أعلام لبنانية في تظاهرات انتفاضة 17 أكتوبر.(أرشيف)
أعلام لبنانية في تظاهرات انتفاضة 17 أكتوبر.(أرشيف)
الأربعاء 25 مايو 2022 / 12:33

فايننشال تايمز: اختلافات الرؤى بين النواب المستقلين في لبنان تنذر بانقسامات

تعليقاً على نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية، رأت صحيفة "فايننشال" البريطانية أن الانتصارات التي حقّقها المرشّحون المستقلّون من شأنها أن تُربك النظام السياسي في البلاد، وتغيّر المشهد السياسي اللبناني، الذي طالما هيمنت عليه النخب الراسخة.

إذا توحّدوا كمجموعة، يمكنهم إعادة الحياة للبرلمان الذي اختطفته الأحزاب السياسية الحاكمة، وجعلته مجرد برلمان مصادق عليه

واعتبرت الصحيفة أن فوز الوافدين الجدد من أصحاب الفكر الإصلاحي، يمثل "هزّة" في الوضع القائم الذي طالما هيمنت عليه النخب السياسية.
وقال النائب الجديد إبراهيم منيمنة للصحيفة: "لقد منحنا الناس الأمل للمرة الأولى منذ زمن طويل".

ومنيمنة هو واحد من النواب الـ13 الجدد المرتبطين بحركة 17 اكتوبر (تشرين الأول) الاحتجاجية التي اجتاحت لبنان، حيث كان الاقتصاد الهش للدولة على شفا الانهيار.

وأضافت الصحيفة أن هؤلاء النواب هم أطباء ومحامون وأساتذة ونشطاء، "فازوا مجتمعين بأصوات من نصف أحياء الدولة، وعبر الناخبين المنقسمين دينياً واجتماعياً".

تحوّل مهم في المشهد السياسي
وأكدت أن انتصار النواب المستقلّين أفقد "حزب الله" وحلفاءه الأغلبية البرلمانية، في المجلس المكوّن من 128 عضواً، حيث لم يفز أي حزب أو تكتل بالأغلبية الصريحة، وسوف تكون هناك مباحثات طويلة من أجل تشكيل الحكومة.

واعتبر محلّلون أن ظهور النواب المستقلين يمثل تحولاً مهماً في بلد، طالما هيمن عليه أمراء الحرب السابقون، وورثة السلالات السياسية، أو أولئك المدعومون بأموال أجنبية.

فوز مفاجئ
وقال سامي عطا الله، المدير المؤسس لمركز "المبادرة السياسية"، الذي يراقب عمل البرلمان ومقره بيروت: "هذه المرة الأولى التي نرى فيها 13 مواطناً عادياً يقتحمون السلطة، هؤلاء هم المواطنون العاديون الذين نستطيع أن ننتمي إليهم".

ورأت الصحيفة أن فوز المرشحين المرتبطين بثورة "17 اكتوبر" بأكثر من ثمانية مقاعد، كانت مفاجئة، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية اللبنانية غالباً ما يشوبها التزوير وشراء الأصوات.

وأضافت أن فوز منيمنة "كان مثيراً للدهشة، خاصة أنه كان مرشّحاً في بيروت، حيث هيمنت الأحزاب خلال السنوات الثلاثين الماضية، وفي يظل مقاطعة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وتيار المستقبل التي يتزعمها الانتخابات، احتجاجًا على النفوذ الإيراني الواضح في البلاد".

وقال منيمنة: "لأن الحريري لم يفرض رأيه على الناخبين لأول مرة، فإن الناس بدأوا في التفكير والحوار السياسي الصحي حول كيفية اختيار النواب"، مضيفًا أن هذه النقاشات كانت "محمومة بغضب واسع تجاه النخبة الحاكمة، خاصة في صفوف الشباب اللبناني، الذي سيحمل عبء انهيار الدولة".

وعود وانقسامات

ووعد العديد من المرشّحين المستقلين المناهضين للمؤسسة الحاكمة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية خلال حملاتهم الانتخابية، لكنهم أجمعوا على إعطاء الأولوية لإصلاح الاقتصاد المنهار في البلاد. كما وعد معظمهم بتحقيق العدالة لأقارب القتلى أو المصابين في انفجار ميناء بيروت عام 2020، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف.

وقال محللون إن قدرة المستقلّين على المضي قدمًا في الإصلاحات تعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان بإمكانهم العمل كفريق واحد. كما حذّر الخبراء من إضفاء الطابع الرومانسي على قوة المعارضة، بالنظر إلى أن السلطات الحاكمة لا تزال تهيمن على البرلمان.

وقال عطالله: "إذا توحّدوا كمجموعة، يمكنهم إعادة الحياة للبرلمان الذي اختطفته الأحزاب السياسية الحاكمة، وجعلته مجرد برلمان مصادق عليه".
إلا أن الصحيفة، أشارت في الوقت نفسه، إلى أن وجهات نظر النواب المستقلين حول القضايا الأكثر استقطاباً في لبنان، وأبرزها: سلاح "حزب الله"، وقضية اللاجئين، وعدم وضوح رؤيتهم إزاء إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والاقتصاد، يهدّد بانقسامات بينهم.

من جانبها، قالت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت: "لم يكن هناك ما يكفي من العمل قبل الانتخابات، من أجل توحيد الأفكار بين المرشحين المستقلين؛ هناك قضايا رئيسية يجب الوصول إلى حلول لها في لبنان، ومن الواضح أن المرشحين المستقلين ليسوا متحدين حيالها".