مقاتلة أمريكية.(أرشيف)
مقاتلة أمريكية.(أرشيف)
الأربعاء 25 مايو 2022 / 11:09

عقيد سابق: محاربة الصين بسبب تايوان مناقضة لمصلحة أمريكا

خلال مؤتمر صحافي عقده في طوكيو يوم الاثنين، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام مراسلين إن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً إذا هاجمت الصين تايوان: "هذا هو الالتزام الذي تعهدنا به".

إذا شنت الصين هجوماً مفاجئاً ضد تايوان، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً، فالولايات المتحدة لن تكون مستعدة للحرب وستكون فرصتها في منع بكين من السيطرة بنجاح على تايوان ضئيلة جداً

 تعليقاً على هذا الكلام، دعا الباحث البارز في معهد ديفنس برايوريتيز والعقيد السابق في الجيش الأمريكي دانيال ديفيس الكونغرس إلى التدخل وتأكيد صلاحياته في شن الحروب. فالذهاب إلى حرب مع الصين حين لا يكون الأمن الأمريكي مهدداً سيكون خطأ بتداعيات كارثية محتملة على أمريكا.

للتفكير بسؤال وجيه قبل التحرك
كتب ديفيس في موقع "1945" أن البيت الأبيض حاول التراجع لاحقاً عن تعليقاته، لكن هذه هي المرة الثالثة التي يدلي فيها بايدن بهكذا تصريح، مما يشير إلى أنه قد ينوي الذهاب إلى قتال بكين بسبب تايوان إذا هاجمتها الصين. سارع اثنان من منتقدي بايدن السابقين إلى دعم الرئيس مشجعين إياه على المضي أبعد من ذلك.

قال السيناتور توم كوتون الذي غالباً ما اصطدم ببايدن إن الرئيس كان محقاً وإنه يجب عليه التخلص من سياسة الغموض الاستراتيجي التي امتدت عقوداً واعتناق سياسة "الوضوح الاستراتيجي" عوضاً عنها. وزعم كوتون أن "القوة العسكرية هي أفضل وسيلة لردع الصين". كان الجنرال السابق ذو النجوم الأربعة جاك كين أكثر صراحة حين قال لجمهور شبكة فوكس نيوز إن الرئيس الصيني شي جين بينغ "يحتاج إلى فهم أننا، في الواقع، سندافع عن تايوان".

يرى ديفيس أن معارضة بايدن وكوتون وكين لأي خطوة صينية للسيطرة على تايوان بالقوة مفهومة تماماً لكن ينبغي الإجابة على سؤال قبل أي تفكير باستخدام القوات الأمريكية المسلحة ضد دولة أخرى: ما هو الخطر المحدق بالأمن القومي الأمريكي؟

ليست "أداة"
يشير الكاتب إلى أن القوات المسلحة ليست "أداة" في فن الحكم، أي إنها ليست وسيلة للحصول على نتائج مفضلة. ثمة سبب لتسميتها وزارة "الدفاع". إن الجيش الأمريكي موجود للدفاع عن أمريكا وشعبها، لا لاستخدام القوة الفتاكة ضد أي أحد أو أي دولة تتبع سياسات لا يحبها السياسيون أو حتى يكرهونها. إن الذين يجادلون لصالح تخلي بايدن عن سياسة الغموض الاستراتيجي ويقولون بوضوح إن على الولايات المتحدة الذهاب إلى حرب مع الصين إذا هاجمت تايوان يفشلون في أخذ عاملين مهمين جداً بالاعتبار.

من الأقوى؟
يذكّر ديفيس بما كتبه السنة الماضية عن أنه إذا شنت الصين هجوماً مفاجئاً ضد تايوان، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً، فالولايات المتحدة لن تكون مستعدة للحرب وستكون فرصتها في منع بكين من السيطرة بنجاح على تايوان ضئيلة جداً. بالرغم من أن القوة العالمية التراكمية بين الجيشين الأمريكي والصيني تصب بشكل واضح في صالح الولايات المتحدة، يبقى أن ميزان القوى في مضيق تايوان هو لصالح الصين بشكل كبير. سيكون من الحماقة أن تقاتل واشنطن جيشاً صينياً مستعداً حين تكون الظروف غير مؤاتية لتدخل ناجح. لكن ثمة عامل أهم ربما يجب التفكير فيه.

الدستور واضح
لا يملك الرئيس السلطة لأخذ الولايات المتحدة إلى الحرب. لا يستطيع بايدن بنفسه أن يقرر ضرورة دخول الولايات المتحدة الحرب دفاعاً عن تايوان. كقائد أعلى للقوات المسلحة، يتمتع بايدن بسلطة قيادة القوات في الميدان، لكن البند الحادي عشر من القسم الثامن من المادة الأولى في الدستور يمنح هذه السلطة صراحة إلى الكونغرس.

يوضح قانون سلطات الحرب لسنة 1973 أنه يمكن للرئيس استخدام القوة فقط في حالة شن "هجوم على الولايات المتحدة، أراضيها أو ممتلكاتها، أو قواتها المسلحة" أو في حال كان هذا الهجوم وشيكاً. ومهما كان الأمر مقيتاً لأي مسؤول أمريكي، إن هجوماً صينياً على تايوان لن يلبي هذا المعيار وبالتالي ليس من صلاحية الرئيس اتخاذ هذا القرار ضد الصينيين.

قبل الذهاب للحرب... سؤال منطقي آخر
أضاف ديفيس أن الولايات المتحدة تتمتع بالكثير من نقاط النفوذ التي يمكن استخدامها لفرض كلفة كبيرة على بكين مثل العقوبات المالية. لكن بشكل أكثر تحديداً، يمكن للولايات المتحدة والكونغرس تشجيع تايبيه على التحرك بحزم أكبر لبناء دفاعاتها. لدى واشنطن قانون العلاقات مع تايوان لدعم قدرات تايبيه في الدفاع عن نفسها. لكن يجب أيضاً الإصرار على أن تقوم تايبيه ببذل كل الجهود الممكنة لتوفير أمنها. وهذا ما لا يحصل حالياً.

تنفق الحكومة التايوانية نسبة زهيدة من ناتجها المحلي الإجمالي تبلغ 1.7% على دفاعها القومي. وبعض وحداتها القتالية في الخطوط الأمامية مشغولة بنسبة 60% فقط بسبب صعوبة تجنيد ما يكفي من القوات. ورأى ديفيس أنه من المنطقي التساؤل عن سبب مخاطرة الولايات المتحدة بالذهاب إلى حرب مع الصين المسلحة نووياً بالنيابة عن جزيرة تنفق القليل جداً من الأموال على دفاعها الخاص.

مناقض لمصلحة أمريكا
ثمة أسباب كثيرة تجعل من مصلحة الولايات المتحدة عدم ذهاب الصين وتايوان إلى الحرب، ويجب أن تكون واشنطن هجومية في السعي إلى أساليب لتفاديها. لكن ما لم يتعرض الأمن القومي الأمريكي للتهديد المباشر من قبل الصين، إن الانخراط في صراع يمكن أن يصبح نووياً سيكون مناقضاً للمصالح الأمريكية. لا شيء يستحق ذلك، ختم ديفيس.