الإثنين 23 مايو 2022 / 10:07

بلومبرغ: بايدن يضيّع فرصة الضغط على إيران

رأى الكاتب السياسي في شبكة "بلومبرغ" بوبي غوش أن المتشددين في إيران، وبعدما دربوا جيلين من شعبهم على الهتاف بـ"الموت لأمريكا" عند كل فرصة، ربما بدأوا يتساءلون عن الحكمة من وراء جعل الدعاء بالموت على شخصيات مكروهة رد فعل وطنياً. هتافات بـ"الموت لبوتين" خلال تظاهرات حديثة في طهران ضد غزو أوكرانيا لا وبد وأنها أحرجت نظاماً يجد في الزعيم الروسي حليفاً.

إذا لم تكن طهران تريد التوصل إلى التفاهم حول الاتفاق النووي فعندها ما من منطق في السماح للنظام بملء خزائنه


لكن ذلك لا يقارن بالانزعاج الذي تتسبب به هتافات "الموت لخامنئي" و"الموت لرئيسي" التي تسمع في تظاهرات على امتداد البلاد. مع تسيّس التظاهرات المناهضة لارتفاع أسعار الغذاء والوقود، يوجه المزيد من الإيرانيين غضبهم ضد المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس ابراهيم رئيسي.

التظاهرات ستتوسع
بعد استنفاد عذرهم المعتاد عن أن العقوبات الأمريكية مسؤولة عن كل ما يؤلم إيران، تحرك رجال الدين سريعاً نحو الخطة باء التي يركنون إليها بانتظام: قتل وسجن المتظاهرين وحجب الإنترنت عن المدن التي اندلعت فيها الاحتجاجات. لكن لا الوحشية ولا العرض الحكومي بمساعدات مالية شهرية بقيمة 14 دولاراً للعائلات الأكثر فقراً قمعا الاضطراب.

هنالك كل الفرص الممكنة كي تتوسع التظاهرات بالتوازي مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية حسب غوش. يزيد الجفاف المطول حاجة إيران إلى واردات الحبوب في وقت تكبل الحرب روسيا وأوكرانيا كموردين أساسيين لها. من المرجح أن يصعّد النظام القمع كما فعل في خريف 2019 حين قتل المئات من المتظاهرين.

بايدن لم يستغل الظرف
في ظروف عادية، ستكون هذه فرصة للولايات المتحدة كي تزيد الضغط على النظام في طهران عبر تشديد العقوبات مع احتفاظها برافعة المساعدات الغذائية. لكن إدارة بايدن كانت تفعل عكس ذلك، حيث سمحت لإيران بتحدي العقوبات من دون تداعيات بينما تتشدق وزارة الخارجية الأمريكية بعبارات حول "حقوق (الإيرانيين) بالتجمع السلمي وحق التعبير عن الرأي". منحت الحرب في أوكرانيا إيران مكاسب غير متوقعة من عائدات صادرات النفط إلى الصين بشكل شبه كامل، وهو الشيء عينه الذي كان يفترض بالعقوبات منعه. تفاخر رئيسي بأن الصادرات تضاعفت منذ الصيف الماضي وتتوقع موازنته للسنة المالية القبلة ارتفاعاً في عائدات الصادرات بحوالي الثلث.

حيلة يجب ألا تنطلي على أمريكا
يتم نقل النفط الإيراني من خلال حيلة إطفاء الناقلات أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها من أجل إخفاء مساراتها أو تحويل حمولتها إلى سفن أخرى. إن إدارة أمريكية تولي اهتماماً وثيقاً بالموضوع أمكنها رؤية هذا الخداع بسهولة؛ يستخدم متعقبو ناقلات النفط المحترفون صور الأقمار الاصطناعية لتحديد السفن التي أطفأت أجهزتها. لكن إدارة بايدن اختارت أن تنظر في الاتجاه الآخر. يرجع ذلك جزئياً إلى إعطاء الرئيس الأمريكي أولوية لإحياء الاتفاق النووي. لقد أرادت الإدارة تخفيف بعض العقوبات على أمل أن يبدي الإيرانيون قابلية أكبر للعودة إلى شروط الاتفاق.

سعيدة بالتحلية
كانت طهران سعيدة لقبول التحلية لكنها لم تقدم أي تنازلات بالمقابل. واصلت إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات خطيرة وبناء مخزونها منه. لغاية اليوم، هي ترفض حتى عودة الأمريكيين إلى طاولة المفاوضات. أعطت الحرب في أوكرانيا إدارة بايدن عذراً آخر لتجاهل صادرات إيران المنتهكة للعقوبات: إن إيقافها سينتج آثاراً ضارة على أسعار النفط. مع فرض عقوبات على روسيا التي تمثل مصدراً نفطياً كبيراً، ومع رفض المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة زيادة إنتاجهما النفطي من أجل سد الفجوة، ارتفعت الأسعار. بالرغم من أن بايدن استخدم الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، يدفع الأمريكيون أسعاراً باهظة للحصول على الغاز.

خدمة صينية غير مباشرة لبايدن
أضاف الكاتب سبباً محتملاً آخر لتردد بايدن أمام خنق طهران: يمكن أن يؤدي قطع الإمدادات الإيرانية إلى استعداء بكين، بينما يأمل بايدن من الرئيس الصيني شي جينبينغ إقناع بوتين بإنهاء الحرب. ثمة أدلة قليلة إلى أن شي سيفعل أي شيء من هذا القبيل. لكن الصينيين يقدمون نوعاً مختلفاً من الخدمة ولو بطريقة غير مقصودة. بينما تحتاج روسيا إلى مشترين بدلاء لنفطها الذي لم يعد بإمكانها بيعه إلى الغرب، تستفيد الصين من الأسعار المخفضة بشكل كبير. وذكر غوش أن النفط الروسي أكثر جاذبية لأنه لا يحتاج إلى السفر حول نصف العالم كي يصل إلى الصين، كما هي الحال مع الخام الإيراني. نتيجة لذلك، انخفضت إمدادات إيران إلى الصين خلال الأسابيع الأخيرة.

تحرير بايدن
يجب على ذلك أن يحرر بايدن كي ينهي فترة السماح الطويلة التي قدمها لإيران وأن يصبح جدياً في فرض العقوبات على صادراتها. إذا لم تكن طهران تريد التوصل إلى التفاهم حول الاتفاق النووي فعندها ما من منطق في السماح للنظام بملء خزائنه.