صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الجمعة 20 مايو 2022 / 10:17

صحف عربية: لبنان يخشى "انتقام" حزب الله

بعد أن أجريت الانتخابات اللبنانية والتي جاءت بنتائج فاجأت الجميع وربما انتزعت أنياب الإئتلاف الحاكم (حزب الله والتيار الوطني الحر)، أصبح لبنان الآن في مرحلة حرجة ما قبل عاصفة انتخاب رئيس مجلس النواب والذي سيعقبه تشكيل الحكومة الجديدة.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، هل سيدعم المجتمع الدولي المنشغل حالياً بالحرب الأوكرانية الروسية، الوضع في لبنان ويقف بجانب شعبه لمواجهة سلاح حزب الله بدل تركهم يخضعون لابتزازه وقدرته على فرض ما يريد.

مرحلة حرجة
وقال تقرير لصحيفة الرأي إن لبنان يبدو كأنه في استراحة "ما بين عاصفتين"، الانتخابات ونتائجها التي فاجأت الائتلاف الحاكم (حزب الله والتيار الوطني الحر)، وانتزعت أنياب أكثريته النيابية، والاستحقاقات الدستورية المرتبطة بإكمال دورة تداوُل السلطة التي يتعيّن أن تمرّ بانتخاب رئيسٍ لبرلمان 2022 ثم تشكيل حكومة جديدة.

وأوضحت الصحيفة أن الانكماش البارز في أرقام التيار الوطني الحر قابلتْه مسيحياً قفزةٌ كبيرة لحزب القوات اللبنانية التي حققت نحو 202 ألف صوت تفضيلي (بفارق نحو 70 ألفاً عن التيار الحر) وبزيادة أكثر من 40 ألف صوت عن 2018، وهو ما يفسّر القراءات التي رست على أن نتائج الانتخابات أعطت التفويض الشعبي مسيحياً للقوات وخياراتها على حساب تموْضعات التيار الوطني وتحالفه مع حزب الله.

وأشارت الصحيفة إلى أن جلسة انتخاب رئيس البرلمان تحوّلت الشغل الشاغل في لبنان المأخوذ هذه الأيام شعبياً بالأزمات التي استعادت "وهجها" الحارق، من الرغيف الذي بات شبه مفقود إلا في سوق سوداء تجاوز فيها سعر ربطة الخبز 30 ألف ليرة في ظل عدم إيجاد حل بعد لكيفية توفير دولارات استيراد القمح (بانتظار موافقة البرلمان على قرض البنك الدولي)، و"لهيب" دولار ما فوق 30 ألفاً، واشتعال أسعار المحروقات مجدداً، وكلها اختناقات تشي بأنها ستتوغّل أكثر في يومياتٍ عادت إليها التحركات الاحتجاجية.

كما أكدت صحيفة الرأي أن انتخاب بري في 2022 لن يكون نزهة على غرار المرات السابقة، إذ يرجّح أن تكون الأصوات التي يُتوقَّع أن ينالها هي الأقل منذ 1992 ويجري حشْدٌ دخل على خطه حزب الله لمحاولة ألا ينزلتفويض شريكه في الثنائية الشيعية، الذي لا منافس له على هذا المنصب (باعتبار أن النواب الشيعة الـ 27 انتُخبوا في كنف الثنائي)، عن النصف زائد واحد من النواب الـ 128 الذين يتألف منهم البرلمان. علماً أن نصاب التئام جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب هو 65، ويحتاج في الدورة الأولى إلى الأكثرية المطلقة من المقترعين وإلى الأكثرية النسبية في الدورة الثالثة وما فوق.

انتصار سُنة لبنان
فيما تناولت صحيفة "عكاظ" فكرة سرديّة الزعيم عند السُنّة منذ عام 2017، والتي كانت خوف إن أردنا تجنّب عبارة تواطؤ، فمواجهة حزب السلاح ومليشياته وفقاً لسرديّة الزعيم ستؤدّي إلى تهجير السُنّة في لبنان تماماً كما هُجّر سُنّة سوريا والعراق، فكان هذا الخوف الملتبس مع التواطؤ بوابة لتقديم التنازلات للحزب وحلفائه الصغير منهم والكبير، حتى قال جبران باسيل مرة كان يعطينا أكثر مما نطلب منه.

وبعد فشل سرديّة الخوف والتنازلات والمحاصصة، انتقل الزعيم إلى سرديّة المقاطعة للانتخابات النيابية، هي سرديّة تلامس التحالف مع حزب الله وحلفائه، وأنه بمواجهة سرديّة الزعيم كان لسُنّة لبنان بكافة تلوناتهم رجال دين، وجمعيات مدنية ومؤسسات، سرديّة مختلفة مؤكّدين أنهم لن يسلموا، ولن يستسلموا بل ذاهبون إلى صناديق الاقتراع وهكذا فعلوا.

وقالت الصحيفة "هُزم حلف المقاطعة وحزب الله، وأرست النتائج معادلة جديدة سُنّة لبنان حصلوا على حريتهم وحزب الله فقد الأكثرية في البرلمان. في مدينة صيدا عاصمة الجنوب، سقطت المقاطعة دون أي جدال، فانتصرت لائحة النائب أسامة سعد المشتبك مع حزب الله منذ ثورة 17 أكتوبر. فما حققه أسامة سعد وحلفاؤه في صيدا كان من الممكن أن ينقلب هزيمة شاملة لو نجحت المقاطعة التي كانت ستُمكّن حزب الله من اكتساح المدينة الجنوبية انتخابياً، كما اكتسحها عسكرياً عندما ورط الشيخ أحمد الأسير في الاشتباك مع الجيش اللبناني.

وأشارت إلى أن الناس في لبنان انتصرت، وتحديداً سُنّة لبنان، على الحلف الداعي للمقاطعة مع حزب الله، فالمقاطعة لم يكن هدفها تعرية الحزب بقدر ما كان هدفها تسليم الحواضن السنّية اللبنانية للحزب.

الرهان على نتائج الانتخابات
أما صحيفة "الشرق الأوسط" قالت إن الذين يراهنون على قدرة نتائج الانتخابات التي جرت في لبنان على تغيير المشهد السياسي، أو تحويل الطريق الذي يسير عليه البلد إلى خطٍّ آخر، جاءَ الجوابُ سريعاً من قادة "حزب الله" وأمينِه العام حسن نصر الله، من خلال ما عدّوها قراءة موضوعية لتلك النتائج.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك أربعة عناوين تحدد مشروع الحزب للمرحلة المقبلة، أو ما يمكن تسميتها «وصفة» لما بعد الانتخابات. ومعروف أنَّ الوصفات التي يقررها حزب الله للواقع اللبناني قليلاً ما تخطئ في إصابة هدفها حيث يتعلق العنوان الأول بسلاح حزب الله وبالثلاثية التي يسميها ذهبية (الجيش والشعب والمقاومة) والتي تَمكَّن من فرضها في البيانات الوزارية لكل الحكومات التي شارك فيها. هذه القضية شكَّلت أساساً لحملة معارضي الحزب، الذين شملوا معظم الطوائف والأحزاب اللبنانية، باستثناء الطائفة الشيعية التي باتت قدرتها على مواجهة خطاب «حزب الله» وحركة أمل قدرة محدودة، للأسباب المعروفة.

وأكدت الصحيفة أن حزب الله استنتج من خلال نتائج الانتخابات أنَّها شكَّلت «شبكة أمان» للحزب ولسلاحه، بفضل الحشود التي قال إنها صوّتت لمرشحيه في مناطق نفوذه، خصوصاً في الجنوب والبقاع، والتي رأى، بمقياس أعداد المقترعين الذين تجاوزوا نصف مليون ناخب، أنهم يشكلون أكثرية شعبية إلى جانبه، وهذا يعني أنَّ حزب الله يرى أنَّ معارضيه فشلوا في هدفهم الأساسي من هذه المعركة، وهو استعادة سيادة الدولة ومنع وجود أي قوة مسلحة خارج سلاح القوى الشرعية.

وأشارت صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن هذه هي الصورة التي يقدمها حزب الله للبنانيين وللمعنيين بوضع لبنان حول نتائج الانتخابات الأخيرة: لم يتغير شيء. نحن هنا بجهوزيتنا وبسلاحنا. لسنا مهتمين بانتخاباتكم ولا تعنينا أكثريتكم. وإذا شئتم أن تستخدموا ديمقراطيتكم في وجهنا، سنعدّكم في صف العملاء، وستكون الحرب الأهلية سبيلنا لتصفية الحساب معكم.

وأكدت أنه يجب الاعتراف بأنَّ "حزب الله" على حق. إذ لا معنى للانتخابات في بلد يملك فيه أحد الأحزاب المشارِكة سلاحاً قادراً على فرض سطوته على العملية السياسية، إذا خرجت النتائج من الصناديق بغير ما يشتهي.

حماية الشعب اللبناني
فيما قال الكاتب خير الله خير الله "إنه على الرغم من نتائج الانتخابات، لا يمكن الاستخفاف بنقاط القوّة التي لا يزال يمتلكها الحزب، الذي ليس سوى لواء في الحرس الثوري الإيراني والذي يعترف أمينه العام حسن نصرالله بالصوت والصورة أنّ كلّ ما لدى الحزب مصدره الجمهوريّة الإسلاميّة وأنّه مجرّد جندي في جيش الوليّ الفقيه. من بين نقاط القوّة تمكنه من الاستحواذ على جميع النواب الشيعة الـ27".

وأوضح في مقاله بصحيفة "العرب" أن هذا يعني أنّه ليس مسموحاً وجود أي نائب شيعي على خلاف مع الحزب يتجرّأ على طرح موضوع سلاحه غير الشرعي الذي لا مهمّة حقيقية له سوى حماية الفساد وإخضاع اللبنانيين لمشيئة إيران مع ما يؤدي إليه ذلك من عزلة عربيّة للبنان. يدفع اللبنانيون غاليا ثمن هذه العزلة التي جعلت من بلدهم بلدا بائسا لا طموح لدى شعبه، خصوصا الشباب سوى الهجرة.

وأشار إلى أن حزب الله استطاع إخضاع المناطق الشيعية إخضاعاً شبه كامل، على الرغم من وجود أصوات من داخل الطائفة معارضة له. استطاعت هذه الأصوات إسقاط مرشح درزي وآخر أرثوذكسي من التابعين للحزب في إحدى دوائر الجنوب. وهذا إنجاز في حد ذاته.

وأكد خير الله أنه سيكون صعباً على حزب الله التعاطي مع مجلس للنواب لا سيطرة لديه عليه، خصوصا بعد وضعه أسسا جديدة للعمل السياسي، إن عبر ما كرّسه اتفاق الدوحة، أي ما يسمّى الثلث المعطّل، بعد غزوة بيروت والجبل في أيار – مايو 2008 أو عبر إيصال ميشال عون وصهره جبران باسيل إلى قصر بعبدا في 31 تشرين الأوّل – أكتوبر 2016.

وختم مقاله قائلاً "فاجأ اللبنانيون العالم. قالوا لا لسلاح حزب الله ولثقافة الموت التي يحاول فرضها على البلد. كيف سيتعامل الأميركيون والأوروبيون مع الأمل الذي ولد من رحم الانتخابات النيابيّة؟ يُفترض في المجتمع الدولي عدم إدارة ظهره للبنان مجدّدا. هناك شعب لبناني مستعد للمواجهة. هذا ما فعله أبناء حيّ عين الرمانة، المسيحي قرب بيروت، عندما تصدّوا للحزب العام الماضي. رفض هؤلاء بشكل مكشوف هيمنة الحزب والاحتلال الإيراني".