حين يكون ناتو في فوضى، يصبح بوتين عدوانياً أيضاً. بدأ الناتو والولايات المتحدة يختلفان على العراق وأفغانستان بين 2006 و2008. وبحلول 2009-2010، كانت إدارة أوباما تتذمر من رفض الدول الأطلسية الالتزام برفع نسبة إنفاقها الدفاعي إلى 2% من ناتجها القومي.

وأصبحت ألمانيا وتركيا أكثر مناهضة للولايات المتحدة. على النقيض من ذلك، في 2020، نجح ترامب غير الشعبي وصاحب الكلام القاسي في الضغط على تحالف مشاكس ليستثمر 100 مليار دولار إضافية في الإنفاق الدفاعي.

فرض ترامب عقوبات على مشروع نورد ستريم 2 الذي وقعه بوتين وميركل. ومجدداً، لم يتحرك بوتين في معظم الوقت.

قاتل ومتنمر
حين يهين رئيس أمريكي خصومه، يبرهن أنه ضعيف، يفقد بوتين هدوء أعصابه أمام مثل هذه اللغة الفارغة ويصبح عدوانياً. كرر أوباما السخرية من بوتين وقال عن الشعب والدولة في روسيا: "اقتصادهم لا ينتج شيئاً يريد أحد شراءه، باستثناء النفط والغاز والسلاح. هم لا يبتكرون".

مع ذلك، كان أوباما خائفاً حتى من بيع أسلحة دفاعية إلى أوكرانيا لتواجه الاعتداء الروسي وناشد بوتين ليعطيه "مساحة".

بشكل مشابه، ينتقد بايدن بوتين على صعيد شخصي، ناعتاً إياه بـ"المتنمر" و"القاتل". لكن حين سمح بوتين لقراصنة روس بمهاجمة شركات ووكالات أمريكية، حثه بايدن على أن يطلب فضلاً من القراصنة بألا يهاجموا 16 "كياناً" أمريكياً جوهرياً.

وحين خفض بايدن إنتاج النفط والغاز ارتفعت الأسعار بشكل هائل، فتوسل بايدن الرئيس "القاتل" ليضخ المزيد من الوقود "القذر" لمساعدة الأمريكيين.

في المقابل، أعرب ترامب عن استعداده الحذر للعمل مع بوتين، خاصةً على المستوى الواقعي لمواجهة الصين. لكن ذلك الحديث الديبلوماسي والمضبوط، اقترن بردع قاس.

لم يدرك بوتين قط ما الذي سيفعله ترامب في أي أزمة، باستثناء أن تصرفاته ستكون غير قابلة للتنبؤ بها، وربما تكون قاتلة. ومجدداً، كانت النتيجة أن بوتين لم يحشد قواته بين 2017 و2020.

تحويل قلق بوتين
من خلال سياسة بوتين الخارجية الانتهازية حسب وصف الكاتب، يدرك الأمريكيون أن ضخ الكثير من النفط وخفض أسعاره سيجعلان بوتين قلقاً من الإفلاس، بدل الاجتياح.

حين تسترضي الولايات المتحدة بوتين وتعاني من الخلافات الداخلية والاضطرابات الاجتماعية، ينقض بوتين. إن حث الناتو على تعزيز دفاعاته وألمانيا على وقف إثراء بوتين سيدفع روسيا إلى الحذر بدل  إبداء عدوانية متهورة. الحديث بهدوء مع التلويح العصا، عوض الصراخ مع رفع غصن، يقنع بوتين بعلعدول الإقدام على الخطر.

انتهاك المبادئ الأربعة
وتابع هانسون أنه إذا اعتنقت أمريكا الاستراتيجيات الأربع، فمن غير المرجح أن يهاجم بوتين أحداً. إذا اعتمدت الولايات المتحدة واحداً أو اثنين من هذه البروتوكولات، فقد لا يتحرك أيضاً. أما إذا تجاهلت الاستراتيجيات التي أثبت الزمن جدواها، يمكن عندها التأكد من تحرك بوتين ضد جمهورية سوفياتية سابقة أو غزوها بالفعل، وحسب الكاتب، فإن ما يحصل اليوم غير مفاجئ، بما أن بايدن تمكن من انتهاك جميع المبادئ الأربعة.