زعماء مجموعة السبع.(أرشيف)
زعماء مجموعة السبع.(أرشيف)
الجمعة 20 مايو 2022 / 10:54

وحدة الغرب تجاه روسيا لن تصمد طويلاً

توقع مدير عام "المجلس الروسي للشؤون الدولية" الدكتور أندريه كورتونوف ظهور انقسامات بين الغربيين على المدى الطويل بالرغم من أنهم يظهرون اتحاداً غير مسبوق في الوقت الحالي دعماً لأوكرانيا.

يدعو كورتونوف موسكو ألا تتوقع انقساماً عابراً للأطلسي في المستقبل القريب

 إن التوسيع الحالي للناتو عبر العمل على ضم فنلندا والسويد يشكل ربما أوضح مثال على التعزيز المستمر لجماعية الغرب. والتغيير في الوضع السياسي والعسكري-الاستراتيجي لدولتين أوروبيتين كانتا محايدتين لا يؤدي إلى قلب الوضع الجيوسياسي لشمال أوروبا رأساً على عقب وحسب، بل يقرب الناتو والاتحاد الأوروبي من بعضهما. يدفع هذا الأمر آفاق "الاستقلالية الاستراتيجية" للاتحاد الأوروبي إلى مستقبل غير مؤكد.

موجة لم تبدأ أمس
رأى كورتونوف أن الموجة الحالية من التوطيد الغربي بدأت منذ فترة طويلة ولم تنجم فقط عن دخول الصراع في أوكرانيا مرحلة حادة. بدأ المسار في الغرب بالعودة إلى مركز الثقل الأحادي الذي تمثله الولايات المتحدة منذ سنة ونصف على الأقل، مع الانتصار الرئاسي لجو بايدن، وهو مناصر ثابت للوحدة العابرة للأطلسي ولوحدة الديموقراطيات الليبيرالية.

علاوة على ذلك، وقبل فترة طويلة من بداية العملية العسكرية الخاصة، تم دفع النخب السياسية في الغرب نحو التقارب بفعل إدراكهم للتحدي الوجودي المتزايد الذي فرضته الصين. يجب رؤية التوسع الحالي للناتو على خلفية رموز الحقبة الجديدة، مثل تأسيس تحالف أوكوس الثلاثي السنة الماضية وإصرار الولايات المتحدة على مأسسة تحالف الكواد الرباعي أو القمة العالمية للديموقراطيات التي عقدت منذ أشهر قليلة.

فارق ثانوي بين بوش الابن وبايدن
أعطت أحداث 24 فبراير (شباط) توطيد العلاقات هذا دفعة جديدة وقوية. كان الغرب يستعد لسيناريو مشابه منذ فترة طويلة: من هنا، إن رد فعل قادته وأعماله وصناع النفوذ فيه على تحركات موسكو في 2022 كان أسرع وأكثر تنسيقاً مما كانت عليه في وضع مشابه سنة 2014. إن القرارات غير المتوقعة والمتسرعة التي اتخذتها هلسينكي وستوكهولم للتخلي عن حيادهما التقليدي لصالح الانضمام إلى الناتو تتساوى مع المظاهر الأخرى لتوحيد الغرب، وفقاً لكورتونوف. بشكل بديهي إن الولايات المتحدة هي أكثر المستفيدين من ذلك.

يشهد المراقبون محاولات ليست ناجحة تماماً لاستعادة العالم الأحادي القطبية في بداية القرن الواحد والعشرين. بطبيعة الحال، إن جو بايدن الفطن ليس جورج بوش الابن البسيط التفكير، مما يعني أن تأسيس نسخة جديدة من عالم أحادي القطبية مستمر بدقة طبية مع الامتثال لجميع شكليات التعددية وصناعة القرارات المرتبطة بالقضايا ذات الاهتمام المركزي بشكل جماعي. لكن ذلك لا يغير الموضوع: يتعلق الأمر باستعادة القيادة الأمريكية وإن كان ذلك بشكل أقل وضوحاً وبطريقة أقل استفزازاً.

احتمالات النجاح
أضاف الكاتب أن النجاح الطويل المدى لهذا الجهد المكثف من أجل استعادة نظام عالمي كهذا بعيد من أن يكون مضموناً. الولايات المتحدة كما الغرب عموماً لم يعودا قويين اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً كما كانا منذ عقدين. لقد تحول ميزان القوة في عالم اليوم بشكل ملحوظ لصالح الدول والمناطق غير الغربية ويستمر هذا الاتجاه الثابت في التسارع. فقد المجتمع الدولي منذ فترة طويلة التقوى الجامحة للأنماط الاقتصادية والسياسية-الاجتماعية الليبيرالية التي كانت سائدة مطلع القرن الحالي، بينما لا تستطيع أي عملية عسكرية خاصة أن تمحو بشكل كامل الفشل الذريع للولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان من عقول المعاصرين.

شك كبير
إن تغييراً آخر في ناقل الجذب المركزي إلى مسارات الطرد المركزي سيبدأ مع الصين عوضاً عن روسيا. يمكن رؤية علامة انقسام محتمل في الصراع الديبلوماسي الذي اندلع السنة الماضية بين ليتوانيا والصين حين اختارت معظم الدول الأوروبية البقاء خارج الخلاف بين فيلنيوس وبكين فحصرت نفسها في الدعم التصريحي لشركائها الليتوانيين. وتصميم معظم الدول الأوروبية على منح واشنطن دعماً غير مشروط إذا حصل تصعيد في مضيق تايوان هو أمر مشكوك فيه للغاية وفقاً لكورتونوف.

الخلافات آتية
عاجلاً أم آجلاً، ستبرز خلافات حتى من ضمن حلف الناتو حين يتصل الموضوع بالملف الروسي. حتى في الوضع الراهن، تختلف مقاربات فرنسا لحل الأزمة الأوكرانية عن تلك المتبعة في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة بشكل ملحوظ. بمجرد انتهاء المرحلة الحادة من الصراع، يرجح أن تتعمق هذه التناقضات بما أن أعضاء الناتو الأوروبيين مهتمون باستعادة وحدة القارة المنقسمة أكثر من حليفهم في ما وراء البحار.

وأي حدث ضخم يمكن أن يكون عامل تغيير: على سبيل المثال، فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في 2024 أو مجيء سياسي فرنسي مثل مارين لوبن إلى السلطة، أو حتى ابتعاد الدول الأوروبية عن صدام عسكري بين الولايات المتحدة والصين في بحر الصين الجنوبي. وينطبق الأمر نفسه على صراع بين ضفتي الأطلسي حول قضايا تجارية واقتصادية مهمة للطرفين.

على موسكو الاستعداد
مع ذلك، يدعو كورتونوف موسكو ألا تتوقع انقساماً عابراً للأطلسي في المستقبل القريب. سيكون على روسيا الاستعداد لمواجهة مطولة مع الغرب الجماعي المعزز بينما من المرجح أن تفشل محاولة اللعب على التناقضات في الأوضاع بين الولايات المتحدة وأوروبا. ووجد الكاتب أن العالم الحديث، لحسن الحظ، أوسع بكثير من الغرب الجماعي حتى ولو أدرك مؤخراً مصيره التاريخي المشترك.