علما روسيا وأوكرانيا.(أرشيف)
الأحد 22 مايو 2022 / 11:37
خلال الحرب بين أثينا وإسبارطة التي امتدت 27 عاماً، طلب الأثينيون الذين حاولوا تعزيز قبضتهم على بحر إيجه، من جزيرة ميلوس-التي تقع في منتصف المسافة بين أثينا وكريت الاستسلام لهم، لكنها رفضت، لا لأنها تقف مع طرف ضد الآخر، وإنما لأنها لا تدعم أياً منهما.
السبب الأول لإسرائيل كي تبقى محايدة حيال روسيا، بخلاف إسكندينافيا، هو عدم وقوعها ضمن استهدافات روسيا
في مقال له في صحيفة "جيروزاليم بوست"، يقول عاموتز آسا-إيل إن زعماء ميلوس كانوا ساذجين لأن الأثينيين عمدوا إلى تسوية عاصمتهم بالأرض وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال واستعمروا الجزيرة - لكن المفهوم الديبلوماسي الذي تبنوه (الحياد) ازدهر في ما بعد، على رغم تعرضه لضربة قوية هذا الأسبوع.
الحياد الإسرائيليوهذه الضربة- التي تمثلت بتخلي السويد وفنلندا عن حيادهما التاريخي- قد تشكل دليلاً على أن الحياد، الذي سبق أن تم التنديد به على أنه غير أخلاقي، هو أيضاً غير عملي. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل الحياد الإسرائيلي حيال الحرب الروسية-الأوكرانية لا يزال صالحاً؟.
وتم الكشف عن نسخة من الحياد غير الأخلاقي عندما سرت أنباء عن إخفاء البنوك السويسرية لأموال وذهب ضحايا الهولوكست، وهو موقف وصفه كاتب العامود في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان ب"الإحتيال الأخلاقي" عام 1997.
استهدافات رورسياإن السبب الأول لإسرائيل كي تبقى محايدة حيال روسيا، بخلاف إسكندينافيا، هو عدم وقوعها ضمن استهدافات روسيا. وسيكون من الخطأ لإسرائيل أن تضع نفسها في هذا المجال. والسبب الثاني هو القلق على الجالية اليهودية من أصل روسي. إن تسليح أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا قد يشكل تحدياً للمشاعر الروسية المعادية للسامية ويهدد الحرية الدينية وحرية الهجرة التي كسبها اليهود بصعوبة.
ومع ذلك، فإن الوضع مختلف بالكامل عما واجهته إسرائيل عندما سلح الإتحاد السوفياتي أعداءها ومنع اليهود من الهجرة. في تلك السنوات، وصل الأمر إلى خوض معركة جوية بين المقاتلات الإسرائيلية والسوفياتية (في يوليو 1970 فوق مصر).
ويتغذى الحياد الإسرائيلي ليس فقط من السياق الجيوسياسي وإنما أيضاً من خلال الأحداث في الشرق الأوسط. ثمة توافق في إسرائيل على تجنب التدخل في نزاعات عربية داخلية، على عكس القرن الماضي عندما تدخلت إسرائيل في حروب أهلية من الأردن إلى لبنان والعراق. وفي هذا القرن، تنأى إسرائيل عن التدخل في حروب أهلية في ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وأعلنت إسرائيل حيادها من النزاع المصري-الأثيوبي حول سد النهضة على نهر النيل.
حق الاستقلاللكن روسيا هاجمت بلداً بكامله بما في ذلك عاصمته، حارمة على نحو فعلي أوكرانيا من حق الإستقلال، واستهدفت المدنيين بشكل جماعي ومتكرر. وتبدو روسيا في كل ذلك وكأنها حولت النزاع الحدودي إلى مشهد توراتي بين القوة والحق.
وهكذا صار من الصعب الدفاع عن الحياد من الناحية الأخلاقية. ووصلت إسرائيل إلى تسوية فريدة لا تزال تتجنب بموجبها معاقبة روسيا وتسليح أوكرانيا، لكنها نددت بالعدوان الروسي.